رئيس الموساد يعتبر أن على إسرائيل "ضمان" عدم استئناف إيران لبرنامجها النووي

logo
العالم العربي

فوضى ومخاوف من امتداد حرب مالي إلى الجنوب الليبي

عناصر من جماعة نصرة الإسلام والمسلمينالمصدر: (أ ف ب)- أرشيفية

تعيش مالي على وقع حصار اقتصادي منذ عدة أسابيع، نتيجة هجمات مستهدفة شنتها جماعة نصرة الإسلام والمسلمين المتطرفة، على قوافل شاحنات صهريج قادمة من الدول المجاورة، في تطورات إقليمية تؤكد أنها لم تعد شأناً داخليا، بل هي تهديد مباشر ومتصاعد يمتد حتى الجنوب الغربي لليبيا.

وتُحاصر الجماعة، الفرع المحلي التابع لتنظيم القاعدة، باماكو، وتقطع طرق الإمداد، وتتناقص مخزونات الوقود، وسط تراجع قوات الجيش المالي إلى الوراء.

هذا التطور سلطت عليه الضوء، ورقة تقدير موقف استراتيجية الضوء الصادرة عن المعهد الدولي للبحوث والدراسات الليبية وأعدها كبير المستشارين السابق في الأمم المتحدة الدبلوماسي إبراهيم قرادة، وحملت عنوان "من أزواد إلى فزان: تقلبات مالي وتحولات الساحل الكبرى... هل يقترب لهيب القاعدة وداعش من ليبيا؟".

واستحضر قرادة احتضان ليبيا رالي ودان في نسخته 2025 حين تجمع مئات الشباب بسياراتهم ذات الدفع الرباعي في صحراء ودان في مهرجانهم السنوي الدوري، بعد سنوات من دحر منظمات الإرهاب بعد حرب ضروس ليبية دولية ضدها.

وبالنسبة له تواصل إمكانية إقامة رالي ودان السنة القادمة 2026 في عمق الصحراء الليبية، رغم طابعه الترفيهي والسياحي، يثير تساؤلات مشروعة حول استمراره، بالنظر إلى الأمن الإقليمي الهش في ظل توسع وتصاعد نشاط الجماعات المتشددة في الجوار المالي والنيجري والمتداخلة من نشاطات الهجرة والتهريب وتجارة الوقود والسلاح والمخدرات، وما إذا كانت تلك الفعاليات ستكون مستقبلا رهينة تهديدات العنف العابر للحدود. 

أخبار ذات علاقة

أفراد من الجيش المالي قرب طائرة مسيرة

المسيّرات تدخل الميدان.. هل يستعيد الجيش المالي زمام المبادرة أمام "القاعدة"؟

مالي محور التحولات الكبرى

وتشير الورقة إلى الأوضاع في منطقة الساحل الأفريقي التي تشهد واحدة من أكثر مراحلها اضطرابا منذ عقود، أين تتقاطع فيها الأزمات الأمنية والسياسية والاقتصادية في مسرح واسع يمتد من بوركينا فاسو إلى السودان، مرورًا بمالي والنيجر وتشاد..

وفي قلب هذه الفوضى، تبرز مالي بوصفها محور التحولات الكبرى، بعد أن تحولت من ساحة نفوذ فرنسي إلى قاعدة للحضور الروسي، ومن ساحة صراع محلي إلى بؤرة تتقاطع فيها مصالح الجماعات المتطرفة والتنظيمات العابرة للحدود.

وتسببت التحولات التي عرفتها مالي خلال الأعوام الأخيرة - ولا سيما بعد الانقلابات العسكرية المتتالية وانسحاب فرنسا وانهيار منظومة الساحل "جي 5 " في فتح الباب أمام تصاعد نفوذ تنظيمي القاعدة وداعش اللذين عادا لاحتلال مساحات واسعة من شمال البلاد ووسطها، مستغلين ضعف الدولة وتراجع التنسيق الإقليمي، وتنامي اقتصاد الذهب والتهريب.  

وفي هذا السياق، لليبيا أهمية خاصة لكونها تمثل الامتداد الجغرافي الطبيعي لهذه الأزمات. فجنوبها الغربي (فزان) - الممتد من غات إلى أوباري وسبها ومرزق، وشمالا إلى تخوم جبل نفوسه وخليج سرت - يشكل صلة وصل حيوية بين الصحراء الكبرى والساحل الإفريقي مع البحر المتوسط ويعد من أكثر المناطق هشاشة أمنيًا.

ومع عودة الأنشطة الإرهابية إلى شمال مالي وازدياد التحالف بين شبكات التهريب والجريمة المنظمة، حذر الدبلوماسي قرادة من تصاعد احتمالات انتقال الخطر نحو الداخل الليبي عبر الحدود المفتوحة، سواء عبر عناصر إرهابية أم تدفقات السلاح والبشر والمخدرات.

والمعروف عن مالي أنها تعد اليوم نموذجًا مصفّرًا لتراكم أزمات إفريقيا المعاصرة من حدود مصطنعة ومستعجلة الترسيم، موروثة عن المرحلة الاستعمارية والتي لم تنته فعليا باستمرار التبعية. إلى تنوع عرقي وثقافي غير مدموج في دولة وطنية جامعة، بسبب سياسات التمييز الاجتماعي والاقتصادي، وتفاوت الموارد جغرافيا.

وقد أوجدت الانقسامات الداخلية في مالي، فراغاً أمنياً ملأته التنظيمات المتطرفة مثل "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" و "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، التي تقاطعت مع خطاب الدفاع عن "الطوارق المهمشين" لتوسيع قاعدتها الشعبية.

الاقتصاد غير المشروع كوقود للصراع

ويواصل قرادة موضحا "رغم فقر مالي الرسمي، فإن الدراسات تشير بغناها بالذهب واليورانيوم والموارد الطبيعية، غير أن استغلال هذه الثروات تم في إطار اقتصاد مواز تتحكم فيه جماعات مسلحة وتنظيمات متطرفة، حيث حولت تجارة الذهب إلى مصدر تمويل رئيسي لحروبها". فقد سيطرت الجماعات المرتبطة بالقاعدة وداعش على مناطق التعدين الحرفي في الوسط والشمال، وفرضت الإتاوات على العاملين فيها، ما مكنها من تمويل ذاتي مستدام.  

ثلاثة سيناريوهات مستقبلية

ورصد قرادة ثلاثة سيناريوهات مستقبلية، أبرزها سيناريو التصعيد العسكري ويتعلق باستمرار العسكرة في مالي وانهيار الدولة فيها، ودعم الجماعات المسلحة من الخارج، ما قد يؤدي إلى توسع الإرهاب في جنوب ليبيا، وزيادة النزاعات القبلية والاحتكاكات المسلحة.

أما السيناريو الثاني يخص الاستقرار الجزئي، فإذا نجحت ليبيا في تعزيز السيطرة على الجنوب والتعاون الإقليمي، يمكن الحد من تهريب السلاح والمقاتلين، مع تقليص النفوذ الإرهابي تدريجيا.

وأخيرا سيناريو التدهور الإقليمي الشامل، من تصادم النفوذ الروسي في دول الساحل مع الغرب، الأمر الذي يمنح للجماعات الإرهابية فرصة تحول دون مواجهة فعالة؛ ما قد يخلق حلقة عنف متواصلة تمتد من دول الساحل الإفريقي إلى جنوب ليبيا، الساحل، وحتى من بعض دول غرب إفريقيا إلى المتوسط، ما يهدد الأمن والسلم الإقليميين. 

أخبار ذات علاقة

جماعات مسلحة متشددة في مالي

صراع على الأرض والذهب.. مالي تواجه خطر الانزلاق إلى النموذج الصومالي

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC