logo
العالم العربي

هل يصبح الأكراد "الرقم الصعب" في تشكيل الحكومة العراقية؟

البرلمان العراقيالمصدر: رويترز

تتجه الساحة الكردية في العراق إلى مرحلة جديدة من إعادة التموضع السياسي، بعد أن حسم الحزبان الرئيسان، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، مواقعهما داخل البرلمان المقبل، وسط مؤشرات أولية توحي بأن الكتل الكردية ستعود مجددًا لتكون "بيضة القبان" في معادلة تشكيل الحكومة في بغداد.

وبحسب النتائج والمعطيات الأولية، تمكن الحزب الديمقراطي الكردستاني من ترسيخ موقعه كأكبر قوة انتخابية في الإقليم بنحو 30 مقعدًا، مع حضور قوي في نينوى ودهوك، وتحسن لافت في مناطق السليمانية ورابرين وحلبجة. في المقابل، حصل الاتحاد الوطني الكردستاني على 18 مقعدًا عززت مكانته كقوة رئيسة ثانية داخل البيت الكردي.

وهذا التوازن بين الطرفين يفتح الباب أمام مرحلة تفاوض معقدة، ليس فقط مع القوى الشيعية والسنية، بل أيضًا داخل الإقليم نفسه، حيث يسعى كل حزب لإعادة تشكيل موقعه التفاوضي بما ينسجم مع نتائج صناديق الاقتراع.

ويرى مراقبون أن الحزب الديمقراطي الكردستاني يدخل الاستحقاقات المقبلة بثقل سياسي أكبر من الدورات السابقة، مدعومًا بكتلة تصويتية واسعة ونتائج متقدمة في مناطق حساسة.

ويعتقد متابعون أن هذا المعطى يمنح قيادة الديمقراطي مساحة أكبر في التفاوض بشأن شكل الحكومة المقبلة، خصوصًا في الملفات المتعلقة بموازنة الإقليم، وقانون النفط والغاز، والحقوق الدستورية المتعلقة بالرواتب والنفط والمنافذ الحدودية.

أخبار ذات علاقة

الانتخابات العراقية

صراع خلف الكواليس.. من يحكم بغداد بعد "المعركة الانتخابية"؟

منصب رئاسة الجمهورية

كما يُتوقع أن يسعى الحزب إلى تأكيد دوره في اختيار رئيس الجمهورية، بوصفه منصبًا تقليديًا للمكون الكردي، مع الدفع باتجاه ضمان شراكة أوضح في القرارات السيادية المتعلقة بالعراق ككل، وهو ما قد يضعه في موقع متقدّم ضمن أي صيغة تفاوضية مع القوى الشيعية الفائزة.

ورأى الباحث في الشأن السياسي، هفال مريوان، أن "نتائج الاقتراع الأخيرة أظهرت انتقال الحزب الديمقراطي الكردستاني من مجرد كتلة كبيرة داخل الإقليم إلى لاعب مؤثر على توازنات البرلمان الاتحادي، بعد أن عزز حضوره في المدن الرئيسة وضمن مقاعد إضافية عبر دوائر الأقليات".

وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "هذا التوسع في النفوذ يعزز قدرة الحزب على فرض مقاربة تفاوضية أكثر تماسكًا مع بغداد، ويمنحه هامشًا أوسع في صياغة التفاهمات المتعلقة بالحكومة المقبلة، في وقت تبحث فيه القوى العراقية عن طرف يمتلك استقرارًا تنظيميًا وسياسيًا يمكن البناء عليه".

أخبار ذات علاقة

أحد أنصار محمد شياع السوداني

تفاؤل حذر وأزمات متراكمة.. الشارع العراقي "متوجس" من نتائج الانتخابات

الاتحاد الوطني

على الجانب الآخر، يبدو الاتحاد الوطني الكردستاني، أكثر ثباتًا هذه المرة مقارنة بالانتخابات السابقة، إذ حافظ على عمقه السياسي في السليمانية وكرميان وحلبجة، ما يمنحه هو الآخر وزنًا مؤثرًا في الحوارات المقبلة.

ويطرح الاتحاد داخل الأوساط الكردية بوصفه القوة الأكثر اقترابًا من القوى الشيعية التقليدية، ما يجعله رقمًا مهمًا في أي محاولة لاستعادة التوازن داخل البيت الكردي، وسط تساؤلات عما إذا كان البيت الكردي سيذهب متحدًا إلى بغداد للتفاوض بشأن مناصبه.

بدوره قال عضو الاتحاد الوطني أحمد الهركي، إن "الحديث عن توافقات نهائية داخل البيت الكردي ما يزال مبكرًا، لأن المرحلة الحالية تتطلب قراءة دقيقة لنتائج الانتخابات وتقدير خطوات المرحلة المقبلة".

وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "أي تقارب حقيقي بين الحزبين الرئيسين سيعزز قدرة الإقليم في التفاوض مع بغداد، خصوصًا في الملفات المتعلقة بالاستحقاقات الدستورية وحقوق المحافظات الكردية".

أخبار ذات علاقة

مركز اقتراع خلال الانتخابات العراقية

بعد حضور قوي.. الانتخابات العراقية تُقصي الأحزاب المدنية

استعادة مقاعد الكوتا

وعلى مستوى مقاعد الكوتا، أظهرت النتائج تقدمًا لافتًا لمرشحين مدعومين من الحزب الديمقراطي في دوائر المسيحيين والإيزيديين والكورد الفيليين، مقابل تراجع حركة بابليون المرتبطة بميليشيات عراقية مسلحة، والتي كانت تنازع الديمقراطي الكردستاني على نفوذه في مناطق عدة، لكنها الآن خسرت جزءًا من نفوذها المسيحي.

ويرى متابعون أن هذه التغييرات تمنح القوى الكردية حضورًا إضافيًا داخل البرلمان، وتعيد تعريف طبيعة التمثيل في دوائر الأقليات، والتي غالبًا ما كانت مسرحًا لصراع سياسي أوسع بين قوى من خارج الإقليم.

وبحسب تقديرات أولية، فإن مجموع المقاعد الكردية، بقيادة الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني، إضافة إلى قوى أصغر يجعل من الإقليم طرفًا أساسيًا في تحديد شكل الحكومة المقبلة.

ويرى مراقبون أن القوى الشيعية والسنية لا يمكنها المضي بتشكيل حكومة مستقرة دون شراكة كردية واضحة، في ظل الملفات المتراكمة بين الجانبين، سواء ما يتعلق بالنفط والغاز أم الموازنة أم المناطق المتنازع عليها.

وتشير توقعات إلى أن الحزبين الكرديين قد يتجهان إلى تنسيق أكبر من أجل ضمان مكاسب سياسية واقتصادية للإقليم، على الرغم من التباين التقليدي بينهما، فالديمقراطي يسعى لتعزيز موقعه كصاحب الثقل الأكبر، في حين يطمح الاتحاد الوطني إلى تثبيت دوره في بغداد واستعادة جزء من نفوذه السابق.

أخبار ذات علاقة

المليشيات العراقية

من السلاح إلى الصناديق.. كيف تراهن الميليشيات العراقية على الانتخابات؟

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC