ينظم رئيس الوزراء الفرنسي السابق، غابرييل أتال، اليوم الأحد، أول انطلاقة سياسية له على رأس حزب "النهضة" في مدينة أراس، حيث سيلقي خطابًا وصفه مقربون منه بـ"الخطاب المؤسس".
فبعد سقوط حكومة فرنسوا بايرو، في 8 سبتمبر/أيلول الماضي، اقترح أتال تعيين مفاوض قبل اختيار رئيس للوزراء، ما أثار سخرية بعض أعضاء البرلمان الذين تساءلوا: "أليس التفاوض مع المعارضة من مهام رئيس الوزراء؟".
وقبل أسابيع قليلة، أثارت محاولته إعادة فتح النقاش حول موضوع الأمومة البديلة (GPA) توترًا داخل الحزب.
منذ مغادرته منصبه في سبتمبر/أيلول 2024، يتمثل التحدي أمام رئيس الوزراء السابق في كيفية الحفاظ على حضور سياسي فعّال من دون تسرع أو ظهور في غير وقته.
وفي مؤتمر الحزب، يعد أتال بـ"تحول جذري" يقدّم من خلاله قراءة نقدية لـ"النظام المؤسساتي والاقتصادي والاجتماعي المنهك والمعاصر لعصرنا"، ويطرح رؤية "انقلابية كبرى" استعدادًا للانتخابات الرئاسية لعام 2027، بحسب صحيفة "لوموند".
وعلى مدار الأشهر الماضية، انتُخب أتال رئيسًا لمجموعة نواب الكتلة الرئاسية في الجمعية الوطنية في يوليو/تموز 2024، ثم رئيسًا للحزب في ديسمبر من العام نفسه، بعد أن تجاوز منافسته السابقة، رئيسة الوزراء إليزابيث بورن (2022-2024).
وقد أطلق عدة مشاريع لإعادة تنشيط الحزب، شملت عقد مؤتمرات موضوعية، وتوظيف كوادر جديدة، وإعادة هيكلة الفروع الحزبية، ونقل المقر، وحتى إطلاق استشارة لتغيير اسم الحزب، وهو ما لقي إشادة من أعضاء حزبه.
بفضل حزب منظم ومنضبط، ومع استعادته لـ"حريته السياسية"، ركز أتال على بناء مساره الشخصي استعدادًا للانتخابات الرئاسية المقبلة. ورغم أنه لم يعلن رسميًا ترشحه بعد، فإنه يستعد منذ عدة أشهر.
كذلك، يسعى أتال إلى فصل صورته عن الرئيس إيمانويل ماكرون. ومن أجل ذلك، أعلن في يوليو رغبته في تقديم "مسار جديد" للفرنسيين، ولم يتردد في توجيه انتقادات لساكن الإليزيه.
ودعا أتال، في مقابلة مع صحيفة "لو باريزيان" في 8 سبتمبر، إلى "تشارك السلطة"، وانتقد العديد من السياسات التي اتُّخذت منذ حل الجمعية الوطنية في يونيو/حزيران 2024.
ويطرح أتال مزيجًا جديدًا من سياسات ماكرون، يقوم على توجه يميني واضح في القضايا السيادية، إلى جانب تبنّي سياسات ليبرالية في الاقتصاد والمجتمع. كما يحرص على متابعة استطلاعات الرأي لتكييف مقترحاته مع أولويات الفرنسيين، بما في ذلك قضية الأمومة البديلة.
يرى بعض داعميه، مثل نائبة رئيس كتلة "معًا للجمهورية" ستيفاني ريست، أنه "يقوم بدوره كزعيم حزب عبر طرح أفكار جديدة في النقاش العام".
لكن استراتيجيته لا تخلو من معارضة داخلية؛ إذ يعتبر بعض النواب أن أسلوبه الإعلامي المبالغ فيه يقترب من الفوضى.
كما انتقده نائب الحركة الديمقراطية MoDem، ريتشارد راموس، قائلاً إنه "لا يعرف أين يقف، وانتقل من اليسار إلى أقصى اليمين".
وبالمثل، وجّه بعض البرلمانيين المقربين من إدوار فيليب وجيرالد دارمانان، اللذين يُنظر إليهما كمنافسين محتملين، اتهامات له بالافتقار إلى الصدق السياسي.
في حين يأسف الموالون لماكرون على هجماته تجاه الرئيس "الذي هو مدين له بكل شيء".
يخطط أتال لتكثيف نشاطه في الأسابيع المقبلة بلقاءات واستشارات متعددة، من بينها اجتماعه الثالث خلال عامين مع الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في 11 سبتمبر، إضافة إلى زيارات خارجية إلى لبنان وجنوب إفريقيا لتعزيز مكانته الدولية.
الأهم من ذلك، يسعى رئيس حزب "النهضة" إلى "الالتقاء بالفرنسيين" من خلال سلسلة زيارات تمتد يومين أو ثلاثة لبلدات صغيرة يقل عدد سكانها عن 5 آلاف نسمة، بهدف منحه "صورة سياسية أقرب إلى الناس"، بحسب مستشاره باتريك فينال.
وتبدأ الجولة في نهاية سبتمبر الجاري في إقليم إيرولت. كما يُتوقع أن ينشر أتال كتابًا يجمع بين السيرة الشخصية ومسودة برنامجه السياسي مطلع 2026، ضمن خطواته في السباق نحو الإليزيه.