قالت صحيفة "التايمز" البريطانية، نقلاً عن مصادر مطلعة، إن جهود تشكيل قوة أوروبية لحماية أوكرانيا، تصطدم بواقع النقص في العتاد والإرادة السياسية، وسط استبعادٍ متزايد لإرسال قوات برية واستعاضة عنها بمهمات تدريبية محدودة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر أن الدول الأوروبية تواجه تحديات كبيرة في تشكيل قوة "ردع" جماعية لدعم أوكرانيا، إذ بات من الصعب حشد حتى 25 ألف جندي، في ظل النقص الحاد في التمويل والعتاد لدى جيوشها.
وبحسب الصحيفة، فإن الخطة الأصلية التي كان يطمح لها قادة الدفاع الأوروبيون، والتي تهدف لتشكيل قوة قوامها 64 ألف جندي، باتت بعيدة المنال. ففي اجتماع عُقد في أبريل/ نيسان، أبدت بريطانيا استعدادها لإرسال ما يصل إلى 10 آلاف جندي، إلا أن الأدميرال السير توني راداكين، رئيس هيئة الأركان البريطانية، طرح على نظرائه الأوروبيين إمكانية تشكيل قوة أكبر، تحسبًا لأي اتفاق سلام قد يتطلب وجود قوة حماية على الأرض.
لكن الرد الأوروبي كان واضحًا، إذ أكد وزراء الدفاع، في اجتماعات لاحقة ببروكسل، أن الوصول إلى هذا الرقم غير ممكن حاليًا، بل إن مجرد إرسال 25 ألف جندي يُعد إنجازًا في ظل الظروف الحالية، وفق الصحيفة.
وبحسب مصدر مطلع على المحادثات، فإن الدول الأوروبية بدأت تميل إلى خيار آخر يتمثل بإرسال مدربين عسكريين إلى غرب أوكرانيا، عوضًا عن نشر قوة برية متعددة الجنسيات داخل البلاد.
وكانت الصحيفة قد كشفت الأسبوع الماضي، أن بريطانيا وفرنسا تدرسان إرسال قوات تدريب إلى أوكرانيا، بعيدًا عن خطوط المواجهة، للمساهمة في إعادة بناء الجيش الأوكراني، وتعزيز قدراته الدفاعية، بدلًا من الانخراط المباشر في العمليات البرية، خصوصًا في ظل المخاطر الميدانية والسياسية المترتبة على ذلك.
وفي اجتماعات لاحقة لما يعرف بـ"تحالف الراغبين"، الذي انعقد في 10 أبريل/ نيسان، عبّر العديد من وزراء الدفاع الأوروبيين عن تحفظاتهم بشأن خطط لندن الطموحة.
وقد أشار بعضهم، وفق التقرير، إلى أن تشكيل قوة قوامها 64 ألف جندي يتطلب توفير ما لا يقل عن 256 ألف عنصر على مدى عامين، لضمان استمرار العمليات من خلال التناوب.
وتشير النقاشات أيضًا إلى مدى اعتماد أوروبا على الدعم العسكري الأمريكي، في ظل الصعوبات التي تواجهها لتأمين معدات الإمداد والدعم اللوجستي من مصادر محلية.
وقال أحد المشاركين إن استخدام قوات خاصة قد يكون أكثر قابلية للتنفيذ، لكونه لا يحتاج إلى موافقة برلمانية كما هو الحال بالنسبة للانتشار العسكري التقليدي.
في السياق ذاته، أعربت إستونيا وفنلندا عن قلقهما من أن نشر قوات خارج حدودهما سيضعف دفاعاتهما، فيما أوضحت بولندا، إسبانيا، وإيطاليا أنها لن تشارك بقوات.
أما فرنسا، فقد أبدت استعدادها لإرسال قوة بحجم مشابه لما تنوي بريطانيا تقديمه، يتراوح بين 5000 و10 آلاف جندي.
من جهتها، عارضت فنلندا وألمانيا عمومًا إرسال قوات برية، وإن لم تُغلق برلين الباب نهائيًا أمام هذا الخيار.
لكن، ووفق مصدر بريطاني مطلع، فإن تراجع الخيارات جعل من الصعب تحديد من أين ستأتي القوة البشرية اللازمة، في ظل تحديات متزايدة يعاني منها الجيش البريطاني، لا سيما في مجال المدفعية والمعدات اللوجستية التي غالبًا ما تُوفرها الولايات المتحدة.
وخلصت الصحيفة إلى أن التردد الأوروبي في إرسال قوات برية إلى أوكرانيا، إلى جانب الغموض المحيط بقواعد الاشتباك في حال تعرّضت القوات لهجوم روسي، قد دفع نحو إعادة التفكير في شكل الدعم الأمني المستقبلي لكييف، خاصة في مرحلة ما بعد التوصل إلى اتفاق سلام.
وتشير التقديرات الحالية إلى أن الحضور الأوروبي في أوكرانيا سيقتصر على إرسال مدربين عسكريين إلى المناطق الغربية، بعيدًا عن خطوط التماس، مع مهام لا تتعدى تقديم الدعم التقني وتدريب القوات الأوكرانية.