يرى الإعلام العبري، أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول قطاع غزة وحماس، تزيد من تعقيدات موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يعيش أزمة داخلية تضعه بين ناري استكمال الحرب ضد حماس أو الرضوخ لأهالي المعتقلين ومتابعة صفقة الرهائن.
وتقول صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن "حماس رفضت طلب الرئيس الأمريكي بالإفراج عن جميع المحتجزين، بينما وافقت إسرائيل فعليًا على الإفراج عن 3 كما اتفق عليه مسبقًا، لكن ترامب يواصل إطلاق تصريحات تحاصر نتنياهو وتحرجه مع اليمين خاصة سموتريتش وبن غفير".
وهدد ترامب، مساء الجمعة، باتخاذ موقف "متشدد" تجاه غزة، يوم السبت، بعدما رفضت حركة "حماس" مطالبه بتسليم جميع الرهائن "دفعة واحدة"، وأعلنت التزامها بإطلاق سراح 3 رهائن فقط.
وقال ترامب للصحفيين في المكتب البيضاوي: "لا أعرف ماذا سيحدث في الساعة 12 ظهراً"، في إشارة إلى الموعد النهائي الذي حدده في وقت سابق من هذا الأسبوع، مضيفا أن "الجحيم يجب أن ينزل على غزة إذا لم يتم إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين بحلول ظهر يوم السبت".
لكن ترامب أكد أنه "لا يعلم بما ستفعله إسرائيل"، وأكد أن موقفه غير ملزم لإسرائيل.
وترى الصحيفة أن "نتنياهو حافظ حتى اللحظة الأخيرة على غموض متعمد بشأن موقف إسرائيل من موافقتها على إطلاق سراح 3 من المحتجزين السبت، وهو اتفاق تم بالفعل الموافقة عليه مع الإفراج المتوقع عن 369 أسيرًا كجزء من الاتفاق".
واستدركت قائلة في تقرير لها: "لكن الضغط من اليمين دفع مكتب نتنياهو إلى نشر بيانات مربكة وغامضة طوال الأسبوع"، على حد وصفها.
يأتي ذلك في ظل ضغط من شركاء نتنياهو في اليمين، الذين يدعونه لتبني الموعد النهائي الصارم الذي اقترحه الرئيس الأمريكي ترامب على حماس، بإطلاق سراح جميع المحتجزين قبل الساعة 12:00 من يوم السبت، وإلا "ستُفتح أبواب الجحيم" على غزة، كما قال ترامب.
وتقول "يديعوت أحرونوت" إن "ترامب أكد أن هذا هو اقتراحه لإسرائيل وأنها ليست ملزمة باتباعه، لكنه يواصل الإصرار على أنه الطريقة الصحيحة بقوله: لو كان الأمر بيدي، كنت سأتخذ موقفًا شديدًا جدًا، لكنني لا أعرف ماذا ستفعل إسرائيل".
وأضاف ترامب: "أفهم أن حماس قد غيرت موقفها تمامًا، نتنياهو يريد إطلاق سراح المحتجزين، أعتقد أنه يجب على حماس إطلاق سراح الجميع، لكن الأمر يعتمد على ما سيفعله نتنياهو".
وترى الصحيفة أن "ترامب وضع نتنياهو في موقف محرج، حيث من الواضح لرئيس الوزراء أن حماس لن تقبل هذا الطلب، وأن الإصرار على إطلاق سراح جميع المحتجزين دفعة واحدة يعني فعليًا تفجير الصفقة بأكملها".
وسلطت الصحيفة الضوء على ما اعتبرتهما "حدثين أثرا على طريقة عمل مكتب نتنياهو: الأول هو إعلان حماس يوم الإثنين عن تعليق المرحلة الحالية من الصفقة، وهو إعلان تسبب في الأزمة التي تم حلها بالفعل بوساطة قطر ومصر؛ والثاني هو الإنذار النهائي من ترامب لحماس بشأن إطلاق سراح جميع المحتجزين".
وتقول الصحيفة: "إلى حد كبير، سمح الإعلان الأحادي من حماس لنتنياهو بأن يثبت لليمين أنه لا يتراجع، وأنه يهدد بجدية بتجديد الحرب على غزة، بل وبشدة أكبر. لكن وفقًا لمصدر رفيع في الحكومة، فإن إعلان ترامب هو الذي عقّد الوضع لإسرائيل دون أن يقصد ترامب ذلك على الإطلاق".
وتؤكد الصحيفة العبرية أن "حقيقة أن ترامب وضع إنذارًا نهائيًا لحماس لم تطلبه إسرائيل أو كانت تنوي طلبه، وضعت مكتب نتنياهو في مشكلة"، مضيفة "هذا هو السبب في أن نتنياهو وأعضاء مكتبه رفضوا التحدث عن أعداد المحتجزين أو حتى المطالبة بإطلاق سراح أكثر من 3 محتجزين في هذه المرحلة".
ونقلت الصحيفة عن مصدر رفيع في اليمين قوله "إن نتنياهو خرج في نهاية المطاف بيد فارغة: ترامب وضع سقفًا مرتفعًا لإطلاق سراح جميع المحتجزين، بينما اكتفى نتنياهو، بعد كل التهديدات والتقارير عن تعبئة الاحتياط والتأهب الأمني المتزايد، في النهاية بالقائمة التي أرسلها حماس في الظهر، مع 3 محتجزين فقط".
ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسي قوله إنه "يبدو أن إسرائيل في النهاية ستخرج خاسرة من هذه القصة. في البداية كانوا يظهرون وكأنهم يتماشون مع الإنذار النهائي من ترامب، وفي النهاية يكتفون بثلاثة محتجزين".
وأضاف المصدر السياسي أن "حماس كانت قد تراجعت بالفعل. الضغط الأمريكي كان له تأثير. لكن إسرائيل لم تتمكن من استغلال هذه الفرصة"، حسب قوله.
واعتبرت "يديعوت أحرونوت" أن "هذه الوضعية تخنق نتنياهو سياسيًا. فهو يريد عودة بن غفير إلى الحكومة، لكن الأخير حالياً يحاصر نتنياهو داخل اليمين المتشدد ويدّعي أن سياسته في الصفقة تبث الضعف".
على الناحية الأخرى، ترى الصحيفة أن "الوزير سموتريتش شعر بالفعل برائحة بارود الحرب في سماء غزة، لكن في النهاية يكتشف أيضًا أن إسرائيل تعود للتعامل مع حماس كما كانت الحال سابقًا. وهذا أيضًا هو السبب في أن تصريحات رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن، النائب يولي إدلشتاين، أثارت غضبًا كبيرًا في مكتب رئيس الوزراء".
وكان إدلشتاين قد قال أمس، خلال جلسة في الكنيست، إن إسرائيل أصبحت بالفعل في المرحلة الثانية من صفقة المحتجزين. والمعنى السياسي لذلك هو تفكيك الحكومة: لأن سموتريتش هدد بالاستقالة إذا لم تُستأنف الحرب بعد المرحلة الأولى في بداية مارس، وفق الصحيفة.
المتحدث باسم نتنياهو، عومر دستري، سارع إلى نفي ذلك بقوله: "على عكس ما ادعى النائب إدلشتاين – إسرائيل لا تجري حاليًا مفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الصفقة".
وتتساءل الصحيفة "كيف ستنتهي هذه القضية؟ نتنياهو يسير على حبل مشدود والمزاج العام يدعم استكمال صفقة المحتجزين إلى المرحلة التالية. وفقًا للاستطلاعات، هناك أغلبية في الجمهور تؤيد ذلك".
ورأت أنه "من الناحية السياسية، نتنياهو في مأزق. فهو في معضلة كبيرة بسبب كيفية استكمال صفقة الرهائن دون أن يخسر الحكومة واستمراريته السياسية. هذان الأمران لا يتوافقان بالضرورة".
واعتبرت الصحيفة أن "أحد الحلول المحتملة هو الجهد الإسرائيلي لتسريع إطلاق سراح الستة المختطفين الأحياء المتبقين في إطار المرحلة الأولى من الصفقة، بعد الإفراج عن الثلاثة المختطفين اليوم".
ونقلت عن مصدر سياسي قوله: "نحن نعمل بتنسيق كامل مع الولايات المتحدة بهدف إخراج أكبر عدد ممكن من المحتجزين الأحياء، في أسرع وقت ممكن، ونحن نعتزم استغلال هذه الفرصة حتى النهاية. بعد ذلك - جميع الخيارات مفتوحة".