جرت في العاصمة العراقية، اليوم السبت، مراسم حفل انتهاء بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي وصل إلى بغداد في وقت سابق اليوم.
وقال غوتيريش في تصريح له خلال الحفل: "العراق بلد مختلف ذو أمن وأمان، نهنئ العراق على نجاح انتخاباتهم البرلمانية ونشيد بشجاعة العراق في مواجهة الإرهاب".
وأضاف غوتيريش أن "المهمة الأممية في العراق كانت موجهة نحو دعم العراق في محاربة الإرهاب وإرساء أسس الاستقرار، والآن العراق أصبح في مرحلة جديدة حيث يجب أن يُفهم كدولة طبيعية مستقلة".
من جانبه، أكد رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في كلمته أن "العراق خرج منتصرًا على الإرهاب بتضحيات أبنائه، وأن إنهاء مهمة يونامي لا يعني نهاية الشراكة مع العراق، بل بداية مرحلة جديدة للتعاون على أسس متوازنة".
وأضاف السوداني: "نعتز بمواقف الأمين العام للأمم المتحدة التي دعمت العراق طوال السنوات الماضية، وسنسعى لتعزيز العلاقات مع الأمم المتحدة في مجالات أخرى مثل التعليم والصحة والبيئة".
أطلقت الأمم المتحدة مهمة يونامي، في عام 2003 بناء على طلب العراق، وكانت قد أدت دورًا محوريًا في دعم العراق في مجالات الانتخابات، وحقوق الإنسان، فضلاً عن مساعدة البلاد في إعادة بناء مؤسساته بعد سقوط النظام السابق.
ورغم انتهاء المهمة السياسية للبعثة، أكدت الأمم المتحدة أنها ستظل موجودة في العراق ولكن عبر برامج متخصصة في مجالات التنمية المستدامة، والمناخ، والصحة، وتستمر في تقديم الدعم للعراق في ملفات مثل المفقودين والممتلكات الكويتية.
من جانبه، أكد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق محمد الحسان، الذي سيتنحى عن منصبه مع انتهاء مهمة يونامي، أن العراق أصبح اليوم قادراً على قيادة شؤونه بنفسه بفضل الدعم الذي تلقاه من الأمم المتحدة خلال السنوات الماضية".
واعتبر أن "الوقت قد حان لكي يأخذ العراقيون الأمور بأيديهم" وأن "العراق أصبح في موقعه الطبيعي على الساحة الدولية".
وتأتي هذه التطورات في وقت مهم، حيث يتزامن إنهاء مهمة يونامي مع بداية الانسحاب التدريجي للقوات الأمريكية في العراق، وهو ما يمثل خطوة كبيرة نحو استعادة العراق سيادته الكاملة.
بدوره، أوضح الباحث السياسي أحمد المحمداوي أن "إعلان انتهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة يمثل محطة سياسية مفصلية تؤشر إلى تحول واضح في طبيعة العلاقة بين العراق والمجتمع الدولي، وانتقالها من مرحلة الإشراف والدعم الدولي المباشر إلى مرحلة تقوم على رهان الدولة العراقية على قدراتها الذاتية في إدارة الشأنين السياسي والأمني".
وأضاف المحمداوي لـ"إرم نيوز"، أن "هذا التحول يفتح في الوقت نفسه نقاشاً جاداً بشأن المرحلة اللاحقة لانتهاء البعثة، وحدود الفراغ الذي قد ينشأ نتيجة غياب الدور الأممي، خصوصاً في الملفات الحساسة المرتبطة بمراقبة الالتزام الدستوري، ودعم مسارات الإصلاح، وحماية المسار الديمقراطي من احتمالات الانسداد أو التراجع".
وخلال أكثر من عقدين، رافقت البعثة مراحل مفصلية من تاريخ العراق الحديث، بدءًا من كتابة الدستور، مروراً بالانتخابات المتعاقبة، ووصولًا إلى مرحلة ما بعد هزيمة تنظيم داعش، قبل أن تتجه الحكومة العراقية في السنوات الأخيرة إلى إعادة تعريف طبيعة العلاقة مع الأمم المتحدة، بما ينسجم مع مرحلة الاستقرار النسبي.
ويأمل العراقيون أن يفتح هذا التحول الجديد لباب لفرص جديدة لتعزيز مؤسسات الدولة وتحقيق التنمية بعيداً عن التدخلات الخارجية، ما يمثل اختباراً حاسماً للعراق في المرحلة المقبلة من تاريخه الحديث.