جثث مقيدة الأيدي رُميت في القنوات المائية، وأخرى دُفنت في مقابر جماعية.. قوات بورتسودان وميليشيات متحالفة معها ترتكب مجازر مروعة في ولاية الجزيرة.. هذا ما كشف عنه تحقيق مشترك لشبكة CNN مع مؤسسة Light House Reports للتحقيقات الاستقصائية.
التحقيق أكد أن الأدلة الموثقة مروعة، حيث تم العثور على جثث في القنوات وبعضها مقيد الأيدي، بينما دفن آخرون في مقابر جماعية، كما تم حرق قرى زراعية بالكامل، حيث أظهرت شهادات شهود عيان أن قوات بورتسودان كانت تطلق النار مباشرة على أي شخص يبدو من قبائل جبال النوبة من جنوب وغرب السودان.
وحسب التحقيق، فإن الحملة كانت مدبرة من أعلى المستويات، وأكدت CNN ذلك من خلال أربعة مصادر مطلعة، من بينهم مسؤولون أمنيون في الخدمة، ويُقال إن مسؤولا في جهاز مخابرات بورتسودان كان متورطا في تنسيق الهجمات في ولاية الجزيرة.
التحقيق أشار إلى أنه تمكن من الوصول إلى مُبلغ من داخل الرتب العليا لجهاز مخابرات بورتسودان، رفض الكشف عن اسمه خوفًا من الانتقام، كما تحدث مع مُبلغ ثانٍ من جهاز مخابرات بورتسودان، الذي أفاد بأن بعض المتهمين بالتعاون مع قوات الدعم السريع تم إطلاق النار عليهم ثم رمي جثثهم في القنوات، وبحسب التحقيق كان قائد قوات بورتسودان عبدالفتاح البرهان على علم بهذه المجازر.
الحملة بدأت في يناير 2025 مع تقدم قوات بورتسودان لاستعادة مدينة "ود مدني" الاستراتيجية من قوات الدعم السريع، ومع اقترابها من المدينة، تصاعدت وتيرة الفظائع وفق التحقيق، بما في ذلك مجزرة عند جسر الشرطة حيث قُتل ما لا يقل عن 50 شابا مدنيا، عُرضت بعض جثثهم على الحائط، مع وجود آثار طلقات نارية واضحة في الرأس.
التحقيق يوثق استخدام المقابر الجماعية للتخلص من الجثث، حيث تم التأكد عبر صور الأقمار الصناعية من دفن المدنيين ومقاتلي الدعم السريع معًا، كما تم الإبلاغ عن حالات أخرى رُميت فيها جثث المدنيين في القنوات المائية.
الفظائع وفق التحقيق لم تكن هجمات معزولة، بل جزءا من حملة واسعة استهدفت ما لا يقل عن 39 قرية في ولاية الجزيرة في الوقت الذي وصف فيه أحد أعضاء بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة الحملة بأنها "إبادة جماعية مُستهدفة على أسس عرقية" وصلت في بعض الحالات إلى ما يشبه التطهير العرقي.
الإفلات من العقاب وفق التحقيق هو السبب الرئيس في استمرار هذه الانتهاكات، حيث فشلت قوات بورتسودان في التحقيق الجدي في جرائم قواتها والميليشيات المتحالفة معها.