تتحرك موسكو بخطوات ثقيلة نحو حدود جديدة بعيداً عن جبهات أوكرانيا المشتعلة.. فالحشود الروسية باتت على أعتاب القارة العجوز بتوجيه مباشرٍ من الرئيس فلاديمير بوتين الذي شرع بتوسيع القواعد العسكرية الروسية، هذا ما كشفته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، في خطوة أثارت حالة من التأهب القصوى لدى العواصم الغربية.
مصادر عسكرية واستخباراتية غربية أكدت أن الجيش الروسي بدأ بالتحرك على بعد أقل من 100 ميل من الحدود الفنلندية ضمن خطة طويلة الأمد لتجنيد عشرات الآلاف من الجنود.. كثير من هؤلاء يخوضون اليوم معارك شرسة في أوكرانيا لكنهم سيشكلون لاحقاً العمود الفقري لقوة روسية جديدة مهيأة لصدام محتمل مع حلف شمال الأطلسي.
التحركات لا تتوقف عند حدود الحشد البشري.. فالكرملين يعزز إنتاج الأسلحة ويطوّر البنية التحتية للسكك الحديدية قرب حدود أوروبا الشمالية.. ويرى خبراء عسكريون في موسكو أن هذه الخطوات تمثل استعداداً صريحاً لمواجهة كبرى قادمة، أما التصريحات الرسمية الروسية تعكس حالة مغايرة.
وفي ظل هذه التحضيرات فإن الجيش الروسي يتضخم والأسلحة تتكدس، حيث أمر بوتين برفع قوام الجيش إلى 1.5 مليون جندي في قفزة هائلة مقارنة بالمليون جندي قبل حرب أوكرانيا.. ولتغذية هذا التوسع استُنفرت مصانع الأسلحة إلى أقصى طاقتها الإنتاجية.
فقبل اندلاع الحرب الأوكرانية كانت روسيا تنتج نحو 40 دبابة قتال رئيسة سنوياً من طراز T-90M، أما اليوم فالرقم يقفز إلى نحو 300 دبابة سنوياً معظمها لا يتجه إلى جبهات القتال بل يتم تخزينه داخل الأراضي الروسية لاستخدامه لاحقاً.
الإنفاق العسكري الروسي قفز بدوره بشكل مذهل ليصل هذا العام إلى أكثر من 6% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ3.6% قبل الحرب.. وللمقارنة تنفق الولايات المتحدة نحو 3.4%، بينما لا يتجاوز إنفاق الاتحاد الأوروبي 2.1% في المتوسط.
فيما ازداد إنتاج المدفعية والذخائر بنسبة 20%، كما شهدت تكنولوجيا الطائرات المسيّرة الروسية طفرة ملحوظة في الجودة والكمية.
قائد القوات الأمريكية في أوروبا الجنرال كريستوفر كافولي، أكد أمام الكونغرس الأمريكي أن "الجيش الروسي ينمو بوتيرة أسرع مما توقعه الجميع"، مضيفاً أن القوات الروسية باتت اليوم "أكبر وأقوى مما كانت عليه قبل الحرب الأوكرانية".
وبالتالي فإن أي وقف لإطلاق النار في أوكرانيا لن يكون نهاية النزاع، بل مجرد فرصة ذهبية لبوتين لإعادة ترتيب صفوف جيشه وإعداد مسرح جديد للمواجهة.