قال رئيس نادي الأسير الفلسطيني، عبد الله الزغاري، في حوار مع "إرم نيوز"، إن عدد الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية تجاوز 9 آلاف و250 أسيرًا ومعتقلًا، أغلبهم من الموقوفين والمعتقلين الإداريين، مشيرًا إلى أن إسرائيل تمارس سياسات "الإعدام البطيء" بحق الأسرى والأسيرات داخل سجونها.
ويأتي حديث الزغاري، بعد إقرار لجنة الأمن القومي في الكنيست، الاثنين الماضي، بالقراءة التمهيدية لمشروع قانون يتيح تنفيذ حكم الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين.
لكن الائتلاف الحاكم في إسرائيل سحب، الأربعاء، جميع مشاريع القوانين من جدول أعمال الكنيست بعد فشله في تأمين أغلبية لإقرارها، ما أدى إلى تأجيل التصويت على مشروع قانون إعدام الأسرى.
ورغم أن عقوبة الإعدام موجودة في القانون الإسرائيلي لعدد محدود من الجرائم، فإن إسرائيل من الدول التي ألغت تنفيذها فعليًا، إذ كان آخر من أُعدم فيها هو أدولف آيخمان، عام 1962، أحد المشاركين في ارتكاب المحرقة اليهودية (الهولوكوست).
كم يبلغ عدد الأسرى الفلسطينيين حاليًا في سجون إسرائيل؟ وهل يمكن أن تضعنا في صورة أوضاع النساء والأطفال وكبار السن؟
حتى شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، تشير المعطيات الرسمية والصادرة عن مؤسسات الأسرى وإدارة السجون الإسرائيلية إلى أن عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون إسرائيل تجاوز 9 آلاف و250 أسيرًا ومعتقلًا، أغلبهم من الموقوفين والمعتقلين الإداريين.
هذا الرقم لا يشمل المعتقلين المحتجزين في المعسكرات التابعة للجيش الإسرائيلي، وبحسب إدارة السجون الإسرائيلية فقد بلغ عدد الأسرى المحكومين نهائيًا 1.242 أسيرًا، وبلغ عدد الأسيرات 49 امرأة، منهنّ أسيرة واحدة من قطاع غزة، وبلغ عدد الأطفال الأسرى 350 طفلًا، محتجزين في سجني عوفر ومجدو.
بلغ عدد المعتقلين الإداريين 3.386 معتقلًا، أي محتجزين دون توجيه لائحة اتهام أو محاكمة، وبلغ عدد المعتقلين المصنفين كمقاتلين غير شرعيين 1.205معتقلين، علمًا أن هذا الرقم لا يشمل جميع معتقلي قطاع غزة المحتجزين في المعسكرات العسكرية، ويشمل أيضًا بعض المعتقلين العرب من لبنان وسوريا.
هذه الأرقام تعكس بوضوح حجم الانتهاكات المستمرة بحق الشعب الفلسطيني، وتشير إلى أن مختلف الفئات، من النساء والأطفال وكبار السن، يتعرضون للاحتجاز في ظروف صعبة، تحت تصنيفات متعددة، بما فيها الاعتقال الإداري والاعتقال دون محاكمة، الأمر الذي يشكل انتهاكًا للقوانين الدولية وحقوق الإنسان.

كيف تقرؤون دلالات إعادة طرح مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين في هذا التوقيت، رغم أنه طُرح سابقًا أكثر من مرة ولم يُقر؟ وهل ترون أنه يأتي في سياق تصعيد سياسي أم انتقامي؟
إعادة طرح مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين في هذا التوقيت ليس حدثًا مفاجئًا، بل هو امتداد لمسار طويل من سياسات الإعدام والقتل البطيء التي مارسها الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى الفلسطينيين على مدى عقود، فالأمر لا يقتصر على القانون وحده، بل يشمل العمليات الميدانية كالإهمال الطبي والاغتيالات داخل السجون، وهي سياسات توثق جرائم ضد الإنسانية بحق المئات من الأسرى.
ما يجري اليوم هو خطوة لتقنين جريمة قائمة بالفعل منذ سنوات طويلة، بهدف إضفاء صبغة شرعية على عمليات الإعدام التي طالت عشرات الأسرى، حيث بلغ عدد الشهداء الأسرى منذ بداية حرب الإبادة وحتى بداية تشرين الثاني/ نوفمبر العام الجاري 81 ألف شهيد معلن، إلى جانب العشرات من معتقلي غزة الذين تم إعدامهم وما زالوا رهن الإخفاء القسري..
ويُظهر تسليم جثامين بعض الشهداء من غزة بعد الحرب، بما في ذلك مقاطع مصورة لبعضهم وهم أحياء قبل إعدامهم، وضوح الانتهاكات المستمرة وعمليات الإعدام الميداني.
إن وصول مشروع القانون إلى مرحلة القراءة الأولى في لجنة الأمن القومي بالكنيست يعكس التسارع السياسي الحالي، خصوصًا في ظل حكومة اليمين الإسرائيلي الأكثر تطرفًا في تاريخ الاحتلال، بقيادة الوزير "بن غفير" بدعم من نتنياهو وأعضاء أحزاب يمينية أخرى.
ويظهر كذلك أن القانون يُستخدم أداة للمزايدات السياسية والضغط داخل الائتلاف الحكومي الهش، حيث رُبط بقاء الحكومة بمصير إقرار هذا القانون.
وعلى الرغم من وضوح موقف القانون الدولي الرافض لعقوبة الإعدام، وإلغاء تطبيقها في العديد من المعاهدات الدولية، فإن الاحتلال يصر على شرعنة الإعدام وتقديمه كأداة رسمية، ما يؤكد مرة أخرى أن المنظومة الإسرائيلية تتصرف فوق القانون وخارج نطاق المساءلة الدولية.
باختصار، مشروع القانون لا يُنظر إليه كخطوة قانونية منفصلة، بل كجزء من تصعيد انتقامي شامل ضد الحركة الأسيرة، وفي سياق سياسات الإبادة الجماعية التي تمتد من غزة إلى مختلف أماكن الاحتجاز، ما يجعل هذه المرحلة الأكثر دموية في تاريخ الحركة الفلسطينية الأسيرة.
في بيان لكم قبل أيام، أشرتم إلى أن الاحتلال يمارس "سياسات إعدام بطيء" بحق الأسرى، هل يمكنكم توضيح ما المقصود بهذه العبارة، وما أبرز أشكال هذه السياسات على أرض الواقع داخل السجون؟
بالفعل، الاحتلال الإسرائيلي يمارس سياسات الإعدام والقتل البطيء بحق الأسرى والأسيرات داخل سجونه، وقد تبين ذلك من خلال عمليات التوثيق خلال العامين الماضيين، حيث استُشهد داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي 81 معتقلًا فلسطينيًّا من الأسماء المعروفة لدينا.
هؤلاء الأسرى تعرضوا لجرائم طبية ممنهجة، وعمليات تجويع متعمدة، فضلًا عن الاعتداءات المستمرة التي لم تتوقف على الإطلاق، الأمر الذي حوّل حياة المعتقلين إلى جحيم يومي.
ومن جهة أخرى، ظهرت على أجساد الشهداء الأسرى الذين تم تسليمهم إلى قطاع غزة قبل أسابيع، علامات واضحة تشير إلى تعرّضهم للاعتقال قبل الإعدام، إذ وجدت أيديهم مكبلة إلى الخلف، وكانت العصبات تغطي رؤوسهم.
وهذه دلائل قاطعة على أن الاحتلال الإسرائيلي نفذ عمليات إعدام ميدانية بحق مواطنين فلسطينيين من قطاع غزة.
ويأتي ذلك في سياق سياسة الانتقام المستمر التي تمارسها منظومة الاحتلال الإسرائيلي، من خلال التعليمات المتواصلة التي توجه ضد الفلسطينيين عامة، والمعتقلين على وجه الخصوص، الذين تحولت حياتهم إلى معاناة دائمة بفعل هذه الجرائم المكتملة الأركان، والتي تُعد بلا شك جرائم ضد الإنسانية.
في حال إقرار هذا القانون، ما هي التداعيات القانونية والإنسانية المتوقعة على الأسرى الفلسطينيين؟ وهل تعتقدون أن المجتمع الدولي سيتحرك بشكل فعّال لوقفه؟
في الوقت الذي تمارس فيه منظومة الاحتلال سياسات الإعدام والقتل البطيء بحق المعتقلين، فإنها تسعى في الوقت ذاته إلى تسريع إقرار قانون إعدام الأسرى، بهدف شرعنة الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها بحق المعتقلين الفلسطينيين داخل السجون.
ويأتي هذا التسارع داخل منظومة الاحتلال لإقرار هذا القانون في ظل التنافس والمزايدات السياسية المستمرة خلال الفترة الماضية، وضمن إطار الائتلاف الحكومي الهش الذي قد يتفكك في أي لحظة، نتيجة التهديدات المتكررة التي يطلقها المتطرف المعروف إيتمار بن غفير، والذي يلوح بانسحابه من الائتلاف ما لم يتم الاستجابة لمطالبه، سواء بما يتعلق بقانون إعدام الأسرى أم غيره من القوانين والإجراءات الموجهة ضد الشعب الفلسطيني.
إن ما يحدث داخل هذا الائتلاف يظهر بوضوح أن منظومة الاحتلال تنزلق أكثر فأكثر نحو الفاشية والنازية، في وقت ما زال فيه العالم يعاني من حالة فشل وشلل في إلزام إسرائيل بتطبيق الاتفاقيات والمواثيق الدولية.
وعليه، فإن المسؤولية الحقيقية تقع على عاتق المنظومة الدولية، وأقصد هنا الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان والدول التي تعترف بفلسطين، إذ يجب أن يكون لها دور فاعل في فرض قيود وعقوبات على منظومة إسرائيل، التي تتصرف اليوم وكأنها دولة فوق القانون، خارج كل القيم والمبادئ الإنسانية والدولية.
لذلك، فإن التحرك مستمرّ على كافة الأصعدة الحقوقية والقانونية، لكن ما نحتاج إليه فعلًا هو تحرك دولي جاد وحقيقي من أجل إيجاد حالة من الردع لمنظومة الاحتلال، ووضع حد لجرائمها المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، وبالأخص بحق الأسرى داخل السجون.
ما الخطوات التي ينوي نادي الأسير والجهات الفلسطينية المختصة اتخاذها لمواجهة هذا المشروع؟ وهل هناك تحركات قانونية أو سياسية على المستوى الدولي قيد الإعداد؟
بالتأكيد هناك خطوات مستمرة على المستويين الحقوقي والقانوني، حيث نعمل على ملاحقة إسرائيل عبر القنوات الدولية والدبلوماسية والسياسية، بهدف تشكيل ضغط حقيقي على المجتمع الدولي كي يتحمل مسؤولياته، وينفذ القرارات التي اتخِذت بحق الاحتلال الإسرائيلي.
ومن أبرز هذه الجهود المذكرة المقدمة إلى المحكمة الجنائية الدولية، والتي تطالب باعتقال مجرمي الحرب الإسرائيليين الذين لا يزالون يرتكبون جرائم الإبادة بحق الشعب الفلسطيني.
كما تتواصل الجهود على المستوى الدولي، من خلال فريق قانوني دولي يتابع المذكرات التي تم تقديمها إلى المحكمة الجنائية الدولية، ولا سيما تلك المتعلقة بأوضاع الأسرى داخل السجون الإسرائيلية، وبالجرائم التي مورست بحقهم، بما في ذلك سياسات التجويع والمعاملة القاسية وغير الإنسانية التي يتعرّضون لها داخل المعتقلات.
ما أبرز الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى من الفئات الهشة، مثل القاصرين أو المرضى وكبار السن؟ وهل هناك توثيق لحالات استُخدمت فيها أساليب تعذيب أو إهمال طبي متعمد ضدهم؟
إسرائيل مارست أبشع أساليب التعذيب الممنهج والمبرمج بحق الأسرى داخل المعتقلات الإسرائيلية، وقد برزت هذه الانتهاكات بشكل واضح، وترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية، لا سيما بحق كل من دخل السجون بعد السابع من أكتوبر، حيث تجاوز عدد المعتقلين عشرين ألف معتقل فلسطيني من الضفة الغربية والقدس، بالإضافة إلى أكثر من عشرة آلاف من قطاع غزة.
وقد تعرض هؤلاء المعتقلون إلى الضرب والعزل والتجويع والحرمان الطبي، سواء كانوا أطفالًا وكبار سن، أم حتى أسرى وأسرى سابقين، كما تم استهدافهم مباشرة من قبل آلة الحرب الإسرائيلية، عبر الضرب المبرح والكسر والتعري وعمليات الاغتصاب الفردي والجماعي.

وتشير الشهادات الموثقة من أسرى محررين ومن أسرى خرجوا مؤخرًا من قطاع غزة، إلى أن الجيش الإسرائيلي، وخصوصًا في معسكر "مارس"، ارتكب أبشع أساليب القهر والظلم والاضطهاد، بما في ذلك الضرب المتواصل والتعري والاعتداء الجسدي.
وقد بتر بعض من المعتقلين أطرافهم، بينما عانى آخرون من ضعف حاد نتيجة التجويع، وانخفض وزن بعضهم من عشرين إلى أربعين كيلوغرامًا فقط.
وأسفرت هذه الجرائم الطبية، وجرائم التجويع والاعتداءات التي طالت مختلف فئات الأسرى، عن انتشار العديد من الأمراض داخل السجون، وبعض الأمراض تحولت إلى تقرحات مدمية أدت إلى تفاقم الحالات الصحية للعديد منهم، بل وارتقى بعضهم شهداء بسبب هذه الانتهاكات الطبية.