أثار تشخيص الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن بسرطان بروستاتا متقدم وغير قابل للشفاء، تساؤلات حادة حول فاعلية الفحص القياسي المعتمد للكشف عن المرض.
وتساءل تقرير لصحيفة "الإندبندنت" كيف يمكن لأحد أكثر الرجال خضوعًا للمراقبة الطبية في العالم، الرئيس السابق بايدن، أن يُصاب بسرطان بروستاتا متقدم وغير قابل للشفاء.
وأشار التقرير، نقلًا عن أطباء، إلى أن الاختبار القياسي المستخدم في الكشف عن سرطان البروستاتا كثيرًا ما يفشل في رصد الأنواع الأكثر خطورة من المرض.
وأوضح أن فحص الدم المعروف بـ"مستضد البروستاتا النوعي" (PSA) يُعتبر غير موثوق في كثير من الحالات، إذ قد يعجز عن اكتشاف سرطانات مميتة، حتى لدى شخص مثل بايدن، الذي يتمتع بأفضل رعاية طبية ممكنة.
ورغم أن فحص PSA يبحث عن إنزيم تنتجه غدة البروستاتا، وكان من المفترض أن الرئيس السابق خضع له بانتظام، فإن هذه الفحوص لا تضمن دائمًا الكشف المبكر عن السرطان، وخاصة أخطر أنواعه.
ولفت التقرير إلى أن اختبارات PSA تُعد غير دقيقة بدرجة ملحوظة؛ فبحسب مؤسسة أبحاث السرطان في المملكة المتحدة، حوالي 15% من الرجال الذين لديهم مستويات PSA طبيعية مصابون فعلًا بسرطان البروستاتا، في حين أن 80% من الذين لديهم مستويات مرتفعة لا يعانون من المرض.
وما يثير القلق، بحسب الدكتور أليستير لامب، الباحث في سرطان البروستاتا في معهد بارتس للسرطان، أن اختبار PSA غالبًا ما يفشل في الكشف عن الأنواع العدوانية من السرطان، التي تُقصّر عمر المصاب بها.
وقال لامب "في حين يكشف اختبار PSA عن العديد من أنواع السرطان التي لا تُسبب ضررًا يُذكر، فإنه قد يُخفق في رصد أخطر الحالات".
وأشار التقرير إلى أن نحو 3% من المصابين بسرطان البروستاتا يعانون من أشكال عدوانية سريعة الانتشار، وقد تكون قاتلة، ويُصنَّف سرطان بايدن ضمن هذه الفئة النادرة والخطيرة.
وفي الولايات المتحدة، يُستخدم مقياس "غليسون" لتصنيف شدة سرطان البروستاتا، ويتراوح بين 6 و10 بحسب مدى شذوذ الخلايا السرطانية تحت المجهر، وكلما ارتفع الرقم، زادت عدوانية الورم. وقد سجل بايدن درجة 9؛ ما يضعه ضمن فئة الأورام عالية الخطورة وسريعة النمو.
ومن المفارقات، بحسب التقرير، أن هذه الأورام الشديدة قد تمر دون أن يرصدها اختبار PSA؛ ورغم أن الخلايا السرطانية عادةً ما تُنتج مستضد البروستاتا بكميات كبيرة، فإن بعض السرطانات العدوانية لا تنتجه إطلاقًا؛ ما يجعل اكتشافها أكثر صعوبة.
ونتيجة لهذه الثغرات، يعمل العلماء حاليًّا على تطوير أساليب أكثر دقة للكشف المبكر عن سرطان البروستاتا.
ومن بين هذه الأساليب الواعدة: اختبار لعابي طوره فريق من معهد أبحاث السرطان في لندن، يُقيّم أكثر من 160 متغيرًا وراثيًّا مرتبطًا بسرطان البروستاتا، ويستخدم الذكاء الاصطناعي لحساب خطر الإصابة بدقة لكل شخص.
وفي الوقت نفسه، تستثمر منظمة سرطان البروستاتا في المملكة المتحدة 42 مليون جنيه إسترليني في دراسة كبرى تُدعى "تجربة التحول"، ستتابع مئات الآلاف من الرجال لتقييم أدوات الفحص المختلفة، من بينها PSA، والاختبارات الجينية، وتقنيات التصوير، بهدف تحديد أفضل طريقة للكشف المبكر؛ ومن المتوقع صدور النتائج الأولية خلال 3 سنوات.
واختُتم التقرير بالإشارة إلى إعلان رائد الأعمال في مجال التكنولوجيا الحيوية، البروفيسور السير كريس إيفانز، عن اختبار دم جديد مدعوم بالذكاء الاصطناعي، وصفه بأنه "اختبار خارق" لسرطان البروستاتا.
وقد طوّرت شركته IDEX Medical هذا الاختبار الذي يستخدم خوارزميات متقدمة لتحديد مراحل السرطان، ودرجة عدوانيته، والمخاطر الوراثية، وتوجيه خطط العلاج.
وحصل الاختبار على براءة اختراع، ويخضع حاليًّا لمزيد من التجارب، ومن المتوقع إطلاقه في أواخر عام 2025 أو مطلع 2026.
