الجيش الإسرائيلي: استعدنا خلال "عربات جدعون" 10 جثامين لإسرائيليين كانوا محتجزين في غزة
لا تزال محافظة ذي قار تمثل مركز توتر سياسي وأمني في العراق، إذ تعيش على وقع ملاحقات تطال أبرز وجوه الحراك التشريني وتثير مخاوف من عودة سيناريو الاحتجاجات الشعبية.
وأثار الحكم الصادر بحق الناشط إحسان الهلالي المعروف بـ"أبو كوثر"، والقاضي بسجنه خمسة عشر عاماً، ردود فعل واسعة بين أوساط الناشطين والمدونين، لا سيما أنه جاء متزامناً مع حملة اعتقالات طالت عدداً من أفراد عائلته، ما فتح الباب أمام تأويلات تتعلق بطبيعة التعاطي الرسمي مع ملفات التظاهرات السابقة.
وشهدت الأيام الأخيرة اعتقال شقيق "أبو كوثر"، أحمد الهلالي في السليمانية على يد قوة خاصة، وذلك بعد لجوئه إلى هناك هرباً من الملاحقات الأمنية، فيما تحدثت والدته عن تعرض العائلة لسلسلة استهدافات، ووصفت ما يجري بأنه "مؤامرة" تهدف لإسكات أصوات الاحتجاج.
بدوره، قال الناشط في الاحتجاجات الشعبية، محمد عبد الكريم إن "الأوضاع في محافظة ذي قار بدأت تتوتر منذ تغيير عدد من القيادات الأمنية قبل عدة أشهر، وهو ما تلاه تفعيل لعدد من الشكاوى بحق المتظاهرين، أغلبها شكاوى كيدية"، بحسب تأكيده.
وأضاف عبد الكريم لـ"إرم نيوز" أن "هناك استهدافاً واضحاً لعدد من الناشطين الفاعلين، رافقته ممارسات أمنية مستفزة، من بينها تصريحات تصعيدية لقائد الشرطة واحتجاجات رداً على تلك الممارسات، فضلاً عن وقوع احتكاكات ميدانية ساهمت في تأزيم الشارع".
ورأى أن "ما يجري يؤثر على الوضع الاجتماعي في المدينة ويزيد من هشاشة العلاقة بين المواطن والسلطة، في وقت تمر فيه البلاد بحالة ترقب إقليمي، دون أن تُظهر القيادات السياسية والإدارية في المحافظة إدراكاً لحساسية الموقف".
ويعد الناشط إحسان أبو كوثر أحد أبرز المشاركين في احتجاجات ساحة الحبوبي بمدينة الناصرية، وقد أُدين وفق المادة 405 من قانون العقوبات العراقي بقتل شخص خلال صدامات دامية وقعت في نوفمبر تشرين الثاني 2020 بين متظاهرين وأتباع التيار الصدري، وأسفرت عن مقتل سبعة أشخاص وجرح العشرات.
ورغم أن الحكم جاء بعد سنوات من الحادثة، فإن توقيته وما رافقه من مداهمات واعتقالات شملت أشقاء أبو كوثر، أثار ردود فعل غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ عدّه ناشطون محاولة لإخماد ما تبقى من الحراك الشعبي في المحافظة.
وبحسب مصادر محلية، فإن منزل العائلة تعرض للمداهمة مرتين خلال أقل من أسبوعين، وشهد عمليات اعتقال ومصادرة لبعض الممتلكات، وهو ما اعتبرته العائلة إجراءات استفزازية تهدف لترويعهم رغم أن ابنهم قيد الاعتقال منذ أسابيع.
وشهدت محافظة ذي قار خلال الأشهر الأخيرة احتجاجات متفرقة، كان أبرزها تظاهرات المعلمين التي رافقتها إجراءات أمنية مشددة واستخدام للقوة، ما اعتبره مراقبون استمراراً في استخدام الحلول الأمنية بدلاً من الاستجابة للمطالب الاجتماعية.
بدوره، أكد الناشط في مجال حقوق الإنسان، وسام العبدالله أن "الطريقة التي يُدار بها ملف الاحتجاجات في ذي قار تثير تساؤلات عديدة، خصوصًا في ما يتعلق بتكثيف الإجراءات تجاه بعض العوائل والناشطين بشكل متكرر".
وأضاف العبدالله لـ"إرم نيوز" أن "الشارع بدأ يشعر بوجود فجوة متزايدة بين المواطنين والمؤسسات، لا سيما حين يُنظر إلى تطبيق القانون على أنه موجّه لفئة دون غيرها، في حين تبقى ملفات كثيرة عالقة بلا حسم واضح، وهذا ما قد يؤثر سلبًا على ثقة الناس بالمسار الرسمي".
وأشار إلى أن "المطلوب في هذه المرحلة هو تبني أساليب تهدئة تنطلق من الحرص على الاستقرار، مع ضمان احترام الحقوق وعدم الوقوع في تأويلات قد تُشعر الناس بأن هناك استهدافًا بدوافع غير قانونية".
ويرى مختصون أن ذي قار لا تزال تعاني من إرث الاحتجاجات التي اندلعت عام 2019، دون حلول جذرية تنهي التوتر القائم بين السلطات والمجتمع المحلي، في وقت يتطلب فيه المشهد العراقي عموماً مقاربات أكثر هدوءاً واحتواءً، بعيداً عن التصعيد والانزلاق إلى مواجهات جديدة قد تعيد إنتاج أزمات سابقة بوجوه مختلفة.