رغم التقدّم الطبي المذهل على المستوى العالمي، لا تزال صحة النساء تعاني من نقص فادح في الأبحاث.
فكما أوضحت الطبيبة مارثا غولاتي، اختصاصيّة أمراض القلب في معهد سميط للقلب في "سيدرز-سيناي" بلوس أنجلوس، فإن العديد من طلاب الطب يكتشفون للمرة الأولى خلال محاضراتها أن الطب يُدرّس البيولوجيا الذكورية كأنها "الأساس"، فيما تُعدّ البيولوجيا الأنثوية "اهتماماً خاصاً".
وكمثال صارخ، فقد جرى اختبار منتجات الدورة الشهرية باستخدام دم بشري للمرة الأولى.. عام 2021 فقط! وحتى أعراض النوبات القلبية، التي تختلف بين الرجال والنساء، لا تزال تُقدّم وفق النمط الذكوري.
أما فيما يخص فعالية المسكنات، فقد كشفت دراسة صغيرة أُجريت عام 2021 أن "الإيبوبروفين" يخفف الألم لدى الرجال أكثر من النساء، بينما يسبّب "البريدنيزون" آثاراً جانبية مزعجة للنساء تفوق تلك التي يختبرها الرجال، ما يجعلهنّ أقل قبولاً لزيادة الجرعة.
وتوضح الدكتورة ميرا كيربيكار، الاختصاصيّة في طب الألم بجامعة "نيويورك لانغون"، أن أكثر من 80 % من دراسات الألم حتى عام 2016 شملت ذكوراً فقط، سواء من البشر أو الحيوانات.
أما النساء، فبسبب تقلبات الهرمونات المستمرة، كان من الصعب إدراجهنّ في الدراسات، ما أدّى إلى تهميشهنّ علمياً.
لكن منذ عام 2016، بدأت "المعاهد الوطنية للصحة" في الولايات المتحدة بفرض تبرير لاختيار الجنس في الدراسات، الأمر الذي ساهم في إشراك الإناث أخيراً.
وتشير كيربيكار إلى أن "لإستروجين" قد يكون عاملاً رئيسياً في شدة الألم لدى النساء، حيث يمكن أن يزيد الألم أو يخففه حسب نسبته ومكان تواجده في الجسم.
في المقابل، يعمل "التستوستيرون" على تخفيف الألم، حتى أن بعض مرضى الألم المزمن من الرجال يتلقون علاجاً هرمونياً بالتستوستيرون لتخفيف معاناتهم.
وبالنتيجة فالنساء، بحسب الخبراء، قد يشعرن بالألم بشكل أكثر حدة نتيجة ارتفاع مستويات الإستروجين، بينما يختبر الرجال المصابون بانخفاض التستوستيرون أعراضاً مشابهة.
ويشير الخبراء إلى أن الأمل الوحيد هو أن تُسهم التطورات الجديدة في الطب بإرساء أسس أكثر عدلاً لعلاج الألم، تراعي الفروقات البيولوجية الحقيقية بين الجنسين.