عادت أزمة رئاسة المجلس الأعلى للدولة في ليبيا إلى الواجهة من جديد، إثر حكم قضائي بأحقية خالد المشري برئاسة المجلس.
ويطالب المشري الجهات الرقابية والسيادية بضرورة احترام الحكم الصادر عن الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا بالعاصمة طرابلس، الذي ينص على أنه له الأحقية في رئاسة المجلس.
ويتنازع المشري منذ أشهر على رئاسة المجلس الأعلى للدولة مع محمد تكالة، إذ انفجرت الأزمة غداة انتخابات داخلية عرفها المجلس وفاز بها تكالة بفارق صوت وحيد وهو صوت احتج ضده المشري.
وعلق المحلل السياسي الليبي حسام الدين العبدلي، على الأمر بالقول، إن "المجلس الأعلى للدولة غير موجود الآن في الواقع السياسي الليبي وأكاد أجزم أنه لم يعد له أي تأثير في السياسة المحلية والإقليمية والدولية، لأنه منذ بداية سنة 2025 لم نعد نسمع حتى باسمه ولا نرى الجهات الأممية والسفارات الأجنبية والمجتمع الدولي يأخذ برأيه".
وقال العبدلي لـ "إرم نيوز"، إن "الانقسام والمشكلة التي حدثت بسبب رئاسة المجلس الأعلى للدولة، كانت سببا رئيسا لنهاية هذا المجلس الذي هو فاشل منذ بدايته ولم يبحث يوماً من الأيام عن مصلحة الشعب الليبي".
ورأى أن "القضاء لن يحل هذه الأزمة في وقت قريب، والمسار القضائي قد يطول، لأنه لا يوجد دستور يُنظم الحركة السياسية في مجلس الدولة أو النواب أو أي جهات تشريعية أخرى".
واعتبر العبدلي، أن "مجلس النواب قد ينتهي هو الآخر، بعد اقتراح اللجنة الاستشارية المنبثقة عن بعثة الأمم المتحدة إنشاء مجلس تأسيسي يتم بمقتضاه حل مجلس النواب والدولة".
ومن جانبه، قال المحلل السياسي خالد محمد الحجازي، إن "التصعيد المتجدد بين تكالة والمشري حول رئاسة المجلس الأعلى للدولة، يعكس دلالات عميقة من بينها أن الخلاف يعكس تنافساً داخلياً على شرعية تمثيل المجلس، إذ يسعى كل طرف لتأكيد سيطرته على مؤسسة تعتبر إحدى أذرع الحكم في ليبيا، خاصة في ظل غياب حكومة موحدة ومؤسسات دستورية مستقرة".
وأضاف الحجازي لـ "إرم نيوز"، أن "الصراع قد يكون انعكاساً للانقسامات بين القوى السياسية والميليشيات المسيطرة في ليبيا، حيث يتخذ المجلس الأعلى للدولة (المقرب من حكومة الوفاق سابقاً) مواقف متباينة تجاه الحكومة الوطنية الموحدة والمجلس الرئاسي، وقد تكون هناك ضغوط أو تحالفات إقليمية تدعم أطرافاً معينة داخل المجلس، ما يفاقم الأزمة".
وشدد على أنّ "هناك خطرا محدقا خاصة إذا استمر الصراع دون حلول وسطى، لأن المجلس الأعلى للدولة يعاني أصلاً من أزمة شرعية بعد إقفال مسار الحوار الوطني وعدم إجراء انتخابات، والخلافات الداخلية تقلل من تأثير المجلس في المشهد السياسي، ما قد يدفع بعض الأعضاء إلى الانسحاب أو تشكيل كتل منفصلة".
وحذر الحجازي، من "تحول الصراع إلى مواجهة علنية، قد تستغلها الميليشيات أو القوى العسكرية لتقويض أي توافق سياسي، وهذا الأمر قد يدفع جهات محلية أو إقليمية لاحتواء الأزمة، وإذا فشلت المفاوضات، قد ينقسم المجلس إلى تيارين أو يفقد شرعيته تماماً".