أثارت دعوة المجلس الرئاسي في ليبيا وقوى دولية إلى ضرورة إقرار ميزانية موحدة تساؤلات حول فرص نجاح أطراف الأزمة في التوصل إلى ذلك، خاصة في ظل استمرار الانقسام الحكومي في البلاد.
وفي الوقت الراهن، توجد في ليبيا حكومتان؛ الأولى في الشرق برئاسة أسامة حماد وهي مدعومة من البرلمان، والثانية حكومة الوحدة الوطنية في غربها برئاسة عبدالحميد الدبيبة المعترف بها دوليا، والتي تواجه محاولات من مجلسي النواب والدولة لإطاحتها.
ودعت الولايات المتحدة، في وقت سابق، إلى ميزانية موحدة في ليبيا، في وقت يتزايد فيه حجم الإنفاق الحكومي بشكل يثير توجسا محليا ودوليا خاصة مع وجود حكومتين في البلاد.
وإثر تخفيض سعر صرف الدينار، أعرب المجلس الرئاسي الليبي عن قلقه العميق تجاه التطورات المالية والنقدية، داعياً مجلسي النواب والدولة إلى إقرار ميزانية موحدة.
وقال نائب رئيس حزب الأمة الليبي، أحمد الدوغة، إن "العديد من الأطراف تدعو بالفعل إلى إقرار ميزانية، لكن هذه الميزانية الموحدة على أي أساس سوف تكون؟ ومن الذي سيتولى عملية صرفها؟".
وبيّن لـ"إرم نيوز" أنه "طالما هناك انقسام سياسي ووجود حكومتين لن تكون هناك ميزانية موحدة حتى لو جميع الأطراف تدعو إلى ذلك، بالتالي فرص التوصل إلى موازنة موحدة ضئيلة".
وشدد الدوغة على أن "الميزانية الموحدة تكون في ظل تجديد الشرعية وانتخاب مجلس نواب جديد وتكون هناك حكومة منبثقة من مجلس النواب المنتخب، في ذلك الوقت ربما تكون هناك ميزانية موحدة وتتم السيطرة عليها من خلال تشريعات مالية ورقابية".
ومضى قائلًا: "ما عدا ذلك وفي ظل وجود الانقسام السياسي سنظل ندور في الدائرة المغلقة نفسها، ومزيد من الانقسام ومزيد من الفساد ومزيد من هدر المال العام".
وقال المحلل السياسي، كامل المرعاش: "في الواقع هذه الدعوات مزيفة وإقرار ميزانية موحدة في ظل الانقسام والتشظي الحالي للبلاد مستحيل من الناحية المالية والإدارية".
وأضاف لـ"إرم نيوز"، "أن هناك ميزانيات متعددة تُصرف الآن من خلالها الأموال، ولم يعد هناك شيء اسمه ميزانية بالمفاهيم الفنية والقانونية لميزانية الدولة التي تصدر بقانون كل سنة مالية تقدمها السلطة التنفيذية وتعتمدها وتصادق عليها السلطة التشريعية".
وأوضح المرعاش أن "ما يوجد في ليبيا ومنذ عام 2016 هو تقاسم عائدات النفط بين غرب البلاد وشرقها، وخارج أي إطار لما يتعارف عليه بالميزانيات وضوابط الصرف فيها وبنودها المبوبة، وما يوجد حالياً هو قيام كل حكومة بالصرف من حساباتها في المصارف وبموافقة مصرف ليبيا المركزي في تسييل هذه الأموال دون أي ضوابط فنية أو قانونية وهو ما فتح باب الفساد على أوسع أبوابه".
وبيّن أن "الدليل أن كل هذه الميزانيات في ليبيا ومنذ عام 2011 لم تقفل أبداً كما هو معمول به في بقية دول العالم في نهاية كل عام".