في مشهد درامي أخير داخل قاعة المحكمة في باريس، خرج الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي عن صمته، منددًا بما وصفه بـ"اتهام سياسي عنيف" في القضية المثيرة للجدل حول تلقي تمويل ليبي لحملته الانتخابية عام 2007.
وبينما تتجه الأنظار نحو موعد النطق بالحكم في 25 سبتمبر/أيلول المقبل، انبرى فريق دفاع ساركوزي لإسقاط ما وصفوه بـ"سردية لا أساس لها"، في واحدة من أبرز المحاكمات السياسية في فرنسا الحديثة.
وطالب محامو ساركوزي، يوم الثلاثاء، ببراءته التامة، مؤكدين عدم وجود "اتفاق فساد"، "ولا أدلة"، ولا حتى "مؤشرات" تربط موكلهم بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.
وظهر ساركوزي بشكل لافت في قصر العدل بباريس، برفقة زوجته كارلا بروني ساركوزي، في اليوم الأخير من محاكمته في قضية الاشتباه بتمويل ليبي لحملته الانتخابية عام 2007.
وحضر أيضًا اثنان من أبنائه وشقيقه غيوم لدعمه، وجلسوا معًا في قاعة المحكمة، مستمعين إلى مرافعات فريق الدفاع، الذي دافع عن براءة موكله طوال ثلاث ساعات ونصف تقريبًا.
وعندما طُلب من ساركوزي الإدلاء بكلمته الأخيرة، اكتفى بالإشادة بمحاميه قائلًا: "لقد تحدثوا وتحدثوا جيدًا". وأضاف: "لا أرغب في قول المزيد، نظرًا إلى السياق السياسي والإعلامي المشحون"، بحسب محطة "فرانس إنفو" التلفزيونية الفرنسية.
وفي إشارة ضمنية إلى الحكم الصادر بحق زعيمة حزب التجمع الوطني، مارين لوبان، في 31 مارس/آذار الماضي، والمتعلق بقضية تمويل مساعدين برلمانيين، والذي استأنفته لاحقًا، قال ساركوزي: "أنا فقط أريد الحقيقة".
وأكد أنه لا يرغب في إطلاق أي تصريحات "قد تؤجج الجدل"، مشددًا على رغبته في "الدفاع عن شرفه" ورفضه الرد على ما وصفه بـ"اتهام سياسي عنيف".
وكانت النيابة الوطنية المالية قد طالبت، في 27 مارس/آذار الماضي، بسجن ساركوزي سبع سنوات، وتغريمه 300 ألف يورو، مع منعه من الترشح لمدة خمس سنوات، وذلك في إطار قضية التمويل الليبي.
وبحسب النيابة، فإن ساركوزي لم يتردد في الاعتماد على معاونه كلود غيان وصديقه وزير الداخلية السابق بريس أورتوفو "لتنفيذ اتفاق الفساد"، الذي "محوره الأساسي" رجل الأعمال اللبناني الفرنسي زياد تقي الدين، قبل استخدام الأموال الليبية "لتلبية احتياجات حملته الانتخابية".
وفي كلمته الأخيرة، وصف وزير الداخلية السابق بريس أورتوفو التهم الموجهة إليه بأنها "عبثية".
فيما جدد كلود غيان، الذي أعفي من الحضور لأسباب صحية، تأكيده بأنه "بريء"، قائلًا: "لم أسمع يومًا بتمويل ليبي، ولم أطلبه أو أستلمه.. أعلم جيدًا ما قمت به، وما لم أقم به".
وركز محامو الدفاع على انتقاد الأسلوب الذي استخدمته النيابة.
وقال المحامي جان ميشيل داروا: "كان الهدف من الكلمات القاسية التي استُخدمت هو التأثير على الرأي العام وتشويه صورة ساركوزي".
وأضاف: "ما هو خطير فعلًا هو الصورة التي رسمها الادعاء".
وتابع قائلًا: "يريدون أن يرسخوا في الأذهان صورة نيكولا ساركوزي كشخص فاسد، أناني، لا يحترم قوانين الجمهورية".ثم تولى المحامي الآخر، تريستان غوتييه، الدفاع بحيوية، مركزًا على ما سماه "انعدام أي أدلة".