قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن وقف إطلاق النار الأخير في غزة لا يُمثل بداية لسلام دائم بقدر ما يعكس هدنة هشة بين طرفين لا يزالان يرفضان تقديم التنازلات الضرورية لإنهاء الصراع.
وأضافت الصحيفة أنه بعد إفراج حركة حماس عن 20 رهينة إسرائيلية عقب إعلان إسرائيل وقف عمليتها العسكرية، احتفى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بما وصفه بـ"الفجر الجديد للشرق الأوسط"، وحظي باستقبال حافل في البرلمان الإسرائيلي، في لحظةٍ اعتبرها البعض إنجازاً دبلوماسياً كبيراً له.
وتساءلت الصحيفة هل يشكل هذا الاتفاق نهايةً حقيقية للحرب، أم أنه مجرد محطة أخرى في صراع عمره أكثر من قرن؟.
فالمؤشرات، وفق الصحيفة، لا توحي بسلام دائم، إذ لا يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو زعيم حركة حماس خليل الحية، مستعدان لاتخاذ خطوات جوهرية تفتح الطريق أمام تسوية سياسية.
وأشارت إلى أن خطة ترامب للسلام تتضمن ما يُعرف بـ"النزع الكامل لسلاح حماس" و"إقامة لجنةٍ فلسطينيةٍ تكنوقراطية لإدارة غزة"، غير أن الواقع الميداني يناقض ذلك تماماً.
فالحركة – رغم خسائرها البشرية الكبيرة – استعادت السيطرة على مناطق واسعة في القطاع، وأقامت نقاط تفتيش، وبدأت حملةً ضدّ معارضيها، مما يعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الحرب.
وتلفت الصحيفة إلى أن أي مسعى لإعادة إعمار غزة أو نشر قوات استقرارٍ دولية سيصطدم بوجود حماس كقوة مسلّحة، إذ لن تخاطر الدول العربية بإرسال قواتها لمواجهة الحركة، في حين لن تسمح واشنطن وتل أبيب بتدفق أموال الإعمار إذا كان هناك احتمال لسيطرة حماس عليها مجدداً.
وفي المقابل، ترى الصحيفة أن نتنياهو يعمل هو الآخر على تقويض حل الدولتين من خلال توسيع المستوطنات في الضفة الغربية، ونقل قواته إلى مخيمات اللاجئين، وغض الطرف عن عنف المستوطنين، وهي خطواتٌ تمثل ضماً فعلياً للأراضي الفلسطينية وتمنع قيام دولة مستقلة في المستقبل.
كما انتقدت الصحيفة استثناء إسرائيل للقيادي الفتحاوي مروان البرغوثي، من صفقة تبادل الأسرى الأخيرة، رغم كونه الشخصية الفلسطينية الأقدر – وفق استطلاعات الرأي – على توحيد الصفّ الفلسطيني وقيادته نحو تسويةٍ سياسيةٍ حقيقية.
وترى "واشنطن بوست" أن رفض إطلاق سراح البرغوثي يعكس رغبةً إسرائيلية واضحة في إفشال أي احتمالٍ لحل الدولتين، وهو الموقف ذاته الذي تتبناه حماس.
وتختتم الصحيفة تحليلها بالتأكيد على أن الطرفين يبدوان غير مستعدين لاغتنام فرصة تاريخية لتحويل الهدوء الهش إلى سلامٍ مستدام، في مشهدٍ يكرر المثل الشهير الذي قاله الدبلوماسي الإسرائيلي أبا إيبان قبل عقود: "العرب لا يُفوتون فرصةً لتفويت الفرص".
واليوم، تضيف الصحيفة، يبدو أن الإسرائيليين والفلسطينيين معاً يُفوتون فرصةً نادرة لإنهاء صراعٍ دموي طال أمده.