أظهرت دراسة، أن النساء بعد منتصف العمر، اللواتي يشعرن بالوحدة أكثر عرضة لزيادة عدد ساعات مشاهدة التلفاز مع مرور الوقت.
ولم تجد الدراسة، التي نُشرت في مجلة الاضطرابات العاطفية، أدلة على أن زيادة مشاهدة التلفاز تؤدي إلى الشعور بالوحدة لدى أي من الجنسين.
واستندت نتائج الدراسة إلى بيانات من "الدراسة الطولية الإنجليزية للشيخوخة"، وهي مسح وطني تمثيلي يتابع أنماط الصحة، ونمط الحياة لدى البالغين، الذين تزيد أعمارهم على 50 عامًا.
وشملت الدراسة، التي تأتي في ظل التحذيرات المتواصلة من تداعيات العزلة والسلوك الخامل، تحليلات لـ6,788 مشاركة ومشارك، منهم 3,684 امرأة و3,104 رجال، وتم جمع البيانات بين عامي 2008 و2013.
وهدفت الدراسة، التي قادها كل من زيجون ليو، وليي زو من مختبر "الجسد-الدماغ-العقل" في جامعة شينزين في الصين، إلى توضيح العلاقة السببية بين الشعور بالوحدة والسلوك الخامل، خاصة الوقت المخصص لمشاهدة التلفاز.
وعلى الرغم من أن دراسات سابقة ربطت بين قضاء وقت أطول في الجلوس أو مشاهدة الشاشات وارتفاع مستويات الشعور بالوحدة، إلا أن الاتجاه السببي ظل غير واضح.
وقال زو: "أردنا أن نعرف ما إذا كانت الوحدة تدفع الأفراد إلى مشاهدة التلفاز، أم أن مشاهدة التلفاز لفترات طويلة تساهم في تآكل الروابط الاجتماعية مع الوقت".
وأضاف أن تحديد الاتجاه الزمني للعلاقة ضروري لتصميم تدخلات فعالة في الصحة العامة، لا سيما مع تزايد القلق بشأن العزلة الاجتماعية، وأنماط الحياة الخاملة لدى كبار السن.
وباستخدام نماذج إحصائية متقدمة تُعرف باسم "نماذج الألواح العرضية المؤجلة ذات التقاطع العشوائي"، حلل الباحثون أنماط التغير داخل الأفراد عبر الزمن، إلى جانب الفروق المستقرة بين الأشخاص.
وأخذ الباحثون بعين الاعتبار مجموعة واسعة من العوامل المؤثرة المحتملة، مثل: الحالة الاجتماعية، والعمل، والنشاط البدني، وأعراض الاكتئاب، ومؤشر كتلة الجسم.
وأظهرت النتائج أن النساء اللواتي سجلن نقطة إضافية على مقياس الوحدة بجامعة كاليفورنيا (UCLA Loneliness Scale) زدن في المتوسط 9 دقائق يوميًا من مشاهدة التلفاز بعد عامين.
ورغم أن تلك العلاقة استمرت حتى بعد ضبط العوامل الأخرى، إلا أنه لم ترتبط زيادة مشاهدة التلفاز، لاحقًا، بزيادة الشعور بالوحدة.
أما لدى الرجال، فلم تظهر علاقة ذات دلالة إحصائية في أي من الاتجاهين، رغم أنهم أيضًا أظهروا ارتباطًا ثابتًا بين مستوى الوحدة ومعدل مشاهدة التلفاز في أي لحظة زمنية.
وعند بداية الدراسة، سجلت النساء درجات وحدة أعلى بقليل من الرجال، وشاهدن التلفاز بمتوسط 30 دقيقة أكثر يوميًا.
ويرى الباحثون أن التلفاز قد يعمل كآلية للتكيف أو وسيلة لملء الفراغ العاطفي لدى النساء اللواتي يعانين من العزلة الاجتماعية، إذ يوفر إلهاءً أو شعورًا بالرفقة أو ببساطة وسيلة منظمة لقضاء الوقت.
وبيّن زو أن الدراسة "تشير إلى أن الوحدة قد تكون مؤشرًا على زيادة وقت مشاهدة التلفاز مستقبلًا، لا سيما لدى النساء"، مضيفًا: "تشير نتائجنا إلى الحاجة إلى تدخلات موجهة لمعالجة الشعور بالوحدة بين النساء الأكبر سنًا، كوسيلة للحد من أنماط الحياة الخاملة".
ولفتت الدراسة إلى أن مشاهدة التلفاز هي أكثر أشكال السلوك الخامل شيوعًا بين كبار السن، لكن ليس كل سلوك خامل له التأثير النفسي ذاته. فعلى سبيل المثال، قد تختلف التأثيرات النفسية للأنشطة الذهنية، مثل القراءة، عن الأنشطة السلبية مثل مشاهدة التلفاز.
ورغم قوة الدراسة، أشار الباحثون إلى عدة قيود، أبرزها الاعتماد على تقارير ذاتية في تقييم كل من الشعور بالوحدة ومعدل مشاهدة التلفاز، وهو ما قد يؤدي إلى تحيز في التذكر.
كما ركزت الدراسة على مشاهدة التلفاز فقط دون رصد أشكال أخرى من السلوك الخامل، مثل استخدام الهواتف الذكية أو أجهزة الحاسوب.
وأكد زو أن الدراسة "تمثل خطوة نحو فهم التفاعل بين المشاعر والسلوك، وما يمكن فعله مبكرًا لدعم الشيخوخة الصحية".
