إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية متفرقة على قطاع غزة تقتل 13 فلسطينيا خلال الساعات الأخيرة

logo
العالم

سابقة أوروبية.. فرنسا تلاحق بشار الأسد قضائيًا في حادثة مقتل صحفيين

سابقة أوروبية.. فرنسا تلاحق بشار الأسد قضائيًا في حادثة مقتل صحفيين
بشار الأسدالمصدر: رويترز
16 يوليو 2025، 3:17 م

رأى خبراء فرنسيون أن خطوة القضاء الفرنسي الأخيرة بطلب تحديد مكان بشار الأسد ومسؤولين كبار في النظام السوري السابق، تمثل تطورًا غير مسبوق في مسار العدالة الدولية المرتبطة بجرائم الحرب في سوريا.

وبطلب رسمي من النيابة العامة لمكافحة الإرهاب في باريس، دخل الملف مرحلة جديدة، تضع رأس النظام السوري السابق، ضمن دائرة الاتهام في جريمة مقتل صحفيين غربيين في حمص عام 2012. 

وطلبت النيابة العامة الفرنسية لمكافحة الإرهاب (PNAT) من قضاة التحقيق تحديد مكان إقامة نحو 20 مسؤولًا بارزًا في النظام السوري، بينهم الرئيس السابق بشار الأسد وشقيقه ماهر الأسد، وذلك في إطار تحقيق جنائي بخصوص جريمة مقتل صحفيين في حمص عام 2012، والتي يُشتبه بأنها قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.

وجاء هذا الطلب الرسمي، بحسب وثيقة قضائية مؤرخة في 7 يوليو/ تموز، على خلفية الاشتباه بوجود "خطة مشتركة" اتخذها مسؤولو النظام السوري لقصف مركز إعلامي في حي بابا عمرو بحمص، ما أدى إلى مقتل الصحفيتين الغربيتين ماري كولفن وريمي أوشليك، وجرح آخرين بينهم الصحفية الفرنسية إديث بوفييه.

واستندت النيابة إلى معلومات تفيد بأن عملية القصف سبقها اجتماع عسكري وأمني رفيع المستوى، شارك فيه قادة الأجهزة الأمنية في حمص، ما يعزز فرضية التورط المنهجي لمسؤولين كبار في الجريمة.

وفي تعليقهم على هذه الخطوة، قال المحاميان ماتيو باغار وماري دوزيه، ممثلا الصحفية المصابة إديث بوفييه، إن هذه الخطوة تشكل "تقدمًا كبيرًا في مواجهة الإفلات من العقاب"، داعين إلى إصدار مذكرات توقيف فورية.

أخبار ذات علاقة

الرئيس السوري السابق بشار الأسد

النيابة العامة الفرنسية تطلب تأييد مذكرة التوقيف بحق بشار الأسد

من جهتها، أكدت المحامية كليمانس بيكتارت، الممثلة لعائلة الصحفي القتيل ريمي أوشليك ومنظمة FIDH والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير، أن طلب إصدار المذكرات قُدِّم منذ مارس/ آذار الماضي، لكنّ القضية لم تتحرك بالوتيرة المطلوبة، رغم كونها "أقدم ملف قضائي في باريس ضد مسؤولين في نظام بشار الأسد"، بحسب صحيفة "ويست فرانس" الفرنسية.

"تحول نوعي"

ومنذ عام 2012، فتحت السلطات القضائية في باريس تحقيقًا في القضية، بداية بتهم القتل والشروع فيه، قبل أن تتوسع في 2014 لتشمل جرائم حرب، ثم تُصنف لاحقًا في ديسمبر 2024 ضمن "جرائم ضد الإنسانية"، وهي سابقة في ملفات استهداف الصحفيين.

ووفقًا لملف التحقيق، فإن الصحفيين الغربيين كانوا قد دخلوا حي بابا عمرو، المعقل السابق لما يسمى بالجيش السوري الحر، واستقروا في منزل يستخدم كمركز إعلامي. 

وفي صباح 21 فبراير/ شباط 2012، استهدفت قوات النظام الحي بقصف عنيف أودى بحياة الصحفية الأمريكية الشهيرة ماري كولفن (56 عامًا) والمصور الفرنسي ريمي أوشليك (28 عامًا)، فيما أصيب آخرون بجروح خطيرة.

وقال الباحث السياسي الفرنسي آدم باكسكو، المتخصص في قضايا العدالة الانتقالية والشرق الأوسط في "المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي"، لـ"إرم نيوز": "ما يحدث في باريس هو أول محاولة جادة على المستوى الأوروبي لتفكيك منظومة الإفلات من العقاب في الملف السوري".

أخبار ذات علاقة

صورة لعائلة الرئيس السابق بشار الأسد

تقرير فرنسي يكشف تفاصيل عن حياة بشار الأسد في موسكو

وتابع: "نحن أمام لحظة مفصلية في التاريخ القضائي الأوروبي؛ لأنّ نجاح هذا المسار قد يفتح الباب أمام تحركات قضائية مماثلة في دول أوروبية أخرى، خصوصًا في ألمانيا وهولندا، التي سبق أن أصدرت محاكمها أحكامًا ضد ضباط سوريين سابقين".

وأشار باكسكو إلى أن "نجاح باريس في تحريك هذا الملف مرهون بدعم سياسي أوروبي أوسع، وضغط دولي قد يؤدي لاحقًا إلى إصدار مذكرات توقيف دولية عبر الإنتربول، وهو ما سيزيد عزلة الأسد ويضع قيودًا فعلية على تحركات كبار قادة النظام السابق" وفق تعبيره.

من جهته، قال الباحث السياسي الفرنسي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط فرانسوا بورغا، إن الخطوة التي اتخذها الادعاء العام لمكافحة الإرهاب في فرنسا تعكس تحولًا نوعيًا في تعاطي المؤسسات القضائية الأوروبية مع ملف الجرائم المرتكبة في سوريا، والتي طالما ظلت محصورة في نطاق التوثيق والمناشدات الحقوقية.

وأوضح بورغا لـ"إرم نيوز" أن "طلب تحديد مكان شخصيات مركزية في هرم النظام السوري، وعلى رأسهم بشار الأسد، لا يُعد خطوة رمزية فقط، بل يمهّد من الناحية القانونية لفتح الباب أمام إصدار مذكرات توقيف دولية في حال توفرت الأدلة الكافية، وهو ما يمثّل ضغطًا سياسيًا ومعنويًا كبيرًا على النظام السوري، حتى وإن كانت فرص التنفيذ ضئيلة في المدى القصير".

وأضاف بورغا أن هذه الإجراءات القضائية تعبر عن "تطور ملحوظ في آليات العدالة العابرة للحدود، خاصة أن ملف مقتل الصحفية ماري كولفن والمصور ريمي أوشليك عام 2012 ظل لسنوات يراوح مكانه، رغم تعدد الشهادات والوثائق".

ويرى الباحث أن "إعادة تحريكه اليوم في توقيت سياسي دولي أكثر حساسية، ربما تعكس رغبة  أوروبية – فرنسية تحديدًا – في إعادة ضبط الإيقاع الأخلاقي للتعامل مع الملف السوري بعد سنوات من الجمود".

وأشار إلى أن "فرنسا، بخطوتها هذه، تحاول استعادة دورها القيادي في ملف العدالة الدولية بعد أن تراجعت مؤخرًا أمام المبادرات الألمانية والهولندية في ملاحقة مجرمي الحرب في سوريا"، لافتًا إلى أن التطور الجديد "لا يمكن فصله عن تزايد الضغوط الداخلية في فرنسا من قبل منظمات الصحفيين وحقوق الإنسان، التي تطالب بإنصاف الضحايا ووقف سياسة الإفلات من العقاب".

أخبار ذات علاقة

الرئيس السوري السابق بشار الأسد

محكمة فرنسية تنظر في صلاحية مذكرة توقيف بحق بشار الأسد

وتابع أن "العدالة في سياقات النزاع لا تُقاس بنتائجها الفورية فقط، بل بقدرتها على إرساء ذاكرة قانونية تظل تطارد الجناة وتُحرج داعميهم، وما تقوم به باريس اليوم هو تثبيت هذا المسار، ولو بعد أكثر من عشر سنوات على الجريمة".

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC