في عالم يعتمد بشكل متزايد على الكافيين وحلول التعب السريعة، بدأ أسلوب غير متوقع يلفت الأنظار: قيلولة الكافيين. هذا المفهوم، الذي يُمارس منذ زمن في ثقافات مثل تقاليد القيلولة الإسبانية، يقوم على شرب القهوة مباشرة قبل أخذ قيلولة قصيرة. والآن، بدأ العلماء يبحثون ما إذا كانت هذه الممارسة البسيطة يمكن أن تُحسّن الانتباه والأداء العقلي بشكل كبير.
"تأثير مضاعف"
وبحسب موقع "ناشونال جيوغرافيك" فإن الأساس البيولوجي لهذا الأسلوب يكمن في كيفية تفاعل الكافيين مع الأدينوزين، وهو مركب يتراكم في الدماغ ويحفّز الشعور بالنعاس. ويقوم الكافيين بحجب الأدينوزين من الارتباط بمستقبلاته، ما يؤدي مؤقتًا إلى وقف الشعور بالتعب. أما القيلولة القصيرة، فتعزز من إزالة الأدينوزين من الدماغ بشكل طبيعي. والنظرية تقول إن الجمع بين الاثنين؛ الكافيين لحجب التعب القادم، والقيلولة لإعادة تنشيط الدماغ، قد ينتج عنه تأثير مضاعف.
ويشير الخبراء إلى أن التوقيت هو العنصر الأساسي. ونظرًا لأن الكافيين يستغرق من 20 إلى 30 دقيقة ليبدأ مفعوله، فإن قيلولة بهذه المدة تسمح للجسم بالاستفادة من الراحة دون الدخول في نوم عميق، ما قد يؤدي إلى الشعور بالكسل بعد الاستيقاظ.
ويقول البروفيسور سيجي نيشينو من جامعة ستانفورد: "الكافيين والقيلولة، كل منهما يحارب النعاس بطريقته. ودمجهما قد يضاعف الفائدة".
"آمنة للجميع"
وتدعم بعض الدراسات هذا المفهوم. فقد وجدت دراسة عام 1997 تحسنًا في أداء القيادة بعد قيلولة كافيين، وأظهرت دراسة أولية في 2020 بقيادة الدكتورة سيوبان بانكس انخفاضًا في التعب وتحسنًا في الأداء العقلي بعد قيلولة مدتها 30 دقيقة تناول فيها المشاركون 200 ملغ من الكافيين. ومع ذلك، فإن معظم هذه الدراسات صغيرة النطاق، ومُجراة في المختبر، وتشمل شبابًا أصحاء، ما يترك تساؤلات حول تأثير هذه القيلولة على كبار السن أو المصابين باضطرابات النوم.
ورغم محدودية الأدلة، يتفق الخبراء على أن قيلولة الكافيين آمنة لمعظم الناس لتجربتها. وتنصح بانكس بتجربة فنجان صغير من القهوة تليه قيلولة قصيرة تتراوح بين 20 إلى 30 دقيقة، لمعرفة كيف يتفاعل الجسم معها. لكنها تؤكد، إلى جانب خبراء آخرين، أن قيلولة الكافيين ليست بديلاً عن نوم جيد خلال الليل.
وفي النهاية، يختلف تأثير قيلولة الكافيين من شخص لآخر، لكنها قد تُعد طريقة بسيطة ومدعومة علميًا لإعادة شحن الطاقة خلال يوم مزدحم.