شهدت أسواق العاصمة الإيرانية طهران، اليوم الأحد، حالة من الاضطراب والاحتجاج، على خلفية الارتفاع المتسارع في أسعار العملات الأجنبية، بعدما اقترب سعر الدولار في بعض التعاملات من مستوى 145 ألف تومان، مسجلاً أحد أعلى مستوياته على الإطلاق.
وبالتزامن مع هذا الارتفاع، أغلق عدد من التجار وأصحاب المحال في مناطق تجارية حيوية متاجرهم أو تعليق النشاط التجاري، فيما نُظمت تجمعات احتجاجية في عدة مواقع، من بينها محيط باساج علاء الدين وباساج شارسو في شارع الجمهورية، وهما من أبرز مراكز بيع الهواتف المحمولة في طهران.
كما أفادت تقارير محلية وشهادات متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي بأن أجزاء من السوق الكبير في طهران، بما في ذلك سراي آهنغران وسوق شراغ برق، شهدت تعطيلاً جزئياً أو شبه كامل للنشاط التجاري، وسط حالة من القلق والترقب بين التجار.
ووفق مقاطع فيديو جرى تداولها على نطاق واسع، ردد محتجون شعارات تعبر عن استيائهم من تدهور الأوضاع المعيشية والتقلبات الحادة في سعر الصرف، مشيرين إلى تراجع القدرة الشرائية وركود الأسواق، لا سيما في قطاعات الهواتف المحمولة والحديد ومواد البناء. كما أشار بعض التجار إلى الارتفاع الكبير في تكاليف تسجيل الهواتف المحمولة، الذي تجاوز في بعض الحالات 100%.
في السياق ذاته، سجلت أسعار الذهب، قفزات غير مسبوقة، إذ أفادت وسائل إعلام إيرانية بأن سعر سكة بهار آزادي ارتفع بأكثر من 10 ملايين تومان خلال يوم واحد، وسط تحذيرات من مسؤولين سابقين في اتحاد الذهب والمجوهرات من أن ما تشهده الأسواق حاليًا "لا سابقة له في تاريخ الاقتصاد الإيراني".
وعلى الصعيد السياسي، جاء هذا التصعيد في الأسواق بالتزامن مع حضور الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى البرلمان للدفاع عن مشروع موازنة عام 2026، حيث أكد أن "إخماد نار التضخم وتخفيف الضغط المعيشي عن المواطنين" يمثلان الأولوية الأولى لحكومته.
وقال بزشكيان في كلمته أمام البرلمان إن التضخم في إيران ناتج بالأساس عن عجز الموازنة وغياب الانضباط في النظام المصرفي، مشددًا على أن الحكومة سعت في مشروع الموازنة الجديدة إلى تفادي تسجيل عجز مالي، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة.
وأضاف الرئيس الإيراني أن حكومته تعمل على تنفيذ برامج مثل الكوبونات أو البطاقة التموينية لتثبيت أسعار السلع الأساسية، إلى جانب زيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين ورفع سقف الإعفاءات الضريبية، في محاولة للحد من تأثير موجة الغلاء المتصاعدة.
وتأتي هذه التطورات في وقت يحذر فيه مراقبون من أن استمرار تراجع قيمة العملة الوطنية، إلى جانب الركود الاقتصادي، قد يؤدي إلى اتساع رقعة الاحتجاجات في الأسواق، التي تُعد تقليديًا أحد أبرز المؤشرات الحساسة على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي في إيران.