رئيس الموساد يعتبر أن على إسرائيل "ضمان" عدم استئناف إيران لبرنامجها النووي
وعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوكرانيا باستعادة حدودها كاملة، إلى جانب تسليح محدود ومشروط وضغوط اقتصادية هائلة على موسكو؛ ما يشكل تحولا ملحوظا في الخطاب الأمريكي.
وبدا واضحا هذا التحول في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 2025؛ إذ أكد أن أوكرانيا قادرة، بمساعدة الاتحاد الأوروبي، على استعادة كامل أراضيها وعودتها إلى حدودها الأصلية. وهو تصريح وصفته وسائل الإعلام الأمريكية بأنه "انعطافة كبرى" في خطابه، بعد أن كان في مراحل سابقة يلمّح إلى إمكانية قبول تنازلات إقليمية لصالح موسكو.
عزّز ترامب هذا التغيير عبر منشور على منصات التواصل الاجتماعي عقب لقائه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي؛ إذ أعاد التأكيد على قناعته بأن كييف قادرة على استعادة كل أراضيها "بشكلها الأصلي" بدعم أوروبي واسع.
لكن على الأرض، اختار ترامب أن يُبقي اللعبة تحت سيطرته من خلال سياسة أسلحة مزدوجة، فقد وافقت إدارته على صفقات ضخمة لحلفاء الناتو بقيمة تصل إلى 10 مليارات دولار، تشمل إمدادات نهائية لأوكرانيا من صواريخ وأنظمة دفاع جوي وقذائف مدفعية.
وسمحت واشنطن بتزويد كييف بـ3350 صاروخًا من نوع ERAM بعيد المدى، وهو ما يشكّل نقلة مهمة في قدراتها الدفاعية.
ومع ذلك، ظل واضحاً أن البيت الأبيض يتجنب تزويد أوكرانيا بأسلحة هجومية ثقيلة قد تُفسَّر في موسكو على أنها إعلان مواجهة مباشرة، في إشارة إلى أن ترامب يريد تقوية الميدان الأوكراني للتفاوض لا للحسم العسكري.
وفي موازاة هذا الدعم العسكري المقيد، رفع ترامب منسوب الضغط الاقتصادي على الكرملين، خاصة وأنه أعلن أن الولايات المتحدة جاهزة لفرض "جولة قوية جدا من الرسوم الجمركية" على روسيا إذا لم تُبدِ استعدادا لعقد صفقة سلام.
كما وجّه انتقادا صريحا لحلفاء الناتو لعدم وقف شراء النفط الروسي.
ويرى مراقبون أن هذه المعادلة ليست تناقضا بقدر ما هي جزء من "دبلوماسية عبر القوة" يتقنها ترامب.
وتقوم هذه الدبلوماسية، على 3 أركان: تعزيز أوراق كييف الميدانية بما يسمح لها بالتفاوض من موقع أقوى، وتقييد موسكو اقتصاديا عبر الرسوم الجمركية والضغط على أسواق الطاقة، وأخيرا ترك الباب مفتوحا أمام وعود بضمانات أمنية مستقبلية بعد انتهاء الحرب.
وقال المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأمريكية توفيق حميد، إن "ترامب يُظهر من خلال تصريحاته الأخيرة أنه رجل تكتيكات بامتياز؛ إذ يسعى إلى الضغط على روسيا من دون أن يتخلى عن دعم أوكرانيا، حتى وإن كان ذلك بشكل غير مباشر".
وأكد حميد لـ"إرم نيوز"، أن "ترامب يوازن بين دعم أوكرانيا بأسلحة دفاعية وليست هجومية، وبين إرسال رسائل واضحة إلى موسكو مفادها أن التوسع شرق أوروبا لن يمر بسهولة، من دون الدخول في مواجهة مباشرة مع روسيا؛ وهو ما يسعى لتجنبه تفاديا لتصعيد قد يكون مكلفا لجميع الأطراف".
وأشار إلى أن "ترامب من خلال هذا النهج يحقق في الوقت نفسه مكاسب اقتصادية للولايات المتحدة عبر صفقات بيع الأسلحة، التي غالبا ما يتم تمويلها من قبل الشركاء الأوروبيين؛ الأمر الذي يعزز الاقتصاد الأمريكي من دون تحميل الخزينة أعباء إضافية".
وأضاف المحلل السياسي، أن "الرئيس الأمريكي يتعمّد عدم تزويد أوكرانيا بأسلحة هجومية حتى لا يُغلق باب التفاوض مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ إذ إن منح كييف هذا النوع من السلاح قد يُفسَّر على أنه تصعيد مباشر؛ ما يُنهي أي أمل في المحادثات السياسية".
ورأى حميد، أن "ترامب يوظف هذا الأسلوب التكتيكي لتحقيق عدة أهداف متوازية: إبقاء روسيا تحت الضغط، واستنزاف قدراتها الاقتصادية، والحفاظ على علاقات متوازنة مع حلفاء واشنطن في أوروبا، وتحقيق مكاسب استراتيجية من دون الانجرار إلى مواجهة عسكرية مباشرة".
من جانبه، رأى أستاذ العلاقات الدولية ميرزاد حاجم، أن "قمة ألاسكا التي جمعت بين الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب وضعت النقاط على الحروف، ورسّخت فهما واضحا بأن روسيا تسعى إلى سلام شامل وطويل الأمد، لكن ليس على حساب أمنها القومي".
وأوضح حاجم لـ"إرم نيوز"، أن "بوتين شدد مرارا على أن موسكو لا تريد وجود تهديدات عسكرية على حدودها، ولا تقبل بأي تمدد لحلف الناتو باتجاه الأراضي الروسية، باعتبار أن ذلك يُعد تهديدا مباشرا للأمن القومي الروسي".
وأضاف أن "روسيا لن تدخل في أي مفاوضات ما لم تحقق أهدافها الاستراتيجية، وأهمها تحييد أوكرانيا عسكريا وضمان عدم تحولها إلى منصة تهديد متقدمة لصالح الغرب، فهذا موقف ثابت لا يخضع للمساومة".
وأشار حاجم إلى أن "محاولات بعض الدول مثل فرنسا وتركيا كانت تقوم سابقا على أسلوب المماطلة وشراء الوقت من دون تقديم حلول جوهرية؛ وهو ما دفع موسكو للاعتماد على الحسم الميداني كمدخل لأي تسوية سياسية".
وقال الخبير الروسي إن "الرئيس ترامب معروف ببراغماتيته، وإذا كان جادا في إنهاء هذا النزاع، فعليه أن يضغط على النظام الأوكراني والداعمين له في الغرب، وأن يفتح باب الحوار مع موسكو".
وخلص إلى أن "السلام الحقيقي يبدأ من واشنطن وليس من كييف، وروسيا مستعدة للسلام متى توفرت الضمانات الأمنية الحقيقية".