كشفت مصادر أمنية عراقية عن ضغوط إيرانية على صلة بالحرس الثوري، تقف خلف تصنيف التيار السلفي (المدخلية) في العراق كـ"حركة بالغة الخطورة"، في سياق ما وصفته بأنه تحرك منسق لإعادة تشكيل المشهد السني بما يخدم مصالح قوى مقربة من طهران.
وقال مصدر أمني رفيع لـ"إرم نيوز"، فضّل عدم الكشف عن اسمه، إن "قرار الحظر لم يصدر بناء على تقييم أمني داخلي محض، بل جاء نتيجة ضغوط غير مباشرة مارستها جهات على صلة بالحرس الثوري الإيراني، استهدفت مستشارية الأمن القومي".
وأضاف أن "تلك الجهات قدمت تقارير تحذر من الفكر السلفي التقليدي المنتشر في بعض المساجد والمؤسسات الدينية، في محاولة لإفساح المجال أمام جماعات دينية مدعومة من طهران".
وبحسب المصدر، لم تقتصر الضغوط على مستشارية الأمن القومي، بل امتدت لتشمل نوابًا في الإطار التنسيقي، إضافة إلى دوائر في ديوان الوقف السني، وُجهت لرفع تقارير توصي باتخاذ خطوات احترازية ضد نشاط التيار السلفي.
وأشار المصدر إلى أن "أجهزة استخبارية لعبت دورًا في تضخيم بعض التحركات الدعوية للسلفيين، ووصفتها بأنها تشكل بيئة مرشحة للتطرف، ما ساهم في تعزيز قرار التصنيف".
وأثار القرار جدلًا واسعًا في الأوساط العراقية، وسط تنامي المخاوف من أن يكون مقدمة لتدخلات أمنية ميدانية تستهدف شيوخ دين وأئمة مساجد على خلفية فكرية، دون تمييز بين من يتبنى خطابًا متشددًا ومن يلتزم بالمنهج التقليدي، وفق مراقبين.
ورأى الخبير في الشأن الأمني سيف رعد أن قرار تصنيف التيار السلفي، وتحديدًا المدخلي، كحركة متطرفة "متسرع، ويفتقر إلى تقييمات أمنية دقيقة"، مشيرًا إلى أنه "يشوبه الكثير من الغموض، وتحيط به أبعاد سياسية واضحة".
وقال رعد لـ"إرم نيوز" إن "السلفية في العراق لم تكن تيارًا مسلحًا أو متمردًا على الدولة، بل عُرفت بالدعوة إلى الاستقرار وتجنب الصدام مع الجهات الرسمية"، مؤكدًا أن التيار "ساند الحكومات المتعاقبة، وشجع الشباب على الانخراط في مؤسسات الدولة بدلًا من مواجهتها".
وأضاف أن "الأجدر بالحكومة أن تراجع مواقفها تجاه تيارات تعلن تبعيتها لجهات خارجية، مثل فكر ولاية الفقيه، بدلًا من استهداف تيار ديني كالسلفية المدخلية، التي طالما انسجمت مع رؤية الدولة وأكدت احترام النظام العام وعدم الخروج على السلطة".
واستقبل مستشار الأمن القومي العراقي وعضو منظمة بدر، قاسم الأعرجي، الخميس، الشيخ سعد النايف، أحد أبرز رموز السلفية في العراق، برفقة عدد من شيوخ ووجهاء الأنبار وصلاح الدين، في لقاء اعتُبر رسالة لاحتواء التوترات المجتمعية.
وذكر بيان رسمي أن اللقاء تناول "سبل دعم السلم الأهلي وتعزيز التنسيق بين رجال الدين والقوات الأمنية، بما يسهم في ترسيخ الأمن والاستقرار، خصوصًا في المناطق التي شهدت توترات سابقة".
ولا يزال الغموض يلف آلية تطبيق قرار تصنيف السلفية كـ"تيار متطرف"، وسط تساؤلات حول ما إذا كان سيُنفذ بشكل موحد في عموم البلاد أم يُترك لتقدير اللجان المحلية المعنية بمكافحة التطرف.
كما لم تُوضح السلطات بعد طبيعة الإجراءات المرتقبة بحق المنتمين للتيار، سواء كانت تشمل ملاحقات قانونية وعقوبات جنائية، أم تقتصر على فرض قيود على النشاط الدعوي والخطاب الديني المرتبط به.