يرى خبيران أن التوغل الإسرائيلي الأخير في الجنوب السوري يأتي في إطار استراتيجية طويلة الأمد لفرض سيطرة أمنية على المنطقة، وتعطيل أي محاولات لإنشاء بؤر مقاومة.
وبحسب الخبراء، يسعى الجيش الإسرائيلي إلى تحويل الجنوب السوري إلى منطقة منزوعة السلاح، تعزز أمنه الاستراتيجي، خاصة مع مخاوفه من تحركات إيرانية محتملة أو تشكيل قوى مقاومة على غرار حزب الله في لبنان.
كما أن هذه التحركات تهدف إلى إبقاء المنطقة تحت المراقبة، وإرسال رسالة واضحة للنظام السوري بأن إسرائيل لن تتراجع عن توسعها جنوباً.
في هذا السياق، قال الباحث في الشؤون الإسرائيلية عصمت منصور إن إسرائيل تتصرف وكأن كل المنطقة من دمشق جنوباً هي منطقة تحت وصايتها وتتصرف فيها وفق اعتباراتها الأمنية وأطماعها الاستراتيجية تجاه سوريا.
وأضاف منصور: "لذلك هي تحاول أن تعزز وجودها لبناء منظومة استخبارات متكاملة وقاعدة بيانات وأن (تطهّر المنطقة) من أي تهديد مستقبلي".
وأردف منصور في تصريح لـ "إرم نيوز" أن إسرائيل تتعامل الآن مع الجنوب السوري كما تعاملت مع جنوب لبنان في السابق وكما تتعامل مع قطاع غزة الآن وكذلك في الضفة، حيث تضع حواجز وتربط هذه المنطقة بشبكات متعلقة بمنظومتها الأمنية.
وبيّن أن كل هذا يؤشر إلى نوايا إسرائيل التي لا تفكر في الانسحاب قريباً من الجنوب السوري أو التخلي عنه، وهذا سيشكل عقبة ليس فقط على مستوى التوصل إلى تفاهمات بين سوريا وإسرائيل بل سيكون ذلك عامل توتر دائما، لأن الأخيرة ستبقي تحرك النزاعات الطائفية والخلافات والتناقضات موجودة.
واختتم الخبير حديثه بالقول، إن تواصل إسرائيل مع أهالي الجنوب غايتها منه كسر الحاجز النفسي لأن وجودها في تلك المنطقة غير مسبوق في تاريخ سوريا خاصة فيما يتعلق بثقافة السوريين وموقفهم من إسرائيل.
من جانبه، قال الخبير بالشؤون الإسرائيلية، حسين الديك إن هذا التوغل والاستباحات اليومية لمناطق الجنوب السوري هي عبارة عن استراتيجية جديدة يستخدمها الجيش الإسرائيلي بحيث تكون المنطقة منزوعة السلاح ومنطقة تحرك حيوي له على المستوى الاستراتيجي البعيد.
وأضاف لـ "إرم نيوز" أن السبب في ذلك يعود لاعتبارين أساسيين، الأول أنها منطقة حدودية متاخمة للحدود الإسرائيلية مع الجولان السوري، أما الاعتبار الثاني أنها منطقة ستكون حلقة وصل بين إسرائيل والسويداء جنوباً.
وأوضح الخبير أن هناك الكثير من التقارير تتحدث عن تحركات لإيران وأذرعها في المنطقة وخلق بؤرة مقاومة في الجنوب السوري على غرار المقاومة اللبنانية.
واستطرد أن "التحرك العسكري الإسرائيلي هنا هو لمنع أي محاولة لإنشاء أي مجموعة مقاومة مسلحة قد تهدد الأمن القومي الإسرائيلي مستقبلاً أو تهدد تحركات الجيش داخل العمق السوري".
واختتم الخبير حديثه بالقول إن التوغل الإسرائيلي يبقي على شريان إمداد مع السويداء، كما أن إسرائيل تريد من هذا التحرك أن ترسل رسالة للنظام السوري الجديد بأن إسرائيل ما زالت حاضرة ليس جنوباً فقط بل على امتداد الجغرافيا السورية.