احتجزت ميليشيا مسلحة متحالفة مع الجيش السوداني، في منطقة جنوب كردفان، عددًا من السيارات التابعة لمنظمة المجلس النرويجي للاجئين، ومنعتها من مواصلة عملها وسط صمت السلطات الرسمية التي تنتظر المنظمة تدخلها.
ويقود شخص يدعى "كافي طيار"، ميليشيا موالية للجيش السوداني في ولاية جنوب كردفان، تحمل اسم "قوات المهام الخاصة".
واعترضت ميليشيا طيار يوم الخميس الماضي طريق سيارات المنظمة الإنسانية داخل مدينة كادوقلي، قبل أن تحتجزها وتمنع المنظمة من مزاولة العمل بالمدينة، وفق مصادر متطابقة.
وأكدت المصادر أن قائد الميليشيا مزق أعلام وشعارات منظمة المجلس النرويجي للاجئين، التي كانت معلقة على السيارات.
كما هدد العاملين والموظفين بأنه سيستخدم في مواجهتهم العنف حال رأى أيًا من سيارات أو شعارات المنظمة مرة أخرى في المدينة؛ الأمر الذي أجبر المنظمة على إيقاف أنشطتها في مدينة كادوقلي بجنوب كردفان.
ويدعي قائد الميليشيا أن المساعدات التي تقدمها منظمة المجلس النرويجي لا تصل إلى مستحقيها.
وتعمل منظمة المجلس النرويجي في جنوب كردفان على تقديم مساعدات نقدية دعمًا للمتضررين من فقدان مصادر دخلهم.
كما تدعم التعليم من خلال تأهيل المدارس والالتزام بدفع حوافز للمعلمين لاستمرار الدراسة.
وأكد مصدر سياسي، في ولاية جنوب كردفان، أن ما قام به كافي طيار، لم يكن من تلقاء نفسه وإنما يأتي بإيعاز من الأجهزة الأمنية والاستخباراتية التابعة للجيش السوداني؛ بغرض التخلص من المنظمة نهائياً، وفق قوله.
وقال المصدر لـ"إرم نيوز" إن "السلطات التابعة للجيش السوداني، تكن عداءً لمنظمة المجلس النرويجي للاجئين، جراء التقارير والبيانات الصحفية التي تصدرها بشأن الصراع السوداني".
وأضاف المصدر: "يرى الجيش أن المنظمة متحاملة عليه حينما تتهمه بأنه يستخدم المساعدات الإنسانية كـ"سلاح حرب" ويمنعها من الوصول إلى مستحقيها".
وأشار إلى أن "التضييق على المنظمات الإنسانية الدولية بالسودان ليس جديداً على السلطات السودانية".
وبيّن أن "تاريخها حافل بمضايقة المنظمات من خلال الخطف والتهديد بالقتل، عبر الميليشيات التي تصنعها الأجهزة الأمنية والعسكرية، وفق قوله.
وذكر أن ما جرى مع منظمة المجلس النرويجي، في جنوب كردفان، هو تكرار لأسلوب نظام الرئيس السابق عمر البشير، في تهديد المنظمات الدولية ومنعها من مواصلة عملها والضغط عليها لإجبارها على الخروج من البلاد.
وأكد أن النظام السابق كان قد أنشأ ميليشيات متخصصة في هذا النوع من الجرائم خصوصًا بإقليم دارفور الذي كانت المنظمات الإنسانية تنشط فيه لمواجهة الكارثة التي خلفتها الحرب هناك.
ولم يستبعد المصدر أن يصدر البرهان في الأيام المقبلة قراراً بطرد منظمة المجلس النرويجي للاجئين من السودان.
وبين أنه إذا فعل ذلك سيكون قد سار على درب الرئيس السابق عمر البشير.
وسبق لمنظمة المجلس النرويجي أن شكت من حملة "اتهامات باطلة" تشنها وسائل إعلام مقربة من الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة البرهان، لتشويه سمعتها وتعريض حياة العاملين في المجال الإنساني للخطر.
وكانت صحيفة "الكرامة" المقربة من الأجهزة الأمنية لحكومة بورتسودان، قد نشرت في نوفمبر الماضي خبرًا عن تورط منظمة المجلس النرويجي للاجئين، في تهريب المسيرات والسلاح والعتاد العسكري لقوات الدعم السريع عبر معبر أدري إلى مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور.
هذا الأمر نفته المنظمة التي دعت إلى احترام الدور الحيوي للمنظمات الإنسانية والامتناع عن نشر المعلومات المضللة التي قد تعرض سلامة عمال الإغاثة للخطر.
وقالت منظمة المجلس النرويجي للاجئين في بيان يومها، إنها "تنفي نفيا قاطعا التقرير المفبرك الذي تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي ويزعم تورط المنظمة في تهريب أسلحة أو دعم أحد أطراف النزاع في دارفور".
وأكد البيان التزام المجلس النرويجي للاجئين الصارم بالمبادئ الإنسانية المتمثلة في الحياد والاستقلالية وعدم التحيز، مشددًا على أن "مهمتنا الوحيدة تقديم المساعدات المنقذة لحياة الملايين".
وتنفذ منظمة المجلس النرويجي للاجئين في إقليم دارفور مشروعات إنسانية حيوية، بينها مشروع "دعم المخابز" في ولايتي غرب ووسط دارفور، الذي يعتبره السكان هناك واحدًا من المشاريع التي ساهمت في تحسين مستوى المعيشة لدى المواطنين من خلال توفير الخبز بأقل من نصف سعره الحقيقي.
كما تنفذ المنظمة مشروع صيانة وتأهيل لأكثر من 7 مدارس مع توفير كافة المستلزمات الدراسية فيها ودفع حوافز مالية للمعلمين في تلك المدارس من أجل استمرار الدراسة.
ويرى مراقبون أن السلطات السودانية درجت على تشويه سمعة المنظمات الإنسانية التي لا ترغب فيها من خلال دمغها باتهامات من شاكلة "معاداة الإسلام وانتهاك السيادة الوطنية"، وغيرها من الاتهامات التي تلامس عاطفة العامة من السودانيين.
وأشاروا إلى أن "هذا أسلوب مجرب ومكرر ظلت تنتهجه كل السلطات المركزية ضد المنظمات التي تعمل في مناطق النزاعات على رفع الوعي وتوفير أساسيات الحياة، لأن السلطة المركزية لا تريد لتلك المجتمعات أن تشق طريقها بعيدا عن إرادتها".