logo
العالم

روسيا تنفض غبار الدفاع.. هجوم جديد يهدد بإعادة رسم خرائط أوكرانيا

روسيا تنفض غبار الدفاع.. هجوم جديد يهدد بإعادة رسم خرائط أوكرانيا
عناصر من الجيش الروسيالمصدر: رويترز
07 يوليو 2025، 8:17 ص

لم يعد الأمر مجرد جولات قصف متبادلة أو تراشق صاروخي محدود، فروسيا التي أمضت أشهرا تلو أخرى في بناء خطوط دفاعية محصنة، قررت هذه المرة خلع رداء التحفظ، وأطلقت يد جيشها في موجة هجوم يهدد بإعادة رسم خرائط أوكرانيا وخيارات الغرب معا.

ووفقا للمراقبين، تؤكد المعطيات الميدانية أن روسيا استثمرت في تعزيز قدراتها الهجومية طويلة المدى، بدءا من إنتاج صواريخ "أوريشنيك" المتوسطة المدى بأرقام قياسية تضاعفت نحو 17 مرة، وصولًا إلى تكثيف ضربات العمق ضد المنشآت الأوكرانية، مثل الهجوم الدموي على منشأة عسكرية في بولتافا الذي أسفر عن عشرات القتلى.

أخبار ذات علاقة

ترامب وبوتين وزيلينسكي

دون الانجرار إلى مواجهة مفتوحة.. كيف خططت أمريكا لإنهاك روسيا؟

الرد على الضربات الأوكرانية

الاندفاعة الروسية جاءت ردّا على ضربات أوكرانية طالت قواعد استراتيجية في العمق الروسي، حيث استهدفت طائرات مسيرة قواعد "تو-95" النووية وسيبيريا نفسها، في تطور لم يكن مألوفا في بداية الحرب. 

ومع تزايد استهداف الرموز العسكرية الروسية ومحاولة "كسر الهيبة النووية"، بدا واضحا أن القيادة الروسية لم تعد تعتبر الحرب مجرد صراع حدود، بل اختبار وجودي طويل الأمد.

ورغم طموح روسيا في فرض أمر واقع بالقوة، تواجه استراتيجيتها تحديات هيكلية، ضعف تحصين قواعد الطيران الاستراتيجي بسبب التزامات "ستارت-3"، وفشل الدفاعات الجوية في صد المسيرات الصغيرة، إضافة إلى حرب الاستنزاف الأوكرانية عبر تفجير السكك الحديدية وتكتيك "القضم المضاد". 

وتزامنا مع توسيع مصانع السلاح وتوطين خطوط الإنتاج،  ترسم موسكو معالم "حرب استنزاف هجومية" في محاولة لتحدي الغرب وإرهاق أوكرانيا، وتظل نجاح هذه المغامرة مرهونًا بتجاوز الثغرات الدفاعية ويبقى معها التساؤل، هل هذه المرحلة انتقال تكتيكي أم استراتيجية.

بناء منطقة عازلة

يؤكد الخبراء أن روسيا تتحول من الدفاع إلى الهجوم متوسط المدى، مستغلة انشغال واشنطن بوقف إمدادات السلاح لكييف، لتوسيع سيطرتها على الأقاليم الأربعة وبناء منطقة عازلة داخل الأراضي الأوكرانية.

في تصريحات لـ"إرم نيوز"، يقول الخبراء، إن الضربات الأخيرة التي استهدفت منشآت عسكرية ولوجستية تمثل رسالة حازمة بأن موسكو عازمة على تحقيق أهدافها العسكرية، دون الاكتراث بتصريحات الغرب أو الدعم المستمر لأوكرانيا.

مواقف غربية عاجزة

ويضيف الخبراء، أن المواقف الغربية بدت عاجزة عن توفير دعم كامل لكييف لأسباب سياسية، في ظل ولاية ترامب الحالية التي قد تكون كارثية على زيلينسكي؛ إذ يفضل ترامب التركيز على مواجهة الصين وترك الأوروبيين وحدهم. 

ويوضح الخبراء، أن هذا الوضع يضع أوكرانيا أمام خيارات صعبة، إما القبول بتقسيمها أو مواصلة الحرب حتى انهيارها، مع استمرار استنزاف الجيش وخطر الانقلاب الداخلي، بينما تستفيد موسكو من إطالة أمد الصراع لتعزيز نفوذها التفاوضي والعسكري.

بداية، يقول كارزان حميد، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأوروبية، إن روسيا تشن منذ أسبوع هجمات واسعة النطاق على أوكرانيا، مستغلة انشغال الإدارة الأمريكية بوقف إمدادات السلاح للجيش الأوكراني، وتسعى إلى توسيع سيطرتها على الأقاليم الأربعة التي احتلتها بعد عام 2022، إضافة إلى تعزيز نفوذها في شرق وجنوب أوكرانيا وبناء منطقة عازلة داخل الأراضي الأوكرانية.

الأهداف العسكرية لموسكو

ويؤكد المحلل السياسي لـ"إرم نيوز" أن هذا التصعيد يعكس جدية موسكو في تحقيق أهدافها العسكرية ضمن ما تسميه "العملية العسكرية الخاصة"، وهو ما أكده بوتين لترامب خلال المكالمات الهاتفية التي جمعتهما قبل أيام، بأن روسيا لن توقف الحرب إلا وفق شروطها الاستراتيجية.

ويشير إلى أن الواقع الميداني قد يختلف عن الخطاب السياسي، فبالرغم من تمسك الكرملين بأحقيته في الأقاليم الأربعة واحتفاظه بشبه جزيرة القرم، هناك خطط عسكرية للتقدم جنوبا نحو مدينة أوديسا وشمال الشرق باتجاه مدينة سومي.

ويضيف الخبير في الشؤون الأوروبية، أن موسكو تبذل جهودا كبيرة لإنهاء المرحلة الأولى من خطتها العسكرية خلال الصيف الحالي، تمهيدا للانتقال إلى المرحلة الثانية بعد الخريف، والتي ستشمل الزحف إلى مناطق جديدة خارج الأقاليم الأربعة مع استمرار استهداف العاصمة كييف ومدن غرب أوكرانيا.

تدخل أمريكي في المفاوضات 

وتابع قائلا: "كلما طال أمد الحرب، صب ذلك في مصلحة موسكو تفاوضيا وميدانيا، خصوصا مع فشل محاولات عقد مفاوضات مباشرة بين الجانبين، وآخرها هذا الأسبوع في إسطنبول، حيث انسحبت أوكرانيا مجددا وعلقت باب الحوار على أمل تدخل أمريكي لصالحها".

بوتين وترامب في لقاء سابق

التقسيم أو مواصلة القتال 

وأضاف بأن زيلينسكي يواجه خيارين أحلاهما مر، إما تقسيم أوكرانيا على غرار ما حدث في برلين، أو مواصلة القتال حتى تدمير ما تبقى من البلاد وفقدان المدن الشرقية والجنوبية؛ بما قد يؤدي إلى إنهاك الجيش وربما نشوء تمرد أو انقلاب داخلي.

ويشير كارزان حميد، إلى أن هذا الخوف يفسر التغييرات المستمرة في رئاسة أركان الجيش الأوكراني والقيادات العسكرية العليا؛ إذ يسعى زيلينسكي لمنع تشكل مجموعات موالية داخل المؤسسة العسكرية قد تُستخدم لاحقا ضده.

ويؤكد حميد، إن روسيا أمامها فرصة حتى نهاية العام الحالي لحسم مصير أوكرانيا، إما بإبقائها دولة ضعيفة ومنقسمة، أو بتحويلها إلى دولة منهارة تماما بلا قدرة على النهوض لعقود.

المفاوضات ومماطلة غربية 

ومن جانبه، يقول د. نزار بوش، أستاذ العلوم السياسية بجامعة موسكو، إن فشل مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول وتأجيل الجولة الثالثة وما وصفه بـ"مماطلة الغرب"، دفع موسكو لإرسال رسائل عسكرية واضحة مفادها إذا لم يكن هناك خيار للحل السياسي، فالحسم سيكون عسكريا.

ويوضح بوش في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الولايات المتحدة وحلفاءها في الغرب أعلنوا مرارا استمرارهم في تزويد أوكرانيا بالأسلحة، وهو ما اعتبرته موسكو مبررا لتغيير استراتيجيتها التفاوضية والتوجه نحو تصعيد واسع.

ويؤكد أن الضربات الروسية الأخيرة استهدفت مطارات عسكرية ومنشآت لوجستية وسككا حديدية تُستخدم في نقل الأسلحة الغربية إلى الداخل الأوكراني، مؤكدا أنها رسالة واضحة لواشنطن وحلفائها بأن روسيا مستعدة للتصعيد إذا استمر الدعم العسكري لكييف.

وفي تصريحاته، يشدد بوش على أن موسكو لا ترى أن الدعم العسكري الغربي سيغير مسار الحرب، معتبرا أن الرد الروسي هو "تدمير هذا السلاح قبل أن يُستخدم"، وتوقع استمرار الضربات الروسية اليومية ضد المنشآت العسكرية والصناعية في كييف وبعض المباني المدنية التي يُعتقد استخدامها لأغراض عسكرية.

تكتيك روسي جديد

ويوضح الخبير في الشؤون الروسية، أن روسيا تعتمد تكتيكا جديدا يهدف للضغط على الغرب، مفاده أنها لن تتراجع عن أهدافها حتى لو اجتمعت القوى الغربية كلها ضدها.

ويرى بوش أن هذا التصعيد قد يقود في النهاية للعودة إلى طاولة المفاوضات؛ لأن استمرار الحرب ينذر بصراع عالمي شامل لا يصب في مصلحة أي طرف.

ويشير إلى أن روسيا لن تتنازل عن أهدافها الأساسية منذ 2022، وعلى رأسها جعل أوكرانيا دولة حيادية ونزع سلاح الفصائل القومية والاحتفاظ بالمناطق التي ضمتها.

ويرجح نزار بوش، أنْ تواصل موسكو توسيع نفوذها وربما تسعى لإنشاء منطقة عازلة في مناطق مثل سومي وخاركيف، وقد تمتد لاحقا إلى أوديسا.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC