أكد خبراء في الشأن الدولي، أن هناك جانب ضخم من دافعي الضرائب من الناخبين بالولايات المتحدة الأمريكية، يحملون داخلهم اعتراضات كبيرة تجاه من قاموا بإنفاق أموالهم كـ"ضرائب" لتمويل حروب وصراعات في دول أخرى، لاسيما بدعم أوكرانيا وإسرائيل.
وأوضح الخبراء أن ذلك قد يحمل انعكاساً كبيراً على الانتخابات الرئاسية المنتظرة، في وقت وصل فيه حجم الدين الأمريكي مؤخراً إلى أكثر من 35 تريليون دولار، بعد أن كان منذ 8 سنوات 16 تريليوناً، وسط اتهامات بأن إدارة الرئيس جو بايدن تتحمل هذه القفزة في ظل توجيه الإنفاق على الحروب ليتحمل "جيب" الناخب الأمريكي هذا العبء.
يقول المحلل السياسي والمختص في الشأن الأمريكي الدكتور حامد الصراف، إن هناك علاقة كبيرة لابد من التركيز عليها بين حجم الإنفاق لاسيما الخارجي و القطاعات العسكرية على وجه العموم، ومن جهة أخرى حجم الدين الأمريكي الذي يعارضه أعضاء الكونغرس .
ويبين "الصراف" في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن حجم الدين الأمريكي تضاعف بشكل مفجع، بعد أن كان قبل 40 عاماً أقل من تريليون دولار ليتجاوز الآن 35.4 تريليون دولار، وجزء من حجم هذا الدين تتحمله إدارة بايدن من 2020 حتى 2024، ليقع ذلك على عاتق المواطن الأمريكي نتيجة الضرائب المفروضة عليه بجانب تقليص المخصصات في القطاعات الخدمية، الصحة والتعليم والرفاه الاجتماعي، فضلاً عن الضرائب التي تفرض على البضائع والإنتاج.
ويوضح "الصراف" أن الصراع بين "الجمهوريين" و"الديمقراطيين" في هذه المرحلة، يركز على جانب مهم من قضية المخصصات المالية والمنح والحزم والمساعدات التي توجه إلى الخارج، والتي تعتمد في صلبها على أموال دافعي الضرائب.
وبين "لذلك رفع المرشح الجمهوري دونالد ترامب شعاراً انتخابياً فحواه "خروج أمريكا من النزاعات في العالم" ، وفي صدارتها أوكرانيا في ظل وعده بوقف الحرب في حال فوزه قبل وصوله إلى البيت الأبيض ، بالتزامن مع تشبيهه للرئيس الأوكراني زيلينسكي على أنه تاجر يسرق الأموال في كل زيارة لواشنطن؛ ما يؤثر على مستوى المعيشة والقوة الشرائية للمواطن الأمريكي.
ويضيف الخبير "أن ما يتعلق بدعم أمريكا لكل من أوكرانيا وتايوان وإسرائيل من أموال دافعي الضرائب، وصلت إلى أن هناك مخصصات جاءت بمجال عميق بلغ إلى درجة تهديد الكونغرس ومجلس الشيوخ لإدارة "بايدن" الأمريكية، بإغلاق التمويل للحكومة؛ ما يعتبر تهديداً بإسقاط هذه الإدارة.
وتابع الخبير "جاء ذلك نظراً لما دار من مساومات بين منظمات اللوبي الصهيوني "الايباك" ورئاسة الكونغرس، لتمرر حزمة موافقة بقيمة 95 مليار دولار منها 61 ملياراً إلى أوكرانيا للاستمرار في حربها ضد روسيا، بهدف هزيمتها عسكرياً واقتصادياً واستراتيجياً كمنافس للقطب الأوحد الأمريكي في ظل الذهاب إلى نظام دولي متعدد الأقطاب".
وقال الصراف إن"التخصيص الثاني ضمن هذه الحزمة كان لإسرائيل بـ 26 مليار دولار، وهذا يندرج تحت بند إنعاش الجانب الاقتصادي لـ"تل أبيب" في ظل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والحرب متعددة الجبهات، أما التخصيص الثالث فكان لـ"تايوان" بـ 8 مليارات دولار، للتصدي للصين".
فيما يؤكد الباحث في العلاقات الدولية نبيه واصف، أن هناك قطاعاً كبيراً من الناخبين لاسيما في الولايات المتأرجحة، يرفضون توجيه أموال الضرائب التي قاموا بسدادها إلى الدولة، والتي يجب أن تنعكس على حياتهم ولا يتم إنفاقها في الخارج عبر حروب ونزاعات بعيدة من وجهة نظرهم عن الولايات المتحدة.
وذكر واصف في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن الأزمة بشكل كبير أمام الناخبين الرافضين ضخ أموال ضرائبهم في هذه الصراعات والحروب، تكمن بوضوح فيما يتعلق بالدعم الأمريكي لكييف في الحرب مع روسيا، وهو الدعم الذي يعتبر الأكبر من حيث الحجم، أما مقارنة من حيث النسبة والتناسب فإن الأموال التي ضخت لدعم إسرائيل أضخم في فترة لم تتجاوز الـ6 أشهر، ومن المؤكد أن هذه الأموال تضاعفت خلال الشهرين الأخيرين مع ما جاء من الحرب الإسرائيلية على لبنان لمواجهة حزب الله.
ولفت "واصف" إلى أن الدعم الأمريكي لإسرائيل حاضر بشكل أكبر بين الناخبين الرافضين صرف أموال الضرائب التي يسددونها في حروب بالخارج، ولكن لا يتم الإعلان عن ذلك، ويكون التركيز على حرب أوكرانيا ورفضهم لدعم الحروب بشكل عام دون الخوض في الدعم للحرب الإسرائيلية، حتى لا يتعرضوا في الداخل إلى تهم قائمة حول المساس بأي دعم يقدم إلى إسرائيل، في ظل تحكم منظمات سياسية وإعلامية في ولايات عدة على الساحة السياسية بشكل يخدم تل أبيب.
ويرى "واصف" أن ما هو معلن وتمت الموافقة عليه من مساعدات أمريكية إلى "كييف" منذ بداية الحرب وحتى منتصف 2024 ، ما بين مساعدات إنسانية وعسكرية يتجاوز 150 مليار دولار، و آخر ما تم الإعلان عنه في حوالي 6 أشهر بعد بداية الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023 من مساعدات عسكرية ونقدية ما يصل إلى 50 مليار دولار، ما بين حزم ومخصصات مباشرة وأخرى غير مباشرة.
واستكمل "واصف"، أنه من المفترض أن هذه الأموال تؤثر على عدة أمور تخص مستوى المعيشة والخدمات، خاصة أن هناك ولايات يعاني سكانها على مستوى الدخل نظراً لانعكاسات الحرب لاسيما في أوكرانيا.