logo
العالم

"قوس أزمات يطوّق أوروبا".. فرنسا تغير عقيدتها العسكرية جذريا

"قوس أزمات يطوّق أوروبا".. فرنسا تغير عقيدتها العسكرية جذريا
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المصدر: رويترز
14 يوليو 2025، 7:56 م

اعتبر خبراء في الشؤون الاستراتيجية أن إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن مضاعفة ميزانية الدفاع لتصل إلى 64 مليار يورو بحلول عام 2027، يعكس تحولاً جذريًا في العقيدة الدفاعية لفرنسا، مدفوعًا بتزايد التهديدات الجيوسياسية وشكوك باريس المتزايدة بشأن مستقبل الحماية الأمريكية لأوروبا.

وفي خطاب له يوم الأحد، عشية الاحتفال بالعيد الوطني، كشف ماكرون عن خطة لزيادة 3.5 مليار يورو إضافية في ميزانية 2026 و3 مليارات أخرى في 2027، لتصل بذلك ميزانية الدفاع إلى 64 مليار يورو بحلول 2027، مقارنة بـ 32 مليارًا فقط في 2017. هذا التسارع المالي يعني بلوغ الأهداف المحددة لعام 2029، قبل عامين من موعدها، فيما وصفه الرئيس بأنه "جهد تاريخي، عادل، ولا غنى عنه"، بحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

ماكرون: الحرية تواجه أكبر تهديد منذ الحرب العالمية الثانية

 وبرر ماكرون هذه القفزة في الإنفاق، رغم الضغوط على المالية العامة، بقوله: "منذ عام 1945، لم تكن الحرية مهددة بهذا الشكل... أوروبا أصبحت في خطر منذ أن اندلعت الحرب على أرضها مع غزو أوكرانيا، وتزامن ذلك مع غموض الدور الأمريكي المستقبلي".

وأضاف: "كي تكون حرا في هذا العالم، يجب أن تكون مهابًا، ولكي تكون مهابًا، يجب أن تكون قويًا".

وأشار الرئيس الفرنسي أيضًا إلى ما وصفه بـ"قوس الأزمات الذي يطوّق أوروبا"، من الحرب في أوكرانيا، إلى التهديد الروسي الدائم، مرورًا بـ التضليل الإعلامي، والإرهاب، والتحولات التكنولوجية التي تفرض تحديات جديدة على الأمن القومي الأوروبي.

الأولويات الدفاعية: من الطائرات بدون طيار إلى الفضاء

وبحسب تفاصيل الخطة، فإن الأموال الإضافية ستخصص لتعزيز قدرات الجيش بزيادة مخزون الذخيرة، وتعزيز الدفاعات الجوية الأرضية، وتطوير الحرب الإلكترونية، والاستثمار في الطائرات بدون طيار، وتوسيع القدرات في مجال الفضاء، واقتناء أسلحة دقيقة وعالية الكثافة.

وتأتي هذه الخطوات استناداً إلى نتائج "المراجعة الاستراتيجية الوطنية" التي نُشرت حديثًا، والتي حذرت من ضعف بعض القدرات العسكرية الفرنسية.

 

أوروبا تسير على النهج نفسه.. ولكن بمنطق سباق تسلّح؟

ماكرون ليس وحده في هذا التوجه. فدول أوروبية عدة شرعت بالفعل في رفع إنفاقها العسكري لمواجهة المخاطر نفسها. بريطانيا تهدف إلى تخصيص 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي للدفاع بحلول 2027، بينما خصصت بولندا بالفعل 4.7%، وتخطط ألمانيا للوصول إلى 162 مليار يورو للدفاع بحلول 2029.

ويرى المحلل السياسي الفرنسي أوليفييه شميت في تصريح لـ"إرم نيوز" أن باريس تسعى إلى الحفاظ على "استقلالها الاستراتيجي" بعيدًا عن الاعتماد الكامل على الناتو".

وأضاف: "فرنسا تتحرك في اتجاه يجعلها اللاعب الأوروبي الأكثر جدية في الدفاع الذاتي، وهو ما يحتم مضاعفة الميزانية وعدم الاعتماد على واشنطن فقط".

أما الباحث فرانك مارتينيز، المتخصص في العلاقات العسكرية الأوروبية، فيرى في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن "هذه الطفرة في الإنفاق لا تقتصر على مواجهة روسيا فقط، بل تشمل الاستعداد لمواجهة تحديات عابرة للحدود مثل الهجمات السيبرانية والحرب في الفضاء، والانتقال إلى تكنولوجيا تسليح الجيل السادس".

البعد النووي والرهان على الشباب

وأشار مارتينيز إلى أن ماكرون لم يغفل البعد النووي في خطابه، حيث دعا إلى إطلاق حوار استراتيجي مع الأوروبيين حول "دور الردع النووي الفرنسي" في الأمن القاري. وألمح إلى العودة لاحقًا في نهاية العام لتحديد معالم هذه الرؤية.

كما أعلن الرئيس نيته تقديم تصور جديد لتجنيد الشباب في الخدمة العسكرية، من خلال ما وصفه بـ "إطار جديد للخدمة"، قد يتضمن إنشاء خدمة عسكرية تطوعية مجددة لتأهيل الشباب للانخراط في القوات المسلحة.

واعتبر الباحث السياسي الفرنسي أن ماكرون لا يطلب فقط ميزانية... بل تحولاً ثقافياً وعقائدياً في طريقة تعامل الفرنسيين مع الأمن القومي. في ظل عالم تتزايد فيه الشكوك والمخاطر، تسعى فرنسا إلى أن تكون قوة مهيبة وشريكًا استراتيجيًا لا غنى عنه، داخل أوروبا وخارجها.

أخبار ذات علاقة

 وزير القوات المسلحة الفرنسية سيباستيان لوكورنو

فرنسا: نزع سلاح أوكرانيا "خط أحمر مطلق" للأوروبيين

 

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC