لاحظ مراقبون يمنيون غياب إعلان الحوثيين عن تنفيذ أي عمليات عسكرية منذ الضربة الجوية التي نفذتها إسرائيل مساء السبت في اليمن.
وتقول إسرائيل، إن الغارة استهدفت مقرًا سريًا كان يشهد اجتماعًا لقيادات حوثية بارزة، فيما تشير التقارير إلى أن الضربة أسفرت عن مقتل وجرح عدد من القادة الحوثيين، وسط تعتيم وتكتم شديدين.
وكان آخر إعلان للحوثيين عن تنفيذ عملية عسكرية ضد أهداف إسرائيلية في اليوم التالي مباشرة للضربة غير المتوقعة، إذ خرج المتحدث الرسمي باسمهم، صباح الأحد، ببيان مكرر عن تنفيذ عمليات عسكرية.
وفي هذا السياق، قال الخبير في الشؤون العسكرية محمد الكميم، إنه "منذ إعلان إسرائيل استهداف رئيس أركان ميليشيات الحوثي محمد الغماري، في قلب صنعاء المحتلة، لم تنفذ الميليشيا أي هجوم جديد تجاه إسرائيل، وها نحن ندخل اليوم الخامس على التوالي دون تسجيل أي عملية فعلية".
وأضاف الكميم لـ"إرم نيوز": "يبدو أن الضربة الإسرائيلية أحدثت صدمة داخل الصف القيادي الحوثي، خاصة مع تأكيدات بمقتل أو إصابة عدد من القيادات العسكرية النوعية، بينهم خبراء في إطلاق الصواريخ الباليستية، وليس فقط محمد الغماري وحده كما أُشيع".
وتابع: "تشير التقارير إلى أن الضربة طالت عددًا من هذه القيادات، وهو ما قد يُفسر توقف إطلاق الصواريخ. فلو كان الغماري وحده هو المستهدف، لما حدث هذا التوقف الكامل".
ومنذ منتصف العام الماضي، نفذت القوات الإسرائيلية ضربات جوية، في أوقات متفاوتة، استهدفت منشآت يمنية ومقار لمؤسسات الدولة في مناطق سيطرة الحوثيين.
لكنها المرة الأولى التي تُوجّه فيها ضربة مباشرة لهدف حوثي حقيقي.
وأشار الكميم إلى "مؤشرات على أن الحوثيين يواجهون تراجعًا كبيرًا في قدراتهم الصاروخية بعيدة المدى، إما بسبب استنزاف جزء كبير من ترسانتهم، أو لانشغال إيران في معاركها الخاصة، أو بسبب القيود اللوجستية الناتجة عن استهداف موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، بالإضافة إلى أن جهود المراقبة الدولية بدأت تؤتي ثمارها".
ولم يستبعد أن "يكون التراجع الحوثي عن تنفيذ الهجمات ناتجًا أيضًا عن تكتيك مقصود، باستخدام ما تبقى من قدراتهم بعناية شديدة وفي أضيق الحدود".
من جانبه، رأى الصحفي المتخصص في الشؤون الأمنية والعسكرية أحمد شبح، أن "توقف العمليات الحوثية ضد إسرائيل يمكن تفسيره بأنه استجابة لتحذير حملته الضربة الأخيرة على صنعاء، وكانت كافية لردع الجماعة، أو أنهم يواجهون صعوبات فنية وتشغيلية، أو أن مخزونهم من الذخائر بعيدة المدى محدود، وقرروا الاحتفاظ به لقادم يبدو قاتمًا".
وقال شبح لـ"إرم نيوز": "لكن من الواضح أن الجماعة تتحضر لإعادة التموضع وتغيير تكتيكات عملياتها خارج حدود اليمن، وفق التطورات الإقليمية ومستوى الرد الذي قد تتخذه إيران، والتي ربما تتجه للتصعيد في البحر الأحمر، وباب المندب، وخليج عدن، وصولًا إلى البحر العربي، واستهداف قواعد أمريكية في دول عربية".
وأضاف: "في هذه الحالة، ستكون الميليشيا الحوثية ذراعًا رئيسة في التصعيد الإيراني، وستتمكن الجماعة من استئناف عملياتها البحرية، واستخدام مخزونات أسلحة متوسطة المدى، أي ذات مدى أقرب جغرافيًا من إسرائيل".
ولم تخلُ الفترة الماضية، من تصريحات لقيادات حوثية، وصلت إلى مستوى زعيمهم عبد الملك الحوثي، ورئيس مجلسهم السياسي مهدي المشاط، تحدثت عن استمرار عملياتهم ضد إسرائيل دعمًا لغزة، بل وذهبت إلى حد التلميح بمشاركة إيران في حربها مع إسرائيل.
وأشار شبح في هذا الإطار، إلى أنه "رغم استمرار التصريحات الحوثية حول مواصلة العمليات دعمًا لغزة، فإن اندلاع الحرب الإسرائيلية الإيرانية أربك خطط الجماعة وتكتيكات عملياتها بعيدة المدى".
ولفت إلى أنه "خلال الساعات الأولى من الهجمات الإسرائيلية على إيران فجر الجمعة، انخرط الحوثيون في عمليات منسقة مع الجيش الإيراني والحرس الثوري، وأطلقوا رشقة من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة".
لكن، لاحقاً، توقفت العمليات الحوثية بعد الغارة الإسرائيلية.