حدد خبراء مجموعة من المتغيرات والترتيبات المطلوبة من دمشق لذهاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى رفع العقوبات، التي تفرضها واشنطن منذ سنوات على سوريا، بشكل نهائي، لاسيما بعد إعلانه عن ذلك من العاصمة السعودية الرياض.
وأوضحوا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن في صدارة تلك الترتيبات، مدى قدرة الحكومة السورية على ضبط الأمن الداخلي ووقف المجازر التي تجري في عدة مناطق في صدارتها الساحل السوري وغيره، وضبط الانتهاكات التي تجاوزت الشكل الفردي، والسيطرة على الفصائل المسلحة "المنفلتة".
وكان ترامب أعلن مؤخرا، رفع العقوبات المفروضة على سوريا، مشيرا إلى أن هذا القرار جاء بطلب مباشر من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وقال ترامب في تصريحات خلال زيارته للرياض: "قررنا رفع العقوبات عن سوريا لنمنح هذا البلد فرصة جديدة. لقد شهدت سوريا الكثير من البؤس".
خطوة مهمة
ويقول أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور عبد المسيح الشامي، إن تحرك الإدارة الأمريكية نحو تخفيف العقوبات خطوة مهمة للغاية في سياق إعادة دمج سوريا بالمجتمع الدولي، لاسيما عندما يأتي الاتجاه لهذا التخفيف من جانب الولايات المتحدة التي كانت في الأساس وراء العقوبات التي فُرضت على دمشق، ومن ثم سيرفع ذلك الغطاء "الحصار" عن سوريا بشكل أو آخر.
وبين الشامي في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن العمل ضمن هذا الاتجاه كما أعلن ترامب من الرياض، سيجعل سوريا تتمكن من إعادة بناء نفسها، سواء كان ذلك على الصعيد السياسي على المستوى الإقليمي والدولي، وأيضا على المستوى الداخلي في عدة أشكال، موضحا أن المضي في رفع العقوبات يعني في الوقت ذاته الاعتراف بشرعية النظام الجديد بشكل مباشر؛ مما سيعطي جرعة من القوة للرئيس أحمد الشرع ودوائر العمل معه.
مكاسب اقتصادية
وأشار الشامي إلى أن سوريا بحاجة لهذه الخطوة الآن، وأن النظام الحالي والشرع بشكل خاص يذهب إلى خطوات مهمة وذكية في سياق العمل على رفع العقوبات وإعادة تفعيل الدور السوري وتموضع دمشق في مكان صحيح يناسبها على المستوى الإقليمي والعالمي.
ويتوقع الشامي، أن الذهاب إلى رفع العقوبات سيصاحبه توقيع اتفاقيات مهمة للاستثمار الأمريكي داخل سوريا؛ الأمر الذي سيترتب عليه فتح آفاق جديدة لإعادة بناء البنى التحتية والاقتصادية في سوريا، وهو ما سيصاحبه ضخ كميات من الأموال التي تساعد في عملية إعادة الإعمار.
وبيّن أن الذهاب نحو هذه الخطوات سيشجع في الوقت ذاته دولا أخرى ومستثمرين من شتى أنحاء العالم والشرق الأوسط، نحو الخطوة نفسها تجاه سوريا؛ ما سيعطي المزيد من الإمكانيات الاقتصادية لدمشق التي تجذب عدة دول إلى سوريا التي هي أيضا في حاجة إلى هذه الصورة.
رفع مشروط
فيما يرى المحلل السياسي السوري يعرب خيربك، أن رفع العقوبات يتطلب ترتيبات حقيقة من الداخل السوري أمام ترامب، للمضي في تنشيط رفع العقوبات كما أعلن ما بين ضبط الأمن ووقوف الولايات المتحدة على ذلك، وبعدها يكون الطريق مفتوحا لترجمة حقيقية وفعلية لرفع العقوبات التي ينويها الرئيس الأمريكي وانعكاس آثارها الإيجابية.
وأوضح خيربك في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن رفع العقوبات عن سوريا بمثابة مسايرة لمطالب من دول عربية وخليجية، وهو ما جاء في طلب مباشر من ولي العهد السعودي؛ الأمر الذي يتلاقى مع محاولة دعم لمعافاة سوريا وإمكانية فتح الأبواب العالمية على دمشق.
ونبه إلى أن رفع العقوبات سيتم من خلال ترتيب مراحل، وسط أهمية اعتراف من واشنطن بالحكومة السورية بشكل رسمي، لافتا إلى وجود عراقيل في الوقت نفسه لا تُعطي تفعيلا حقيقيا لتخفيف العقوبات، من بين ذلك التقرير الأمريكي بتجديد تصنيف سوريا على أنها منطقة خطرة.
تأهيل الداخل
وأردف خيربك أن الإعلان للمرة الثالثة من جانب واشنطن أن سوريا غير آمنة وأنه يجب على الأمريكيين الخروج منها، لا يفتح مجالا من الاستفادة في حال تخفيف العقوبات؛ لأن الوضع الأمني هو الذي يطمئن حركات الاستثمار والمال أكثر من الوضع السياسي.
ورجح خيربك أن ترامب سيرهن رفع العقوبات بعدة متغيرات تتعلق بضبط الأمن الداخلي ووقف المجازر التي تجري في عدة مناطق في صدارتها الساحل السوري، وضبط الانتهاكات التي تجاوزت الشكل الفردي.
وذكر خيربك أن من أهم مراحل تأهيل الداخل أمام واشنطن للمضي قدما في رفع العقوبات، أن يكون هناك دستور وحكومة عليهما توافق داخلي وقبول إقليمي ودولي، وسط آمال من الشارع السوري قبل النظام أن يكون رفع العقوبات حقيقة وقت تنفيذ مراحلها.