تمكنت الشرطة الإيطالية، بعد عامين من التحقيقات المكثفة، من تفكيك خلية إرهابية نازية جديدة كانت تُخطط لهجمات خطيرة، من بينها استهداف رئيسة الوزراء جيورجيا ميلوني وخبير اقتصادي بارز من المنتدى الاقتصادي العالمي.
والعملية، التي شملت اعتقال 12 شخصًا تتراوح أعمارهم بين 19 و75 عامًا في مدن عدة أبرزها بولونيا، إضافة إلى التحقيق مع 25 آخرين وتفتيش 25 منزلًا، كشفت عن تهديد حقيقي لظهور تشكيلات إرهابية يمينية متطرفة في إيطاليا.
من منظمة إلى شبكة إرهابية
الخلية التي وصفتها الشرطة الإيطالية بأنها "منظمة حقيقية" كانت في "مرحلة متقدمة من التنظيم العملياتي"، بدأت نشاطها في العام 2022 عندما وزعت منشورات تحمل رموزًا نازية تحت اسم "فرقة وير وولف" في بولونيا.
ولاحقًا، أعادت تسمية نفسها إلى "Divisione Nuova Alba"، مستلهمة اسمها من وحدة نازية خلال الحرب العالمية الثانية، حسبما أفادت صحيفة "إيل بيس" الإسبانية.
وكان هدف هذه المجموعة واضحًا: تدمير النظام الليبرالي الديمقراطي، وإقامة دولة عنصرية وسلطوية تعتمد على "العرق الآري".
خطط إرهابية متطرفة وأيديولوجيا عنصرية
ووفقًا للشرطة، تضمنت أنشطة الخلية تجنيد "محاربين" رجالًا ونساءً لتنفيذ "ثورة"، مع تخطيط دقيق لشن هجمات تستهدف شخصيات بارزة، ومؤسسات حكومية.
وخلال عمليات التفتيش، عُثر على زيّ شبه عسكري وأعلام تحمل رموزًا فاشية وملصقات لموسوليني، إضافة إلى كتب تروج للأيديولوجية النازية.
ويواجه قادة الخلية، وهم: دانييلي تريفيسان، وأندريا زيوسي، وفيديريكو تريفيسان، وجوزيبي فاليسي، تهمًا بالتآمر بغرض الإرهاب، والتحريض على الكراهية العنصرية والدينية، وحيازة أسلحة غير قانونية.
تصاعد تهديد الفاشية الجديدة
تأتي هذه العملية في سياق سلسلة من الجهود المستمرة لكشف التشكيلات شبه العسكرية اليمينية المتطرفة في إيطاليا. ففي العام 2021 وحده، تم تفكيك 5 خلايا مماثلة. وتزامن هذا التصاعد مع صعود اليمين المتطرف إلى السلطة في إيطاليا بقيادة حكومة ميلوني.
وفي مشهد يعيد للأذهان حقبة الفاشية، تجمع ألف من الفاشيين الجدد، في يناير الماضي، أمام مقر حزب "MSI"، الذي يُعد جزءًا من الإرث الفاشي الإيطالي، مؤدين التحية الرومانية الشهيرة.
كما أثيرت انتقادات حول علاقة حكومة ميلوني بالفاشية بعد ظهور صور لغالياتسو بيجنامي، رئيس مجموعة حزبها في مجلس النواب، وهو يرتدي زي قوات الأمن الخاصة النازية.
تطبيع الشعارات الفاشية
يشير المراقبون إلى أن هذه الحوادث تسلط الضوء على اتجاه مقلق يتمثل في تطبيع الإشارات والشعارات الفاشية في الخطاب العام الإيطالي، مما يُعيد إحياء أيديولوجيات كان يُنظر إليها، سابقًا، على أنها من مخلفات الماضي.
وتُظهر التحركات الأخيرة للشرطة الإيطالية عزمًا على مواجهة هذا التهديد، لكن التحدي لا يزال قائمًا في ظل بيئة سياسية واجتماعية تُظهر تقاربًا مثيرًا للجدل مع إرث الفاشية.
وتعكس العملية، التي تمثل خطوة كبيرة في مواجهة الإرهاب اليميني المتطرف، في الوقت ذاته واقعًا معقدًا يتطلب تعاونًا أوسع على المستويين الأمني والسياسي لمواجهة تصاعد هذه الأيديولوجيات المتطرفة.