هذه المرة.. لم تأتِ الصدمة من ضربة عسكرية مفاجئة ولا من تهديد خارجي.. بل من سعر صرف يتهاوى ولون أحمر يسيطر على شاشات العملة.. في طهران أغلقت المتاجر.. وخرج الغضب من قلب الأسواق ودفاتر حساباتها المتدنية.. حيث بدأ الريال الإيراني يفقد ما تبقى من قيمته ومعه تفقد الدولة جزءًا من قدرتها على ضبط الشارع.
ولأيام متتالية.. لجأ أصحاب المحال في العاصمة إلى الإضراب.. وسيلة يؤكدون عبرها احتجاجهم على تدهور اقتصادي متسارع فاقمته العقوبات الغربية والانهيار الحاد في العملة المحلية.. فالريال سجل مستوى متدنيًا قياسيًا متجاوزًا 1.4 مليون ريال للدولار الأمريكي الواحد.. بعد أن كان أقل من ذلك بنحو النصف قبل عام فقط.. مؤشر يعكس فقدان الثقة بالسلطة والسياسات النقدية وفقًا لمراقبين.
ووسط طهران.. رفُعت شعارات تطالب بتدخل فوري للحكومة، وباستراتيجية اقتصادية واضحة توقف نزيف العملة.. شعارات رَفع البعض من سقفها لحد المطالبة بتغيير سياسي في البلاد.. لكن رد السلطات لم يكن اقتصاديًا.. تقارير محلية تحدثت عن استخدام غاز مسيل للدموع واشتباكات طفيفة.. فيما حذرت السلطات من استغلال الوضع لزعزعة الاستقرار.
في الخلفية.. تحاول الحكومة الإيرانية احتواء الغضب بتغييرات إدارية سريعة.. لعل أبرزها الحديث عن استبدال حاكم البنك المركزي.. والشروع في إجراءات من شأنها مكافحة التضخم.. لكن كل الأحاديث الرسمية لم تؤثر على وتيرة الاحتجاج المتصاعد في الخطاب ورقعة الامتداد أيضًا.
وبين شارع يغلي وحرب عابرة للحدود لم تندمل آثارها بعد.. يطرح مطلعون على الملف سؤالًا ثقيلًا.. هل تبدأ الشرارة الكبرى من رغيف الخبز لا من الجبهة؟ وهل ستُسقط العملة ما لم تسقطه الصواريخ في إيران؟