ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء

logo
العالم

آخر منافذ المعارضة.. ماذا بعد إعلان روسيا الحرب على إرث "نافالني"؟

المعارض الروسي الراحل أليكسي نافالنيالمصدر: رويترز

أصدرت المحكمة العليا الروسية، الخميس، في ضربة قاضية لما تبقى من المعارضة المنظمة داخل روسيا، حكمًا تاريخيّا يقضي بتصنيف صندوق مكافحة الفساد- الذراع الدولية لحركة المعارض الراحل أليكسي نافالني - كمنظمة إرهابية. 

القرار، الذي صدر خلال جلسة مغلقة، لا يمحو رسميًا آخر أثر رئيس لحركة نافالني فحسب، بل يرفع سقف التهم الموجهة لأي شخص يتعاون معها من التطرف إلى الإرهاب، مما يعرض الآلاف للملاحقة بعقوبات تصل إلى السجن المؤبد.

وتأسس صندوق مكافحة الفساد (FBK)، في 2011، كمنظمة غير ربحية تكرس جهودها لكشف شبكات الفساد داخل النخبة الحاكمة الروسية، واشتهر بتحقيقاته المدوية التي سلطت الضوء على ثروات مسؤولين كبار، بما في ذلك التحقيق عن قصر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الفاخر.

أخبار ذات علاقة

قبر نافالني في الذكرى السنوية الأولى لوفاته 

موسكو تصنف منظمة نافالني "إرهابية"

أداة تخريبية

وبحلول عام 2021، تم حظر المنظمة الأصلية ووصفها بـ"المتطرفة"، مما أجبر معظم نشطائها على النشاط من المنفى، وأعاد نافالني إطلاقها دولياً من نيويورك في 2022.

أثناء المُحاكمة، اتهم النائب العام الروسي الصندوق بالترويج للإرهاب وتبريره ودعمه، وتنظيم جرائم متطرفة وإرهابية تهدف إلى زعزعة الاستقرار الاجتماعي والسياسي في روسيا.

ويتركز الاتهام على أن المنظمة لم تعد مجرد كاشف للفساد، بل تحولت إلى أداة تخريبية بتمويل أجنبي، تهدف إلى إحداث ثورات ملونة مستوحاة من الربيع العربي، وتعمل على تغيير النظام عبر الفوضى.

يأتي التصنيف الجديد كالطبقة النهائية في حملة قمع منهجية بدأت منذ سنوات ضد حركة نافالني، وفقا للعديد من الأسباب، أولها، تضييق الخناق القانوني، من خلال الفرق بين تهمتي التطرف والإرهاب، خاصة وأن الأولى تعرض المخالفين لعقوبات تتراوح بين 2 و6 سنوات، والثانية تصل إلى 20 سنة أو السجن المؤبد.

ويتمثل السبب الثاني في محو إرث نافالني، خاصة. وأنه منذ وفاته المثيرة للجدل في سجنه فبراير 2024 يسعى الكرملين إلى طمس إرثه نهائيًا ومنع أي قيادة بديلة، مثل زوجته يوليا أو حليفه ليونيد فولكوف، من تحويله إلى رمز مستدام للمعارضة.

وأما السبب الثالث، فيتمثل في أنه على الرغم من أن تحقيقات الصندوق ركزت تاريخيًا على الفساد الروسي، إلا أن السلطات تربطها بأوكرانيا عبر خيوط يعتبرها القضاء الروسي تهديدًا للأمن القومي.

ضغط سياسي

ويرى الخبراء أن مؤسسات نافالني الروسية التي صُنفت متطرفة منذ 2021، والأمريكية التي صُنّفت إرهابية حديثًا تتجاوزان مكافحة الفساد إلى الضغط السياسي والابتزاز على القيادة الروسية عبر نشر شائعات ومعلومات غير دقيقة ولقاءات مكثفة مع شخصيات أمريكية وأوروبية.

وأضاف الخبراء أن المنظمة الأمريكية تحديدًا تُستخدم كأداة لتجنيد معارضين روس محدودي التأثير وفرض عقوبات على موسكو، بينما ارتبط نشاط نافالني نفسه بالتحريض على الفوضى والتواصل مع أجهزة استخبارات أجنبية ودعوته لـ"ربيع روسي".

وأكد مدير مركز جي إس إم للأبحاث والدراسات في روسيا، الدكتور آصف ملحم، أن لدى نافالني مؤسستين، مؤسسة روسية وأخرى أمريكية، الأولى تأسست في 9 سبتمبر/أيلول 2011، وكانت وظيفتها تنفيذ تحقيقات صحفية حول قضايا الفساد وشبكاته المرتبطة ببعض القيادات العليا في روسيا.

خلفيات سياسية واضحة

وأشار ملحم، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إلى أن المحاكم الروسية اعتبرت في 2021، مؤسسة نافالني الروسية منظمة "متطرفة"، ثم أسس نافالني في 2022 منظمة دولية لمكافحة الفساد تمارس المهام ذاتها.

وأكد أن المؤسسة الأمريكية تأسست في 11 يوليو/تموز 2022، وانضم إلى إدارتها، ليونيد فولكاف وآنا فيدتا وفلاديمير أشوركوف ويوليا نافالني وماريا بفتشخ وإيفان جدانيف، ويضم مجلس الأمناء شخصيات من بينها يوليا نافالني وفرنسيس فوكوياما. 

وتابع ملحم: "نشاط هذه المؤسسة ولقاءاتها المتكررة مع شخصيات أوروبية وأمريكية أظهر أنها كانت تُستخدم للضغط على القيادات الروسية وابتزازها، فصنفت السلطات الروسية المنظمة الأمريكية إرهابية والروسية متطرفة سابقًا، مع فارق كبير في العقوبة يصل إلى 10-20 سنة للتصنيف الإرهابي".

وأكد أن القرار سيُعقد عمل كل من يتعاون مع هذه المنظمات من الداخل أو الخارج، ولا يُطبق بأثر رجعي، لكن الأجهزة الأمنية ستباشر ملاحقة المتعاونين فور نفاذه. 

وقال إن تصنيف المؤسسة الأمريكية "إرهابية" يحمل خلفيات سياسية واضحة، إذ ترى روسيا أن أمريكا تسعى إلى تجنيد معارضين روس محدودي التأثير لابتزاز موسكو والضغط عليها وفرض عقوبات بدعوى مكافحة الفساد.

أخبار ذات علاقة

جندي ألماني في إطار مناورة "العاصفة الحمراء برافو" في سبتمبر.

بـ800 ألف جندي.. وثيقة سرية تكشف استعداد برلين لصراع محتمل مع موسكو

ربيع روسيا

ومن جهته، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة موسكو، الدكتور نزار بوش، إن أليكسي نافالني دعا بين 2020 و2022 إلى تنظيم مظاهرات واحتجاجات ضد الرئيس بوتين، وشهدت روسيا فعلاً خروج تظاهرات شارك فيها آلاف المناصرين، دون أن تتخذ السلطات في البداية إجراءات حازمة. 

وأكد بوش، في تصريح لـ"إرم نيوز" أن التحول حصل في 2022 حين بدأ نافالني بالتواصل مع أجهزة استخبارات خارجية في ألمانيا وبريطانيا، إضافة إلى تحريضه على الفوضى وحديثه عن "ربيع روسيا" على غرار الربيع العربي، وهو ما اعتبرته موسكو استفزازا مباشرا.

وأضاف أن نافالني عولج في ألمانيا بتمويل ألماني بعد التسميم، ودعمت دول "تنظر بريبة إلى روسيا" مثل بريطانيا وفرنسا نشاطه بشكل غير مباشر. 

وبين أن المنظمة التي أسسها نافالني بعد عودته كانت على تواصل مع دول تُعادي روسيا فعليًا وتركز على تأجيج الفوضى، مما دفع السلطات إلى اعتبارها تهدد استقرار الدولة وتصنيفها فيما بعد منظمة إرهابية.

وختم بوش، أن المنظمة لم تكن بعيدة عن عمليات نفذتها عناصر استخباراتية أجنبية داخل روسيا، خاصة من بريطانيا وألمانيا، وأن اعتقال نافالني جاء على خلفية قضايا اختلاس واحتيال ومخالفات ضريبية شكلت أساسا قانونيا لمحاكمته.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC