في ظل ما يبدو صدامًا بين الطموح العسكري وضرورة الدبلوماسية، يجد بنيامين نتنياهو نفسه على المحك، من جهة، يسعى لإتمام ما يعتبره إنهاء تهديد حماس عبر شل الحركة تماما والقضاء على قوتها العسكرية، ومن جهة أخرى، يستقبل يوميا ضغوطات أمريكية تطالبه بتنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، على أن تبدأ مرحلة إعادة إعمار غزة، تزامنا مع سحب كامل للقوات الإسرائيلية من القطاع، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
تقارير إٍسرائيلية كانت قد تحدثت قبل أيام عن ترسانة حركة حماس، وكيف أن الحركة لا تزال تملك مئات الصواريخ التي يمكنها الوصول لقلب تل أبيب، بينما حافظت على أكثر من نصف أنفاقها سليمة رغم مرور عامين على حرب شوارع دامية، وهو الأمر الذي يقلق نتنياهو ويضعه أمام اختبار صعب باختيار الدبلوماسية على حساب إكمال العمل العسكري، وها هو يتحفظ على الانتقال إلى المرحلة الثانية قبل تحقيق "انتصار كامل"، تزامنا مع معركة داخلية يخوضها ضد تيارات يمينية في حكومته ترى في أي حل يستثني تدمير حماس بالكامل، خسارة للمعركة.
الزيارات الأمريكية المتكررة لإسرائيل بعد توقيع الاتفاق، تعطي فكرة أولية عن كم الضغط الأمريكي الممارس على إسرائيل وبكل الطرق، حتى إن الأمر وصل بترامب لاقتراح الإفراج عن مروان البرغوثي، أبرز الأسرى الفلسطينيين الذين رفضت إسرائيل مرارا الإفراج عنهم، حيث تدرك واشنطن أن استمرار العمليات العسكرية بلا إطار سياسي واضح يهدد الاستقرار ويعيق تدفق المعونات، وقد يفتح باب الحرب مجددا، لذا ترفض تأخير تنفيذ خطة إعادة الإعمار وتضغط على نتنياهو لإخراج جيشه من غزة فورا تمهيدا لإدخال دور دولي والبدء في إعادة الإعمار.
حالة من التخبط أصابت نتنياهو بشلل في القرار، حيث يقف اليوم أمام خيارين أحلاهما مر، ويدرك أن أي قرار سيتخذه قد يحدد ليس فقط مصير الحرب في غزة، بل أيضا مستقبله السياسي داخل إسرائيل.
