logo
العالم العربي

"إكسون موبيل" تعيد رسم خريطة النفوذ النفطي بين بغداد وطهران

حقل مجنون النفطي الواقع في جنوب العراقالمصدر: بلومبيرغ

أعلنت "إكسون موبيل" مؤخرًا، عقد صفقة مع شركة نفط البصرة ومنظمة تسويق النفط العراقية (سومو) لإحياء إنتاج "حقل مجنون" بجنوب العراق، الذي  يشارك جيولوجيًا حقول أزادغان الإيرانية؛ ما كشف اتّساع الفجوة بين بغداد وطهران في استغلال ثرواتهما المشتركة.

أخبار ذات علاقة

من أجواء الانتخابات البرلمانية السابقة في العراق

بين قاآني وسافايا.. انتخابات نوفمبر تؤجج الصراع الإيراني - الأمريكي على العراق

ويرى محللون أن "إكسون موبيل"، بهذه الصفقة، أعادت رسم خريطة النفوذ النفطي بالمنطقة؛ فبينما تمكّنت بغداد من تحويل حقولها الحدودية إلى مصدر قوة اقتصادية واستراتيجية، ما زالت طهران غارقة في قيود العقوبات وضعف الإدارة وسوء التعاقدات.

وتحمل هذه الصفقة الجديدة دلالات تتجاوز الأرقام؛ فالاستثمار الذي يتراوح بين 5-10 مليارات دولار لرفع الإنتاج بمقدار 240 ألف برميل يوميًا خلال 5 سنوات، لا يعكس عودة كبرى الشركات الأمريكية إلى الساحة العراقية فحسب، بل يؤكد أيضًا نجاح بغداد في بناء بيئة طاردة للركود وجاذبة لرأس المال الأجنبي.

أخبار ذات علاقة

ناقلة غاز في ميناء عراقي

مسار جديد بعيدًا عن إيران.. العراق يوقع عقد "منصة غاز" مع شركة أمريكية

وعلى الجانب الآخر، تبدو الصورة قاتمة في إيران؛ فرغم امتلاكها رابع أكبر احتياطي نفطي في العالم، فإن إنتاجها من الحقول المشتركة لا يتجاوز 200 ألف برميل يوميًا، أي أقل من ربع طاقتها الممكنة؛ خصوصًا أن العقوبات الأمريكية المتواصلة، إلى جانب البيروقراطية الداخلية والعقود النفطية القديمة ذات العوائد المحدودة، جعلت الحقول الإيرانية أشبه بكنز معطل.

ومنذ اكتشاف "مجنون" عام 1975، ظل الحقل رمزًا للتعثر المشترك، لكن السنوات الأخيرة قلبت المعادلة؛ إذ استثمر العراق في "مجنون" و"عرطاوي" و"دجلة" ليضيف نحو 300 ألف برميل يوميًا إلى إنتاجه منذ 2010، فيما عجزت إيران عن تحقيق اختراق مماثل في حقولها المقابلة مثل "أزاديغان" و"يادآوران".

ويعتقد المحللون أن الاستثمارات الصينية والروسية المحدودة لم تغيّر الواقع الإيراني كثيرًا؛ إذ بقيت مشروعاتهما حبيسة وعود بلا نتائج، وفي المقابل، رسّخت بغداد نموذجًا جديدًا من العقود الفنية ذات العوائد الأعلى (20-30%)، مقابل العقود الإيرانية المتحفظة (15-20%)؛ ما جعل الكفة تميل لصالح العراق بوضوح.

وبحسب مراقبين فإن المشهد الحدودي تبدّل بين البصرة والأهواز؛ فلم يعد مسألة نفطية فحسب، بل أصبح مؤشرًا على تحوّل أوسع في موازين القوة الإقليمية، وبينما تسعى بغداد إلى تعزيز استقلالها الاقتصادي عبر شراكات دولية مرنة، تواصل طهران إدارة ثروتها بمنطق العقوبات والتهريب، معتمدة على "تجارة ظل" تُعيد تصدير النفط الإيراني بملصقات عراقية.

وهذا المسار المتباين لجارتين تتقاسمان الجغرافيا والمكامن النفطية، يكشف أن الفارق لم يعد في حجم الاحتياطي، بل في القدرة على تحويله إلى نفوذ؛ ما يعني أن العراق يفتح آفاقه للغرب والشركات العملاقة، فيما تكتفي إيران بمشاهدة مواردها تتآكل في عزلة صنعها نظامها بنفسه.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC