شهد عام 2025 علاقة تجارية مضطربة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلى الرسوم الجمركية منذ قرن، وسط حملة من الانتقادات اللاذعة للقارة العجوز، ما دفع أوروبا لقبول صفقة تجارية أحادية الجانب تحت ضغط هائل.
افتتح ترامب ولايته الثانية بوصف الاتحاد الأوروبي بأنه "فظاعة" تجارية، زاعمًا أنه أُنشئ "لخداع" الأمريكيين. ومع فرضه رسومًا جمركية غير مسبوقة، وصف أوروبا بأنها "مثيرة للشفقة"، وختم العام بانتقادات لضعف القارة وتدهورها.
رغم هذه الهجمات اللفظية المتواصلة، اضطرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين للسفر إلى منتجع ترامب للغولف في إسكتلندا؛ لإبرام صفقة تجارية منحازة ستلحق أضرارًا جسيمة بالمصدرين الأوروبيين، حيث ظهرت مبتسمة في الصور الرسمية رافعة إبهامها بجانب الرئيس الأمريكي.
يناير - فبراير: التهديدات الأولى

مع عودة ترامب للبيت الأبيض، بدأ الشركاء التجاريون الأمريكيون في وضع استراتيجيات مواجهة. كانت الفكرة الرئيسة هي "التصعيد لإجبار الطرف الآخر على التراجع"، وهو نهج شوهد لاحقًا في صراعات ترامب مع الصين وكندا، لكن الاتحاد الأوروبي لم يجرؤ على التصعيد.
حاول الاتحاد تعزيز علاقاته التجارية مع شركاء آخرين كالمكسيك وكتلة ميركوسور اللاتينية. وعندما أعاد ترامب فرض رسوم على الصلب والألمنيوم، تعهدت فون دير لاين برد "حازم ومتناسب"، لكن التهديدات بقيت على الورق.
في خطوة دراماتيكية، أعلن ترامب ما أسماه "يوم التحرير" في حديقة البيت الأبيض، فارضًا رسومًا جمركية "متبادلة" بنسبة 20% على الاتحاد الأوروبي، واصفًا إياه بأنه "يسرقنا" وأن ذلك "محزن ومثير للشفقة".
كان رد فون دير لاين في الصباح التالي ضعيفًا، حيث اكتفت بالقول إن الاتحاد "مستعد للرد". السبب؟ عدم قدرة الدول الأعضاء الـ27 على الاتفاق على استخدام الأدوات التجارية المتاحة.
رغم ذلك، أعد الاتحاد قوائم انتقامية تستهدف منتجات من ولايات يحكمها حلفاء ترامب الجمهوريون، بما في ذلك الشاحنات والسجائر والآيس كريم.
توسعت قوائم الرد الأوروبية لتشمل الطائرات والسيارات في هجوم مضاد بقيمة 100 مليار يورو، لكنه ظل حبرًا على ورق. في الوقت نفسه، كثف الاتحاد اتصالاته مع تجمع تجاري في المحيط الهادئ، وطرحت فون دير لاين فكرة نادٍ تجاري عالمي بدون الولايات المتحدة.
في قمة مجموعة السبع بكندا، تحولت الأجواء إلى "الستة ضد ترامب"، حيث حاولت القادة إيجاد أرضية مشتركة معه بشأن روسيا والصين رغم الرسوم الجمركية المؤلمة.
مع اقتراب موعد ترامب النهائي في 9 يوليو/ تموز، كشف انعدام الوحدة بين الدول الأعضاء ضعف موقف الاتحاد التفاوضي. وعندما انتقل ترامب إلى إسكتلندا لقضاء عطلة نهاية أسبوع للغولف، طارت فون دير لاين للقائه في منتجع تيرنبري لإبرام صفقة تاريخية لكن أحادية الجانب.
قالت فون دير لاين: "كان علينا القيام برفع أحمال ثقيلة"، مؤكدة أن الرسم الجمركي بنسبة 15% سيكون سقفًا، وهو أعلى بكثير مما كانت أوروبا تخشاه في بداية ولاية ترامب.
سرعان ما تصاعدت الانتقادات بأن الاتحاد قبل صفقة سيئة. دافع القادة الأوروبيون عنها باعتبارها الأفضل الممكن نظرًا لاعتماد أوروبا على الولايات المتحدة لضمان أمنها، لكن بدأ الإدراك البطيء بأن إذلال أوروبا قد يكون عميقًا وطويل الأمد.
لم يكتفِ الاتحاد بالخروج خاسرًا من صفقة تيرنبري فحسب، بل ضحى أيضًا بالتزامه طويل الأمد بالتجارة القائمة على القواعد مقابل دعم ترامب غير المؤكد لأوكرانيا.
استمر ترامب في الضغط على أوروبا حتى نهاية العام، مستهدفًا الضرائب الرقمية واللوائح التنظيمية التي يراها تمييزية، فيما زار وزير التجارة الأمريكي بروكسل في نوفمبر مطالبًا بتنازلات بشأن التنظيم الرقمي مقابل تخفيف محتمل للرسوم على الصلب، وهو ما وصفته المفوضة الأوروبية للمنافسة تيريزا ريبيرا بـ"الابتزاز".
كشف عام 2025 عن حقائق مؤلمة للاتحاد الأوروبي: اعتماده المفرط على المظلة الأمنية الأمريكية، وضعف وحدته الداخلية في مواجهة الضغوط الخارجية، والحاجة الملحة لإيجاد شركاء تجاريين جدد.
العواقب الاقتصادية لهذا العام ستستغرق سنوات لتتبلور بالكامل، لكن الأثر قصير المدى واضح: أوروبا مضطرة الآن لمواجهة واقعها الجديد والبحث عن بدائل استراتيجية في عالم لم يعد فيه الحليف الأمريكي التقليدي موثوقًا كما كان.