منذ بدء الحرب على قطاع غزة سرّعت إسرائيل من إجراءاتها في الضفة الغربية لوضع اليد على مساحة أكبر من الأراضي وتوسيع المستوطنات.
ورغم أن المخططات الاستيطانية لم تتوقف حتى قبل اندلاع الحرب، فإن المراقبين يرون أن إسرائيل صعّدت عمليات الاستيلاء والمصادرة خلال الأشهر الـ 24 الأخيرة لتشمل عشرات آلاف الدونمات.
هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية كشفت عن استيلاء السلطات الإسرائيلية على أكثر من 52 ألف دونم من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، منذ الـ7 من أكتوبر تشرين الأول 2023.
وأوضحت الهيئة، التابعة للسلطة الفلسطينية، في بيان لها في مارس/ آذار الماضي، أن إسرائيل أصدرت منذ الـ7 من أكتوبر 2023 ما مجموعه 13 أمرًا عسكريًّا لإنشاء مناطق عازلة حول المستوطنات، وأقامت 60 بؤرة استيطانية جديدة في الضفة الغربية.
من بين الـ 52 ألف دونم التي تم الاستيلاء عليها، هناك 46 ألف دونم خلال العام 2024، تحت مسميات مختلفة، منها إعلان محميات طبيعية، وأراضي الدولة، وأوامر الحجج العسكرية وغيرها.
ومن بين الأراضي التي تمت مصادرتها بعد الحرب 20 ألف دونم تحت مسمى تعديل حدود محميات طبيعية، و26 ألف دونم من خلال 14 إعلان أراضي دولة في محافظات القدس ونابلس ورام الله وبيت لحم وقلقيلية، وصودر ما مجموعه 1756 دونمًا من خلال 108 أوامر لوضع اليد لأغراض عسكرية هدفت لإقامة أبراج عسكرية وطرق أمنية ومناطق عازلة حول المستوطنات.
اتبعت إسرائيل وسائل عدة للاستيلاء على أراضي الضفة الغربية خلال العامين الماضيين، أبرزها الاستيلاء لأغراض عسكرية، وإقامة مناطق عازلة بحجة منع الهجمات المسلحة، وإغلاق الأراضي ومنع الوصول إليها تحت طائلة المسؤولية.
الباحث في مركز أبحاث الأراضي رائد موقدي قال لـ "إرم نيوز" إن وتيرة مصادرة الأراضي تسارعت بشكل مخيف خاصة بعد إعلان الحرب على غزة، لدرجة أن إسرائيل قامت بإغلاق مساحات شاسعة من أراضي المزارعين.
كذلك سعت إلى فرض قانون الطوارئ على الضفة الغربية، وهو ما يعطي الجيش الإسرائيلي الصلاحية الكاملة للتدخل؛ ما سهل على الجيش والمستوطنين الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية وإفراغ مساحات أخرى وإنشاء بؤر رعوية.
وأضاف: "كل هذا وصل لدرجة أن كثيرًا من قطع الأراضي لا نستطيع الوصول إليها، ومن ضمنها 17 ألف دونم في محافظة جنين لا نستطيع الوصول إليها نتيجة إغلاق الأراضي، وهو لسان حال مواقع مختلفة في رام الله ونابلس وغيرها".
في بداية سبتمبر/ أيلول الماضي صرّح وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، بأنه يجري رسم خرائط لضم أراضٍ في الضفة الغربية، وهي الأراضي التي يسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم المستقبلية عليها.
وفي مؤتمر صحفي بالقدس، وقف سموتريتش أمام خريطة بدت وكأنها تشير إلى ضم ما يقارب 82% من أراضي الضفة الغربية، باستثناء ست مدن فلسطينية رئيسية فقط، منها رام الله ونابلس.
المستشار القانوني لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان عايد مرار قال لـ "إرم نيوز" إن هناك مخططات إسرائيلية مسبقة تم إخراجها لحيز التنفيذ بعد السابع من أكتوبر 2023.
وأوضح أن إسرائيل كان لديها مخطط إستراتيجي لتقسيم الضفة الغربية للسيطرة عليها من خلال الحواجز العسكرية والبوابات الحديدية.
وأضاف:" في السابق كنا نتحدث عن تقسيم الضفة الغربية إلى كانتونات شمال ووسط وجنوب، لكن الآن هناك تقسيم المقسم، أي أن إسرائيل بإمكانها خلال دقائق إغلاق ألف أو أكثر من ألف بوابة حديدية لتفصل كل قرية عن جارتها".
وبحسب قوله، فإن المخططات الاستيلائية موجودة منذ ما قبل السابع من أكتوبر لكن هناك تسارعًا وتزايدًا بعد الحرب على غزة.
وأوضح: "الإستراتيجية موجودة منذ 1967، حيث لم يستطيعوا ترحيل الفلسطينيين مثلما فعلوا عام 1948، لكن الهدف موجود وهو يتسارع ويتباطأ حسب الظروف، ووجدت إسرائيل أن حربها على غزة مناسبة لتطبيق هذه الخطة".
بالإضافة إلى ذلك، كانت هجمات المستوطنين عاملًا إضافيًّا في زيادة السيطرة على الأراضي وإنشاء البؤر الاستيطانية.
وفي بيان له الأحد قال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الوزير الفلسطيني مؤيد شعبان إن الجيش الإسرائيلي والمستوطنين نفذوا بعد السابع من أكتوبر 2023؛ ما مجموعه 38359 اعتداءً، طالت أراضي وممتلكات للفلسطينيين مستغلة ظروف الحرب على قطاع غزة.
وأضاف:" إسرائيل مارست منهجية استعمارية واضحة في استغلال ظروف الحرب من أجل إعادة هندسة الجغرافية الفلسطينية بتلوينات استعمارية تمييزية واضحة وفرضت بيئة قهرية طاردة على المواطنين في التجمعات البدوية ونفذت منهجية للعقوبة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني".
وأشار إلى أنه من ناحية، زادت إسرائيل عمليات مصادرة الأراضي، ومن ناحية أخرى، سرعت في عمليات دراسة مخططات التوسعة للمستوطنات في الأرض الفلسطينية، وكذلك في مسألة بناء البؤر الرعوية وشرعنتها.
وأوضح أنه بعد السابع من أكتوبر درست الجهات التخطيطية الإسرائيلية ما مجموعه 355 مخططًا هيكليًّا لغرض بناء ما مجموعه 37415 وحدة استيطانية على مساحة 38551 دونمًا جرت عملية المصادقة على 18801 وحدة منها، في حين تم إيداع 18614 وحدة استعمارية جديدة.
وأدت هذه الإجراءات إلى تهجير 33 تجمعًا بدويًّا فلسطينيًّا تتكون من 455 عائلة تشمل 2853 فردًا من أماكن سكناهم إلى أماكن أخرى.