logo
العالم العربي

مسيحيو العراق في الانتخابات.. ميليشيات تخطف التمثيل ونداءات لحماية الاستقلالية

دعايات انتخابية في شوارع بغدادالمصدر: أ ف ب

عاد الجدل في العراق حول مقاعد "الكوتا" المسيحية، في ظل اتهامات متصاعدة لجماعات سياسية وميليشيات مسلحة بالسعي للهيمنة على تمثيل المكون، وسط دعوات من الكنيسة الكلدانية إلى حماية استقلالية القرار الانتخابي للمسيحيين.

ويُخصص للمكون المسيحي 5 مقاعد نيابية فقط ضمن نظام "الكوتا" المعتمد في قانون الانتخابات، توزع بواقع مقعد واحد في كل من بغداد، ونينوى، وكركوك، وأربيل، ودهوك.

ويتنافس على هذه المقاعد أكثر من 30 مرشحاً بين مستقلين وممثلين عن أحزاب وتكتلات مسيحية، في وقت يتيح فيه النظام الانتخابي لجميع العراقيين التصويت لمرشحي "الكوتا" بغض النظر عن انتمائهم الديني أو المناطقي؛ ما يثير مخاوف من تحكم قوى كبرى بالنتائج عبر توجيه أصوات ناخبيها.

أخبار ذات علاقة

 لوحات إعلانية انتخابية للمرشحين في بغداد

رغم انطلاق الحملات الدعائية.. شبح التأجيل يلاحق الانتخابات العراقية

تدخل ميليشيات مسلحة

وفي بيان حاد اللهجة، اتهم بطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق والعالم، الكاردينال لويس روفائيل ساكو، بعض الميليشيات المسلحة بمحاولة "خطف التمثيل المسيحي" في البرلمان المقبل، مشددا على أن الكنيسة ترفض أن يُمثل المسيحيون من قبل "أشخاص فاسدين أو جماعات مسلحة تتحكم بمقدّراتهم وتسيطر على بلداتهم في سهل نينوى".

وقال ساكو في بيانه، إن الكنيسة الكلدانية "لن تبيع نفسها ولن تستسلم للظلم"، داعيًا المسيحيين إلى "المشاركة الكثيفة في الانتخابات المقبلة، والتصويت لمن يُشهد له بالنزاهة ويحترم التعددية، بعيدا عن أي تبعية أو استغلال سياسي".

وأشار إلى أن الحكومة العراقية والمفوضية لم تستجيبا لمطالب الكنيسة والأحزاب المسيحية بحصر التصويت في المكوّن المسيحي فقط، معتبراً أن ذلك "الفشل الحكومي المتكرر منذ أكثر من 15 عاماً ساهم في إضعاف تمثيل الأقليات وتركها عرضة للتهميش".

أخبار ذات علاقة

yandex.com

فوضى الميليشيات.. ماذا وراء التغلغل الإيراني في "سهل نينوى" بالعراق؟

مساومات داخل البرلمان

بدوره، قال رئيس حركة الرافدين النائب السابق يونادم كنا، إن "مقاعد الكوتا المخصصة للمسيحيين تحولت في الدورات الأخيرة إلى أداة بيد كتل سياسية نافذة تسعى لاستخدامها في المساومات وتوسيع نفوذها داخل البرلمان".

وأضاف كنا لـ"إرم نيوز"، أن "بعض القوى تحاول إيصال مرشحين مسيحيين محسوبين عليها عبر توجيه أصوات ناخبيها؛ ما يجعل المقعد المسيحي مرتبطا بكتلة أكبر، وليس بالمكون الذي فرضت من أجله الكوتا".

وأوضح أن هذا "الاختلال في فلسفة الكوتا ناتج عن السماح لجميع العراقيين بالتصويت لمقاعد الأقليات"، مؤكدا أن "تصحيح هذا الخلل يتطلب تعديلًا قانونياً عاجلاً يضمن أن يُنتخب ممثلو المكون المسيحي من ناخبين مسيحيين فقط".

ويخشى مسيحيون أن تتكرر سيناريوهات الدورات السابقة حين فاز مرشحون لم يحصلوا إلا على بضعة آلاف من الأصوات المسيحية مقابل دعم واسع من ناخبين من مكوّنات أخرى.

 ويؤكد ناشطون أن استمرار هذا الواقع "سيجعل الكوتا بلا معنى، ويكرس تبعية التمثيل المسيحي لقوى لا تعبّر عن مصالحه".

دعم إيراني

من جانبه، قال الباحث السياسي عبدالله الركابي إن "تحالف الإطار التنسيقي يدعم بشكل واضح حركة بابليون بزعامة ريان الكلداني، باعتبارها الواجهة التي تمكنه من التأثير في ملف الكوتا المسيحية، وتوظيفه ضمن تحالفات ما بعد الانتخابات".

وبين الركابي في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "تحالف الإطار التنسيقي مع بابليون ليس جديداً، لكنه أكثر وضوحاً في هذه الدورة بسبب التنافس على كسب الشرعية الوطنية أمام القوى المدنية والتيارات الإصلاحية"، مضيفًا أن "دعم ريان الكلداني من قِبل الإطار يأتي في سياق بناء تحالفات ما بعد النتائج، خصوصاً في المحافظات المختلطة مثل نينوى وبغداد".

وريان الكلداني، زعيم ميليشيا بابليون ضمن صفوف "الحشد الشعبي" يعد من أبرز الشخصيات المثيرة للجدل في الساحة المسيحية العراقية؛ إذ تفرض عليه وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات منذ عام 2019 بتهمة "الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان".

ورغم إدراجه على لوائح العقوبات، تمكن الكلداني من الاحتفاظ بنفوذه السياسي والعسكري مستفيداً من تحالفه الوثيق مع قوى الإطار التنسيقي، لا سيّما منظمة بدر وكتائب حزب الله، ليصبح – وفق مراقبين – الممثل الأبرز للمكوّن المسيحي في البرلمان، وإن كان بدعم أصوات غير مسيحية.

 حصر التصويت

وفي مواجهة ريان الكلداني، يبرز الكاردينال لويس روفائيل ساكو كضد نوعي سياسي وروحي داخل المشهد المسيحي؛ إذ يسعى منذ سنوات إلى استعادة استقلال القرار المسيحي وإبعاده عن التأثيرات الحزبية والميليشياوية.

ويُعد ساكو من أبرز الأصوات المدافعة عن حصر التصويت في "الكوتا" بالمسيحيين فقط، لضمان أن يكون الفائز ممثلاً حقيقياً لهم، لا نتيجة تصويت موجه من قواعد انتخابية خارج المكون.

وواجه المسيحيون في العراق على مدى العقدين الماضيين موجات متلاحقة من التهجير والعنف والاستهداف الممنهج، خصوصاً بعد عام 2003 ثم اجتياح تنظيم "داعش" لبلداتهم في سهل نينوى عام 2014؛ ما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف منهم داخل البلاد وخارجها.

وبعد أن كان عددهم يُقدر بأكثر من مليون ونصف المليون نسمة قبل الغزو الأمريكي، تشير تقديرات كنسية وأممية حديثة إلى أن عدد المسيحيين المتبقين في العراق لا يتجاوز 250 - 300 ألف شخص فقط، أغلبهم في محافظات نينوى وأربيل ودهوك وبغداد.

أخبار ذات علاقة

السوداني يدلي بصوته خلال انتخابات سابقة في العراق

"بدر" تنسحب والعصائب تنشق.. "خريف التحالفات" يهز الإطار التنسيقي العراقي

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC