logo
ضم الضفة الغربيةالمصدر: إرم نيوز
العالم العربي

أعاد الضفة إلى الواجهة.. قانون الضم يفجر صراع اليمين الإسرائيلي ويحرج نتنياهو

تتحرك إسرائيل اليوم في مسار بالغ الحساسية، مع طرح مشروع قانون لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية أمام الكنيست، في خطوة تكشف عن تحوّل الملف من قضية احتلال إلى أداة اشتباك سياسي داخلي بين مكوّنات اليمين الحاكم.

فالقانون الذي يروّج له آفي معوز، زعيم حزب "نوعام" ضمن كتلة "الصهيونية الدينية"، بدعم من بتسلئيل سموتريتش، لا يهدف فقط إلى توسيع السيطرة على الأراضي الفلسطينية، إنما يسعى أيضاً إلى ترسيخ نفوذ اليمين المتشدد داخل المشهد الإسرائيلي، على حساب تماسك حكومة نتنياهو التي تواجه ضغوطاً من حلفائها فضلاً عن المعركة المبكرة للانتخابات البرلمانية التي أعلن نتنياهو نيته الترشح لها قبل أيام.

 

أخبار ذات علاقة

نتنياهو يعانق ترامب في الكنيست اليوم

ما وراء الشكر.. هل قدم ترامب "وعودا خفية" لنتنياهو بشأن ضم الضفة الغربية؟

وفي أول تصريح مباشر له، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الخميس، إن الولايات المتحدة "لن تسمح لإسرائيل بضمّ الضفة الغربية". تصريح ترامب عبّر من خلاله عن رفضه القاطع لأي خطوة أحادية "تُهدد التوازن الذي نسعى لتثبيته في الشرق الأوسط"، بحسب تعبيره.

هذا التصريح فُسّر في الأوساط السياسية كرسالة تطمين للشركاء العرب، وكاحتواء للغضب الأوروبي، دون القطيعة مع تل أبيب. فترامب لم يُهدد بعقوبات أو خطوات عملية، لكنه أراد توجيه إشارة بأن الضفة تبقى في نظر واشنطن "خطاً أحمر قانونياً" لا يمكن تجاوزه دون أثمان دبلوماسية.

أخبار ذات علاقة

مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية

يعارضها ترامب ونتنياهو.. ماذا تعني خطوة الكنيست الإسرائيلي بشأن الضفة؟

في حين حمّل نائب الرئيس الأميركي ج. دي فانس الكنيست الإسرائيلي مسؤولية "استفزاز سياسي غبي" على حدّ وصفه، تعليقاً على مشروع قانون فرض السيادة على الضفة. زيارته لإسرائيل جاءت في وقت حساس، واستخدم فيها لغة غير مألوفة في البروتوكول الدبلوماسي الأميركي، ما يعكس تغيراً في أدوات الضغط الأميركي وليس في مواقفها الجوهرية فقط.

تصريحات فانس كشفت عن تململ أميركي داخلي من صعود نفوذ اليمين الإسرائيلي وتغوّله على قواعد التنسيق الأمني، كما أظهرت أن الخطاب الأميركي بدأ يجنح نحو العلنية في تحذيراته.

رفض المسار الأحادي

ونقلت مصادر دبلوماسية أمريكية لـ"إرم نيوز" أن واشنطن "تتابع عن كثب النقاش الدائر في الكنيست حول مشروع قانون فرض السيادة على الضفة الغربية"، مضيفةً أن "الولايات المتحدة تعتبر أن أي خطوات أحادية من هذا النوع تمثل خروجاً عن التزامات سابقة وتعقّد إمكانية استئناف أي مسار تفاوضي واقعي في المستقبل".

أخبار ذات علاقة

مستوطنة معاليه أدوميم في الضفة الغربية

وسط خلافات.. الكنيست الإسرائيلي يُقرّ قوانين تمهيدية لضم الضفة الغربية

وأوضحت المصادر أن الإدارة الأمريكية ترى في الخطوة المقترحة "محاولة داخلية لتوظيف ملف حساس لأغراض سياسية قصيرة المدى"، مشددةً على أن "مثل هذه المبادرات لا تخدم استقرار إسرائيل ولا تسهم في تعزيز أمنها على المدى الطويل"، وأنها "تضع الحلفاء الإقليميين في مواقف حرجة، وتخلق أعباء دبلوماسية غير ضرورية في وقت تحتاج فيه المنطقة إلى تهدئة".

وأكدت أن الموقف الأمريكي "لم يتغير في جوهره منذ عقود، وهو أن الضفة الغربية أرض تخضع لترتيبات خاصة وفق القانون الدولي، وأن مستقبلها يجب أن يُحدد من خلال تفاهمات متبادلة وليس عبر تشريعات أحادية"، لافتةً إلى أن واشنطن "تعمل مع شركائها لتفادي خطوات يمكن أن تؤدي إلى تآكل فرص الحلول السياسية".

وأشارت إلى أن واشنطن تعتبر أن التحركات التشريعية الإسرائيلية الأخيرة تعكس تغيّراً مقلقاً في مسار العلاقة بين المؤسستين السياسية والعسكرية داخل إسرائيل، موضحةً أن "نقل ملفات ذات طبيعة أمنية إلى وزارات مدنية، كما يجري في الضفة الغربية، يخلق واقعاً مؤسساتياً جديداً يصعب التعامل معه لاحقاً من منظور الشراكة الأمنية القائمة بين البلدين".

لا قيمة استراتيجية للضم

وأضافت أن الإدارة الأمريكية ترى في هذا التوجه "خروجاً تدريجياً عن الضوابط التي حافظت لعقود على التوازن بين العمل العسكري والإشراف السياسي، وهو توازن كان ضرورياً لضمان التنسيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل في الملفات الأمنية الحساسة".

ولفتت إلى أن الإدارة الأمريكية "تدرك تعقيدات الظرف الداخلي الإسرائيلي، لكنها تتوقع في المقابل التزاماً بالخطوط التي اتُّفق عليها في الأطر السابقة، خصوصاً تلك التي تضمن استقرار المناطق وتمنع اتخاذ قرارات تُفرض من طرف واحد"، مُبيّنةً أن الولايات المتحدة "لن تتخذ خطوات علنية فورية، لكنها ستعيد تقييم مستوى الانخراط السياسي إذا مضت الحكومة في المسار التشريعي من دون تنسيق أو تشاور مسبق".

أخبار ذات علاقة

وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو

روبيو: فرض السيادة على الضفة الغربية يهدد اتفاق غزة

وختمت المصادر بالتشديد على أن "الولايات المتحدة لا تنظر إلى هذه المسألة كموقف مبدئي فقط، بل كمصلحة مباشرة في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي"، مؤكدةً أن واشنطن "لا تزال تعتبر الوضع في الضفة الغربية عاملاً حاسماً في تحديد شكل التوازن الأمني في الشرق الأوسط بأكمله، وأن أي تغييرات متسرعة قد تفرض على الجميع وقائع يصعب احتواؤها لاحقاً" مشيرةً إلى أنها "لا ترى في الضم أو فرض السيادة أي قيمة استراتيجية حقيقية لإسرائيل، بل ترى فيه مساراً يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي ويضعف مناخ الثقة المطلوب بين جميع الأطراف".

وفي ضوء هذه المعطيات، لا تنظر الإدارة الأميركية إلى الضم كتحقيق لانتصار استراتيجي، وإنما كخطوة انفعالية تنطوي على كلفة أمنية–دبلوماسية تفوق مكاسبها الرمزية.

 

الضفة في قلب المعادلة

وفي يوم الأربعاء، صوّت الكنيست على مشروع قانون يطالب بفرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية، ليمرّ القانون في قراءته الأولى بفارق صوت واحد فقط؛ 25 مقابل 24. تلك النتيجة كانت دلالة سياسية عميقة على حجم الانقسام داخل معسكر الحكم نفسه، إذ عارض القانون نوّاب من حزب الليكود، في مخالفة نادرة لتوجهات اليمين المتشدد.

الخطوة التي وصفها مشرّعون بأنها "ضمّ فعليّ تحت غطاء قانوني"، جاءت وسط حالة من السيولة السياسية، حيث بدا أن التشريع لا يحمل إجماعاً داخلياً بقدر ما يعكس معركة مكشوفة بين تيارات يمينية متنافسة على قيادة التحول المقبل في بنية الدولة العميقة.

 

 

موافقة الكنيست، ولو أولية، تعني أن فكرة الضم لم تعد حبيسة الخطاب الإيديولوجي، إنما دخلت مساراً مؤسساتياً قابلاً للتنفيذ. حتى مع غياب الدعم الكامل من الحكومة، فإن مجرد اجتياز القانون لمرحلة التصويت الأولى يضع السلطة التشريعية في موقع مبادر، ويخلق سابقة قانونية يصعب التراجع عنها سياسياً دون كلفة.

وفي الوقت الذي تحاول فيه حكومة نتنياهو الحفاظ على توازن دقيق مع الإدارة الأميركية، فإن تمرير القانون بهذا الفارق الضئيل يُفهم كرسالة مفادها أن معسكر اليمين مستعد للذهاب أبعد من حسابات نتنياهو التكتيكية.

في الكواليس، تشير تقديرات دبلوماسية إلى أن نتنياهو كان يعلم مسبقاً أن التصويت على القانون سيمرّ في قراءته الأولى بفارق ضئيل، ما يعني أن السماح بالتصويت كان أقرب إلى تسريب مقصود لضغط داخلي، دون نية حقيقية لإتمامه تشريعياً في المدى القريب.

بهذه الطريقة، يحاول نتنياهو اللعب على حبلين، من خلال تمرير إشارات طمأنة لليمين المتشدد بأنه لا يمانع في المبدأ، مقابل إبطاء عجلة التنفيذ لامتصاص الغضب الأميركي. لكن هذا التوازن بات أكثر هشاشة في ضوء التحولات الأميركية الجديدة التي بدأت ترفض الاكتفاء بالنيات، وتطلب خطوات ملموسة.

 

ورقة مزايدة انتخابية

وبينما كان يحاول نتنياهو تأجيل التصويت في الكنيست خشية أزمة دبلوماسية مع واشنطن، تصرّ القوى الدينية القومية على تمرير القانون باعتباره اختباراً للسيادة والهوية، ما يجعل الضفة الغربية وقوداً لمعركة انتخابية إسرائيلية داخلية تهدد استقرار الائتلاف وتعمّق الانقسام بين اليمين المتدين واليمين البراغماتي.

إقليمياً، يُنظر إلى هذا التحرك كتصعيد أحادي قد يعيد خلط الأوراق في المنطقة، خصوصاً مع زيارة نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس إلى إسرائيل، في فترة تبدو فيها واشنطن حذرة من أي خطوة قد تُفهم كتمهيد للضمّ الفعلي.

التحرك الإسرائيلي في الكنيست هو خطوة في ظاهرها نص قانوني يُطالب بمد نطاق القواعد الإسرائيلية إلى أراضٍ تقع حالياً تحت ترتيبات إدارية خاصة. وفي باطنها، هي ورقة يستخدمها قادة اليمين المتشدد لتصفية حسابات داخلية، وقياس قدرة الحليف الأميركي على التأثير، وإعادة صياغة مكانة الضفة داخل السياسة الإسرائيلية قبل أي استحقاق انتخابي.

 

 

مشروع القانون المطروح يشترط إدراج الضفة الغربية ضمن خانة "سيادة" تخضع بموجبها صلاحيات مدنية وإدارية إسرائيلية لهيئات حكومية إسرائيلية. عملياً، يقصد به تحويل أحكام تُدار اليوم من خلال ترتيبات مؤسسية خاصة إلى نظام قانوني إداري يخضع لوزارة إسرائيلية ومن ثم لبرلمان إسرائيلي. الهدف العلني المعلن هو منح شرعية ومرجعية دستورية لإجراءات كانت تُدار سابقاً بآليات تنفيذية مختلفة.

المدخل الأكثر وضوحاً للقرار يكمن في أن مشروع القانون صار مرآة لصراعات النفوذ داخل معسكر اليمين. آفي معوز وبتسلئيل سموتريتش ربطا مشروع السيادة بخطابهما السياسي لتهيئة قاعدة انتخابية واسعة لدى قواعدهما الفكرية. الطرح الآن، في توقيت زيارة نائب الرئيس الأميركي، فهو يؤمّن زخماً إعلامياً يجعل من الضفة ساحة مزايدة، ويضع رئيس الحكومة في موقع صعب بين رغبة في ضبط التوقيت خشية ردود فعل دولية وحاجة للنأي بنفسه عن معارك داخلية قد تكلفه مصالح ائتلافية.

 

ضغط اليمين المتشدد

ويرى الباحث هوغ لوفات، المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، خلال حديثه لـ"إرم نيوز" أن مشروع قانون "السيادة على الضفة الغربية" يُستخدم اليوم كأداة ضغط داخل اليمين لإجبار بنيامين نتنياهو على الالتزام بخطّ أكثر تشدداً.

ووفق تحليله، فإن "ما يجري هو تنافس مباشر بين مكوّنات اليمين من جهة القوى الدينية القومية التي ترى أن الوقت مناسب لفرض السيادة ومن جهة الحكومة التي تخشى عواقب خارجية. قانون الضفة يصبح اليوم بطاقة مساومة داخل التحالف".

 

 

ويشرح أن جانبين رئيسيين يحفّزان هذا التوجه؛ أولاً، استمرار ضعف نتنياهو أمام حلفائه الأصغر الذين يهددون الحكومة بخروجهم إن لم يتم تلبية مطالبهم؛ وثانياً، إدراك تلك القوى أن التوقيت الحالي – في ضوء الضغوط الأميركية والإقليمية – يمثل فرصة لإظهار القوة قبل أن يتحول الخط السياسي إلى عبء انتخابي لاحقاً.

من هذا المنظور، يعتبر لوفات أنه حتى إذا فشل القانون في التصويت النهائي، فإن الهدف قد تحقق فعلياً؛ إذ إن رفع سقف الخطاب حول السيادة على الضفة يعيد تحديد جدول الأعمال السياسي الداخلي، ويجبر نتنياهو على التعامل مع اليمين ليس كحليف وإنما كشريك مفاوض يُشترط وجوده للاستمرار.

ويحذر من أن هذه المساومة الداخلية قد تؤدي إلى "انفجار تحالف" أو "إضعاف نواة السلطة" لدى نتنياهو، إذ يصبح ما كان يُنظر إليه كقضية خارجية – الضفة الغربية – عاملاً داخلياً يؤثر في مصيره ومصير حكومته.

 

إعادة توزيع السلطة

كما يلفت إلى أن ما يميز هذه الجولة من التصعيد داخل معسكر اليمين هو أنها لم تعد تتحرك فقط تحت شعارات دينية أو أيديولوجية، وإنما باتت مؤطرة في منطق الصراع على إدارة أدوات الحكم نفسها. فالمسألة لم تعد تتعلق بمدى "إيمان" أطراف مثل معوز أو سموتريتش بفرض السيادة على الضفة، ولكن بكيفية استخدام هذا الخطاب لفرض حضورهم المؤسسي داخل ماكينة اتخاذ القرار.

وفي رأيه، فإن مشروع القانون المطروح لا يحمل بالضرورة نيةً جدية لفرض السيادة على الأرض، وإنما يستبطن هدفاً أبرد يتمثل في إظهار قدرة المعسكر المتشدد على زعزعة مركز الثقل داخل الائتلاف، وعلى إرباك نتنياهو في توقيت هو الأكثر حساسية قبيل الانتخابات المقبلة. فاليمين، كما يوضح لوفات، لم يعد يستهدف الضفة بحد ذاتها، إنما يستثمرها كمنصة للضغط على رئيس الوزراء كي يعيد التموضع أو يقدّم تنازلات في ملفات موازية، بما فيها تعيينات قضائية، وخطط تخص الحريديم، وحتى المفاوضات حول قانون التجنيد.

 

 

ويؤكد أن التوقيت لم يُحدد فقط بناء على اعتبارات داخلية، ولكن أيضاً لاقتناص لحظة جيوسياسية يرى اليمين فيها تراجعاً في الضغط الدولي، وتوتراً أميركياً داخلياً، وانشغالاً إقليمياً بعدة ملفات متفجرة. وهذا يفسّر لماذا يبدو الخطاب حول الضم في هذه المرحلة أكثر تحدياً وأقل اكتراثاً بردود الفعل. فالمعسكر اليميني لا يكتفي باختبار قوة نتنياهو، إذ يختبر أيضاً حدود السقف الدولي الذي يمكنه الصعود تحته دون أن يتلقى ضربة موجعة.

وما يفاقم من هذا التحول أن بعض مهام الإدارة المدنية في الضفة تُنقل تدريجياً من الجيش الإسرائيلي إلى وزارات مدنية يسيطر عليها اليمين، مما يُضعف منظومة التنسيق الأمني التي تعتمد عليها واشنطن منذ عقود في مراقبة الضفة الغربية.

وبرأي لوفات، فإن إشكالية نتنياهو تكمن في أن كل طرف داخل الائتلاف لم يعد يتعامل مع الحكومة كإطار للعمل المشترك، بل كبنية مؤقتة يمكن الضغط عليها وتفكيكها ثم إعادة تجميعها عند الحاجة، وهو ما يجعل الضفة الغربية، في مثل هذا السياق، ساحة ضغط سياسي أكثر منها ساحة قرار سيادي جاد.

تجاوز الخطوط الحمراء

من ناحيته يَعتبر، ستيفن كوك، أستاذ السياسة الشرق أوسطية، خلال حديثه لـ"إرم نيوز" أن تحريك ملف سيادة الضفة في هذا التوقيت يشكل "خطراً استراتيجياً" للعلاقات الأميركية–الإسرائيلية وللوضع الفلسطيني الإقليمي.

ويقول كوك: "فرض السيادة الإسرائيلية – أو حتى التلويح به – في هذه اللحظة يعكس إخلالاً بالتوازن الذي شكلّته واشنطن كمشرف على الاستقرار في المنطقة".

ويوضح أن من بين المخاطر التي تُدركها إدارة واشنطن، بأن نقل صلاحيات واسعة من الجيش الإسرائيلي إلى وزارات مدنية في الضفة سيضع الولايات المتحدة في موقف يصبح فيه التنسيق الأمني مع إسرائيل مُعرضاً للمساءلة علناً. فضلاً عن أن استثمار ملف الضفة داخلياً يقلّص إمكانية التوصل إلى تسوية مستقبلية قابلة للاستمرار، ما سيُضعف بنى الشراكة الأميركية في المنطقة.

 

 

ومن منظور فلسطيني–أميركي، يُضيف كوك أن "الضفة الغربية تمثّل البعد المدني والسياسي للشعب الفلسطيني، وتحولها إلى عملية تشريع إسرائيلية تلقائية يقلص إمكانات أي حوار، ويُضعف قدرة الفلسطينيين على المشاركة في تحديد مصيرهم".

ويبيّن أن واشنطن في هذا السياق تبحث عن منع ما يُمكن أن يُصبح سابقة واضحة تتمثل في تشريع سيادة أحادية ويُستخدم لاحقاً كمرجع لتغييرات أخرى، بحسب تعبيره. وأضاف قائلاً "لذلك، فإن موقف واشنطن التحذيري اليوم هو استثمار سياسي طويل المدى لمنع أن تصبح الضفة حالة قانونية معتمدة يُعاد استخدامها في سياقات أخرى".

كما يلفت كوك إلى أن أخطر ما في مشروع السيادة المطروح حالياً رمزيته كنقطة فاصلة داخل المعادلة الاستراتيجية "التي تُبقي الضفة في وضع معلّق، وهي معادلة قائمة منذ اتفاقيات أوسلو على أساس أن لا أحد يملك حق الحسم المنفرد".

ويشير إلى أن واشنطن، "حتى في أضعف لحظات تدخلها في النزاع، أبقت هذا التوازن غير المعلَن كجزء من البنية الاستراتيجية للمنطقة، حيث لا يُسمح لأي طرف – سواء أكان السلطة الفلسطينية أو إسرائيل – أن يتقدّم نحو خطوات نهائية من دون تنسيق أو مظلة تفاوض. ومن هنا، فإن طرح القانون في هذا التوقيت يشكل تجاوزاً لهذا التوازن، ويُنذر بتحوّل الضفة إلى نقطة احتكاك مباشر بين اللاعبين الكبار، ولو ببطء وتدرج".

ويختم كوك بالإشارة إلى أن منطق "السيادة الأحادية" لا يتوافق مع أي تصور عقلاني لاستقرار طويل المدى، وأن واشنطن، رغم حرصها على دعم إسرائيل في السياقات الكبرى، لا تستطيع في حال تكرّست هذه السياسة، أن تواصل إسنادها دون أن تدفع ثمناً من رصيدها في المنطقة.

عملياً فإن ما يُربك معادلة الخطوط الحمراء أيضاً أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفسه صرّح أخيراً بأنه "لن يسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC