logo
العالم العربي
خاص

بين قاآني وسافايا.. انتخابات نوفمبر تؤجج الصراع الإيراني - الأمريكي على العراق

من أجواء الانتخابات البرلمانية السابقة في العراقالمصدر: سي إن إن

في خضم الاستعدادات للانتخابات البرلمانية العراقية المقررة في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، تتصاعد المنافسة بين الولايات المتحدة وإيران لتشكيل معادلة سياسية جديدة في العراق، وسط تحوّلات إقليمية ودولية تؤثّر بشكل مباشر على المشهد السياسي العراقي.

وتسعى طهران إلى المساهمة في رص صفوف حلفائها في العراق قبل الانتخابات، كما أظهرت تحركات دبلوماسية مكثّفة، بما في ذلك زيارات مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى إلى بغداد، مثل قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني.

في المقابل، تسعى الولايات المتحدة إلى فصل الملف العراقي عن الإيراني، في خطوة غير مسبوقة منذ سنوات. وقد تجسّد ذلك في إرسال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مبعوثه الخاص إلى العراق، ماك سافايا، وهو عراقي من أصول مسيحية، إلى بغداد للتأثير في تشكيل الحكومة المقبلة. 

أخبار ذات علاقة

لافتات لمرشحين في الانتخابات العراقية

إنفاق غير مسبوق.. هل تحولت الانتخابات العراقية إلى "سوق للمال الطائفي"؟

زيارة "إسعافية"

يكشف مصدر عراقي مطلع على أجواء الزيارة التي أجراها قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني اسماعيل قاآني، إلى بغداد، أن الزيارة كانت "إسعافية"، وتهدف لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبيل الانتخابات البرلمانية التي باتت على الأبواب.

ويشير المصدر في تصريحات لـ "إرم نيوز" إلى أن قاآني ركز خلال اجتماعاته مع حلفاء طهران على ضرورة التنسيق الانتخابي وتوحيد الصفوف، إضافة إلى هيكلة الفصائل المسلحة. 

وأضاف المصدر أن "قاآني عقد اجتماعات مكثفة مع كل الأطراف الفاعلة والمؤثرة في القرار السياسي وقادة الأحزاب الرئيسة والمهمة، كما عقد لقاءات مجتمعة وأخرى منفردة مع قادة الفصائل، وجرى فيها التأكيد على التهدئة وتنظيم السلاح. كما شدد على ضرورة الحفاظ على وحدة الموقف الشيعي وترك الخلافات جانباً قبيل الانتخابات المقبلة".

وخلال الأشهر الأخيرة الماضية، تزايدت تدخلات قاآني لاحتواء الانقسام الشيعي، خصوصاً بين أطراف الإطار الذين يُعتبرون الحلفاء السياسيين لطهران، أملاً في إبقائهم على نفس التحالف بعد إعلان نتائج الانتخابات المقبلة.

إيران تغيّر استراتيجيتها

تقول مصادر سياسية متابعة إن طهران تعمل اليوم على إعادة هيكلة ملفها العراقي، بعد أن أبعدت "حزب الله" اللبناني عن إدارة العلاقات السياسية في بغداد بسبب انشغاله في المواجهة مع إسرائيل، واستبدلت عدداً من القيادات التي كانت تشرف على التنسيق مع الفصائل الشيعية العراقية.

الهدف، وفق تلك المصادر، هو تفادي التصعيد المباشر مع الولايات المتحدة، والتركيز على الحفاظ على النفوذ عبر المسار السياسي. وتضيف أن "الملف العراقي ما زال تحت إشراف قائد فيلق القدس إسماعيل قآاني، لكن الوجوه التنفيذية تغيّرت خلال الأشهر الأخيرة".

وتؤكد أن المرشد الإيراني علي خامنئي بعث مؤخرًا برسالة إلى قادة القوى الشيعية، نقلها قآاني، دعا فيها إلى "توحيد الموقف داخل الإطار التنسيقي" وانتظار نتائج الانتخابات لتحديد المرشح المدعوم لرئاسة الوزراء، على أن يكون "من داخل الإطار حصراً". 

أخبار ذات علاقة

مليشيات الحشد الشعبي في العراق

سلاح الميليشيات وظلال إيران.. واشنطن تمارس "الضغط الهادئ" عشية انتخابات العراق

الضغط الأمريكي.. عقوبات ورسائل قاسية

بالمقابل؛ كثفت واشنطن تحركاتها في الملف العراقي خلال الفترة الماضية، وفقا لمصادر سياسية عراقية تحدثت لـ"إرم نيوز"،  وتبنت خلال الأشهر الأخيرة استراتيجية جديدة "لضرب الدولة العميقة" التي بنتها طهران داخل مؤسسات الحكم العراقية، عبر فرض عقوبات على مسؤولين كبار بدرجة وزير ومدير عام، وإجبار الحكومة على إبعادهم عن المناصب الحساسة.

وقالت مصادر عراقية إن "العقوبات أصبحت أداة ضغط فعّالة تستخدمها واشنطن لتقليص نفوذ طهران"، مشيرة إلى أن "الولايات المتحدة لوّحت بتجميد الدعم المالي للحكومة ورفع الحماية عن أموال النفط العراقي في الخارج، في حال استمرت محاولات تعديل قانون الحشد الشعبي".

وبالفعل، أسقط البرلمان مؤخرا مشروع تعديل القانون بعد اعتراض أمريكي واضح، بحسب ما أكد رئيس مجلس النواب محمود المشهداني، الذي أشار إلى أن واشنطن لوّحت أيضًا بالسماح لإسرائيل بشن ضربات مباشرة ضد أهداف تابعة للفصائل داخل العراق.

ومنذ عام 2023، توسعت العقوبات الأمريكية لتشمل أكثر من مئة شركة وشخصية عراقية، من بينهم فالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي، وخميس الخنجر زعيم تحالف السيادة، وقيس الخزعلي زعيم حركة صادقون، إضافة إلى شركات مرتبطة بالحشد مثل "شركة المهندس".

ووفق مصادر دبلوماسية غربية في بغداد، فإن "الولايات المتحدة تسعى لإعادة تشكيل الخريطة السياسية العراقية بما يضمن تقليص النفوذ الإيراني إلى مستواه ما قبل عام 2012، من خلال تشجيع ظهور قوى مدنية جديدة منفتحة على الغرب".

مارك سافايا.. مبعوث بملف معقد

التحرك الأمريكي يقوده حالياً المبعوث الخاص إلى العراق مارك سافايا، وهو من أصول عراقية ويتحدث العربية بطلاقة، ويحظى بعلاقات وثيقة مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني. 

ويقول المصدر  العراقي المطلع لـ "إرم نيوز" إن مهمة سافايا تتمثل في "تحجيم الفصائل الموالية لإيران مثل كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق وحركة النجباء"، إضافة إلى "إغلاق المكاتب الاقتصادية التابعة للحرس الثوري في بغداد".

ويلفت إلى أن سافايا تمكن مؤخرا من إبرام اتفاق غير معلن مع بعض الفصائل يقضي بوقف استهداف المصالح الأمريكية والإسرائيلية داخل العراق مقابل تعهد واشنطن بعدم استهداف قيادات تلك الفصائل.

في السياق نفسه، صرح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بأن استمرار نشاط الميليشيات المدعومة من طهران "يقوض سيادة العراق ويهدد الأمن الإقليمي"، مشيرًا إلى أن نزع سلاحها يمثل شرطا أساسيا لأي استقرار مستقبلي.

انتخابات نوفمبر.. معركة حسم النفوذ

يُنظر إلى الانتخابات المقبلة باعتبارها اختبارا حقيقيا لموازين القوى بين واشنطن وطهران. وتشير التسريبات إلى أن الولايات المتحدة تضغط باتجاه اختيار رئيس وزراء يحظى بثقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، شريطة أن يتبنى "سياسة واضحة لإنهاء نفوذ الفصائل المسلحة".

 ويؤكد محللون أن "المرشح الذي سينال ثقة ترامب سيكون من خارج الإطار التقليدي، فيما تفضل طهران رئيسا من داخل الإطار التنسيقي الشيعي".

ولكن هؤلاء يحذرون من أنه "في حال استُبعدت قوى شيعية نافذة من المشاركة في الحكومة، فإن الساحة العراقية مرشحة لموجة توتر جديدة قد تعيد سيناريو عام 2021، حين اندلعت اشتباكات بين أنصار مقتدى الصدر وفصائل الإطار بعد فشل التوصل إلى اتفاق سياسي". 

أخبار ذات علاقة

لوحات إعلانية انتخابية للمرشحين في بغداد

اعتراضات وجدل واسع.. استبعاد مرشحين بارزين يشعل الانتخابات العراقية

صراع على تخوم بغداد

المراقبون يرون أن العراق يقف اليوم أمام لحظة حاسمة بين إعادة تشكيل نظامه السياسي برعاية أمريكية، أو التمسك بالمحور الإيراني الذي يرى في بغداد خط الدفاع الأول عن طهران.

وفي ظل التوترات المتصاعدة في الإقليم، يخشى كثيرون أن تتحول انتخابات نوفمبر إلى معركة نفوذ مفتوحة بين واشنطن وطهران، قد يتجاوز ميدانها السياسة إلى الأمن والاقتصاد وحتى الشارع العراقي نفسه.

وتشير تحليلات سياسية إلى أن واشنطن قد تدعم تولي رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، المنصب لولاية ثانية، وذلك لتحجيم دور طهران في العملية السياسية العراقية.

ورغم دعمه من قبل فصائل مدعومة من إيران، يسعى السوداني إلى تحقيق توازن في علاقات العراق مع كل من واشنطن وطهران. وقد أظهر مرونة في التعامل مع الضغوط الأمريكية، حيث انتقد العقوبات الأحادية على الفصائل المرتبطة بإيران، في الوقت الذي يدعو فيه إلى حصر السلاح بيد الدولة وهو شعار تتبناه واشنطن، وتعارضه الميليشيات التابعة لإيران.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC