logo
العالم العربي

بعد حضور قوي.. الانتخابات العراقية تُقصي الأحزاب المدنية

مركز اقتراع خلال الانتخابات العراقيةالمصدر: (أ ف ب)

أقصت الانتخابات العراقية الأحزاب المدنية والقوى التشرينية، دون أن تحصد أي مقعد نيابي، رغم حضورها القوي في الشارع قبل أعوام قليلة.

ولم تتمكن التحالفات المدنية، مثل تحالف "البديل"، من تجاوز العتبة الانتخابية رغم حصوله على نحو 12 ألف صوت في بغداد، فيما لم يحقق النائب السابق سجاد سالم سوى ثلاثة آلاف صوت في واسط، في مؤشر على تراجع نفوذ هذا التيار الذي تصدّر واجهة الاحتجاجات بين عامي 2019 و2021.

وتقول قراءات سياسية إن هذا التراجع لم يكن مفاجئًا، خصوصًا بعد انتقال عدد من الوجوه المدنية خلال السنوات الماضية إلى التحالفات الحكومية أو اندماجهم في تكتلات كبرى، الأمر الذي أفقدهم القدرة على الظهور كبديل مستقل أو منافس حقيقي داخل المشهد الانتخابي.

كما تعرّضت تلك القوى لانقسام حاد بين من يرى ضرورة مقاطعة الانتخابات "الخاضعة لشروط القوى التقليدية"، وبين من اعتبر المشاركة "أمرًا واقعياً" لتجنب العزلة السياسية، وهو انقسام انعكس مباشرة على جمهورهم الذي فقد الثقة تدريجيًا بقدرة هذه المجموعات على إحداث تغيير فعلي.

ثنائية المال والسلاح

وفي هذا السياق، يرى رئيس مركز الإعلام في واشنطن، نزار حيدر، أن "المشكلة الأعمق ليست فقط في خيارات تلك القوى، بل في طبيعة البيئة السياسية التي تخوض فيها الانتخابات".

وقال حيدر لـ"إرم نيوز" إن "المشهد الانتخابي في العراق محكوم بسطوة الإعلام السياسي، وهيمنة المال الانتخابي، ونفوذ الجهات المسلحة التي تملك أدوات أكبر بكثير من إمكانات القوى المدنية"، مشيرًا إلى أن "هذه المعادلة تجعل فرص المنافسة شبه مستحيلة، خصوصًا لقوى لا تمتلك شبكات نفوذ أو دعمًا ماليًا أو قدرة على إدارة حملات واسعة".

وبرزت خسائر واضحة بين الشخصيات المدنية التي انتقلت خلال الدورة السابقة إلى التحالفات الكبرى، مثل حميد الشبلاوي، وحيدر طارق في النجف، ونور نافع في ذي قار، حيث لم يتمكن أي منهم من العودة إلى البرلمان.

وبحسب مراقبين، فإن هذا المسار عزز القناعة لدى جمهور تشرين بأن جزءًا من ممثليهم السابقين أصبح جزءًا من المنظومة التي خرجوا ضدها؛ ما سرّع انهيار الرصيد الجماهيري الذي حملهم سابقًا إلى مجلس النواب.

أخبار ذات علاقة

 السوداني يحضر تجمعا انتخابيا لائتلاف إعادة الإعمار والتنمية

حقل ألغام طائفي وسياسي.. صراعات تهدد توافقات اللعبة السياسية في العراق

سطوة القوى التقليدية

بدوره، يؤكد الباحث والأكاديمي غالب الدعمي أن "خسارة نواب وقوى تشرين جاءت بالدرجة الأولى بسبب ابتعادهم عن جمهورهم، وعدم قدرتهم على الحفاظ على الزخم الذي اكتسبوه خلال الاحتجاجات".

وأوضح الدعمي لـ"إرم نيوز" أن "التجربة المدنية عانت من سوء اختيار المرشحين من جهة، ومن تطويق القوى التقليدية لهم من جهة أخرى؛ ما أفقدهم القدرة على الصمود في سباق انتخابي شديد التعقيد".

وبين أن "الانقسام الداخلي، وغياب التنظيم، وضعف الخبرة، أسهمت جميعها في انهيار المشروع التشريني الذي كان يعوّل عليه كثير من الشباب".

وتشير خلفيات سياسية إلى أن التحولات التي عاشتها الحركة المدنية بعد 2021، لا سيما اندماج بعضها في تحالفات حكومية داخل البرلمان، أسهمت في تفريغ خطابها من محتواه الأصلي.

وبعدما كانت تلك القوى تتبنى شعارات واضحة حول مدنية الدولة ومكافحة الفساد ورفض سطوة السلاح، وجدت نفسها لاحقًا جزءًا من مشهد تقوده التحالفات التقليدية؛ ما جعل خطابها أقل تمايزًا بنظر قطاع واسع من جمهور المحتجين.

كما يرى مختصون أن استمرار ملفات كبرى بلا حلول، مثل محاسبة قتلة المتظاهرين أو الحد من نفوذ الجماعات المسلحة، عمّق فجوة الثقة بين الشارع وهذه القوى التي وجدت نفسها عاجزة عن فرض أي تغيير تشريعي خلال الفترة السابقة، في ظل هيمنة الكتل السياسية الأكبر على مفاصل الدولة.

وبعد إعلان النتائج شبه النهائية، تصدّر ائتلاف الإعمار والتنمية بزعامة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني النتائج بـ46 مقعدًا، تلاه حزب تقدم بزعامة محمد الحلبوسي بـ36 مقعدًا، ثم ائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي بـ30 مقعدًا.

ويؤشر هذا الترتيب مسارًا انتخابيًا حافظ على توزيع القوى التقليدي، دون قدرة للتيارات المدنية على خرق المشهد أو تشكيل كتلة منافسة.

أخبار ذات علاقة

الانتخابات العراقية

صراع خلف الكواليس.. من يحكم بغداد بعد "المعركة الانتخابية"؟

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC