في مشهد يبدو أقرب إلى لعبة شطرنج معقّدة، تتزاحم ثلاث قوى سورية كانت جزءًا من منظومة الأسد السابقة، محاولـةً استعادة موطئ قدم في الساحل السوري عبر الترويج لهدف حماية الطائفة العلوية وإعادة ترتيب البيت الداخلي. لكن خلف هذا الشعار، تكمن حسابات أعمق مرتبطة بالنفوذ الروسي والمال والولاءات المتشظية.
في واجهة هذا الحراك يبرز اسم اللواء كمال حسن، الرئيس الأسبق للاستخبارات العسكرية، الرجل الذي عرف دهاليز النظام جيدًا، حيث تؤكد مصادر سياسية أنه يتلقى دعمًا كبيرًا من موسكو وأنها منحته مكتبًا لإدارة تحركاته، معتبرة إياه “الوجه الأكثر قبولًا” لإعادة الثقة بين دمشق والعلويين بعد الشرخ الدموي الذي شهدته المنطقة عقب مجازر الساحل.
إلى جانبه يقف اللواء كفاح ملحم، مستشار الأمن الوطني الأسبق، وكلاهما كان محور لقاءات غير مباشرة خلال زيارة وزير الخارجية السوري الأخيرة إلى موسكو، حيث تولّى الروس نقل الرسائل بين الجانبين في غرف منفصلة، في مشهد يكشف حجم الحذر والريبة.
على الضفة الأخرى، يتكئ رامي مخلوف على رصيد اجتماعي ومالي ضخم، رغم أن النظام جرّده من إمبراطوريته الاقتصادية، بقي حاضرًا في وجدان جزء واسع من الساحل، بفضل دعمه الاجتماعي لعقود عبر “جمعية البستان”.
مصادر تحدثت عن محاولات حثيثة للتسوية مع السلطة، مرورًا بوساطات عراقية وعروض مالية تجاوزت المليار دولار، لكن الأبواب بقيت موصدة. واليوم، يبدو مخلوف أكثر استعدادًا للمواجهة، معلنًا عن استعداد لتجنيد عشرات الآلاف بقيادة اللواء سهيل الحسن، ومموّلًا لرواتب مئات العسكريين السابقين، بانتظار لحظة الانقضاض السياسي أو العسكري.
الاسم الثالث هو محمد جابر، رجل الأعمال وقائد “صقور الصحراء” السابق، الذي حاول مبكرًا اختبار معادلة القوة بهجوم عسكري على الساحل بمشاركة العميد غياث دلا، إلا أن الهجوم فشل، والخسائر كانت كبيرة.
ورغم ذلك، لا يبدو أنه استسلم، ما زال يتحرك في الظل، يمول مجموعات صغيرة مثل “درع الساحل”، وقادته يتنقلون بين لبنان وسوريا، وكأنهم يترقبون خللًا جديدًا يعيد فتح الباب.