جرى اليوم الثلاثاء توقيع عقد تنفيذ المنصة العائمة للغاز الطبيعي المسال بين وزارة الكهرباء العراقية وشركة "إكسيليريت إنرجي" الأمريكية.
وبموجب العقد، الذي وقع برعاية رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ستنشئ الشركة الأمريكية محطة عائمة بطاقة استيعابية تصل إلى "15 مليون متر مكعب يوميًا"، لتجهيز محطات توليد الكهرباء بالغاز الطبيعي، ولمدة "خمس سنوات قابلة للتجديد".
ووفق بيان الحكومة، فإن هذا المشروع سيُنفذ خلال "وقت قياسي وبكلفة أقل من المنصات الثابتة"، ويُعد "حلًا مرنًا وسريعًا لتأمين احتياجات العراق من الغاز".
وربط مراقبون توقيع العقد مع "إكسيليريت" بالسعي لتقليل اعتماد العراق على الغاز الإيراني، الذي يغذي نحو ثلث إنتاج الكهرباء في البلاد.
وخلال السنوات الماضية، تسببت التقلبات في الإمدادات الإيرانية بتراجع إنتاج الكهرباء بما يقارب 4 إلى 5 آلاف ميغاواط في بعض الفصول، ما أدى إلى انقطاعات حادة وأزمات متكررة.
بدورها وصفت السفارة الأمريكية في بغداد توقيع الاتفاق بـ"الخطوة التاريخية نحو استقلال العراق في مجال الطاقة عن إيران".
واعتبرت في بيان أن "المشروع سيعزز سيادة العراق ويخلق ازدهارًا لكلا البلدين" وفق تعبيرها.
من جهته، أكد السوداني، خلال استقباله وكيل وزارة الطاقة الأمريكية جيمز باتريك دانلي، بحضور القائم بالأعمال الأمريكي جوشوا هاريس، أن "الحكومة وضعت جدولًا زمنيًا لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز بحلول عام 2028"، مشيرًا إلى أن العراق "حقق بالفعل الاكتفاء من إنتاج البنزين عالي الأوكتان، ويسير باتجاه تحقيق الهدف ذاته في الغاز".
وقال السوداني إن "الشراكة مع الشركات الأمريكية ستُسهم في تدريب الملاكات العراقية واستخدام أحدث التقنيات لتطوير حقول النفط والطاقة الكهربائية"، مشددًا على أن "الاستقرار السياسي والاقتصادي الحالي أتاح إطلاق مشاريع استراتيجية غير مسبوقة في قطاع الطاقة".
ويستورد العراق من إيران ما بين 20 - 50 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا، تستخدم لتشغيل محطات الكهرباء في بغداد وجنوب البلاد.
لكن هذه الإمدادات تتقلص باستمرار بسبب ارتفاع الاستهلاك داخل إيران أو نتيجة العقوبات الأمريكية عليها، ما يجعل بغداد عرضة لضغوط مزدوجة من طهران وواشنطن.
وتشير بيانات رسمية إلى أن العراق يدفع ما بين 6 و7 مليارات دولار سنويًا مقابل الغاز والكهرباء المستوردين من إيران، بينما يُحرَق محليًا ما يفوق 1.5 مليار قدم مكعب يوميًا من الغاز المصاحب لاستخراج النفط.
وإلى جانب المنصة الجديدة، يجري العمل على إنشاء منصة عائمة أخرى في ميناء خور الزبير بالبصرة، متصلة بأنبوب بطول 45 كيلومترًا لنقل الغاز مباشرة إلى محطات الكهرباء.
كما تعمل وزارة النفط على رفع استثمار الغاز المصاحب إلى 70% مع نهاية 2025، وصولًا إلى 100% بحلول 2028.
من جانبه، أكد وكيل وزير الطاقة الأمريكي دانلي خلال اللقاء أن بلاده "ترى في العراق شريكًا محوريًا في أمن الطاقة الإقليمي"، موضحًا أن رؤية واشنطن "تقوم على تمكين بغداد من الوصول إلى الاكتفاء الذاتي وتصدير الفائض مستقبلًا".
ويرى خبراء أن توقيع العقد مع شركة أمريكية بهذا الحجم "يؤشر إلى مسار جديد في علاقة العراق بملف الطاقة"، ويمهد لتحول تدريجي نحو تنويع مصادر الاستيراد وإعادة التوازن إلى علاقاته مع كل من واشنطن وطهران.