في منعطف سياسي يبدو أقرب إلى لعبة عضّ الأصابع، تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطوة إلى الوراء عن الموعد النهائي الذي حدده بنفسه لأوكرانيا للموافقة على خطة السلام الأمريكية..
فبعدما لوّح بأن، الخميس الواقع في 27 من نوفمبر، هو "الحد الفاصل" عاد ليقول بلهجة تجمع بين الثقة والغموض "الموعد النهائي بالنسبة لي.. هو عندما يُنجز الأمر"
وراء هذا التغيير تكمن عاصفة من الخلافات ليس فقط بين واشنطن وكييف، بل بين الولايات المتحدة نفسها وحلفائها الأوروبيين..
مصادر دبلوماسية كشفت لـ"إرم نيوز" عن انقسام عميق داخل المعسكر الغربي حول مستقبل الحرب وخطة ترامب المكوّنة من 28 بنداً والتي تضاءلت فيما بعد، حيث تحاول، كما يبدو، إعادة رسم خريطة النفوذ في أوروبا الشرقية بمعزل عن العواصم الأوروبية.
ورغم حديث السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارولاين ليفيت عن محادثات مثمرة مع كييف إلا أنه خلف الكواليس تدور حكاية مغايرة تماماً.. إذ يشير مصدر أمريكي إلى أن أوكرانيا بدأت تتراجع عن بنود سبق أن وافقت عليها خلال اجتماعات جنيف، خاصة تلك المتعلقة بالاعتراف بالأراضي التي تسيطر عليها روسيا في لوغانسك ودونيتسك، إضافة إلى بند حاسم يقضي بالتزام كييف بعدم الانضمام لأي تحالف عسكري وفي مقدمة ذلك الناتو.
الأكثر تعقيداً، هو إصرار كييف على أن تقدم واشنطن ضمانات عسكرية مباشرة في حال خرق روسيا لأي تفاهمات مقبلة، وهو ما يعتبره الأمريكيون، وفق مراقبين، دليلاً على أن الإرادة الأوكرانية ليست خالصة، بل محمّلة بثقل الضغط الأوروبي الساعي إلى إطالة أمد النزاع، وتفريغ الخطة الأمريكية من مضمونها.
ورغم أن واشنطن عرضت مسودة الخطة، سابقاً، على برلين، وباريس، ولندن، إلا أن الأوروبيين يعتقدون أن الخطة وُضعت أساساً فوق رؤوسهم بلا أي دور حقيقي لهم، وبلا قدرة على التعديل، وكأن المطلوب منهم فقط تثبيت وجودهم على الهامش.
مصدر أوروبي وصف الخطة بأنها "واقع مفروض" يهدد بنية الناتو نفسها محذراً من أن ترامب يتعامل مع المسألة، وكأن أوروبا ليست على خط النار مع روسيا.
وتذهب المصادر الأوروبية إلى ما هو أبعد، إذ تؤكد أن واشنطن تُلمّح لكييف بأن عدم التجاوب قد يدفع الولايات المتحدة للانسحاب من مسار التسوية ما قد يمنح موسكو فرصة ابتلاع أوكرانيا كاملة.
خلاصة القول: تبدو خطة ترامب أقرب إلى مقامرة كبرى، حيث يريد أن يكون اللاعب الوحيد على الطاولة، وأن يعقد الصفقة بنفسه مع فلاديمير بوتين.. فيما تقف أوروبا وكييف على أطراف المشهد تترقب ما قد يكون أخطر فصل في الحرب منذ اندلاعها.