logo
العالم

"توازن هش".. ماكرون يتحرك لاستعادة القيادة من رئاسة الحكومة الفرنسية

"توازن هش".. ماكرون يتحرك لاستعادة القيادة من رئاسة الحكومة الفرنسية
إيمانويل ماكرونالمصدر: رويترز
07 يوليو 2025، 3:07 م

رأى خبراء سياسيون فرنسيون أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لم يعد يكتفي بدور المراقب في المشهد السياسي الداخلي، بعد عام على قراره المفاجئ بحل الجمعية الوطنية. فمع غياب الأغلبية البرلمانية، وتزايد الفوضى في الحكومة، أظهرت تحركات الرئيس الأخيرة رغبة واضحة في استعادة القيادة من خلف الكواليس. 

ويرى باحثون في الشأن الفرنسي أن ماكرون يختبر حدود سلطته مجددًا، بينما يحذّر خبير قانوني من تداعيات تضارب الصلاحيات بين الإليزيه وماتينيون (قصر الحكومة) في ظل هذا التوازن الهش.

وقال الباحث السياسي جان-لوك موران، من معهد الدراسات السياسية في باريس، لـ"إرم نيوز" إن "ماكرون يحاول إعادة التوازن إلى المشهد التنفيذي، مضيفاً: "لكن دون أغلبية نيابية، فإن استراتيجيته تظل محفوفة بالمخاطر، خاصة إذا ما تحول تدخله في مهام الوزراء إلى صراع صلاحيات مفتوح".

وأشار إلى أن "ماكرون يسعى إلى استعادة صورته كقائد حاسم قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة. لكن هذا لا يغير حقيقة أن مركز الثقل في الحكم قد انتقل مؤقتًا إلى ماتينيون، وماكرون يدرك أن عليه المناورة بدقة".

وبعد عام على قرار حل الجمعية الوطنية، القرار الذي جرد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فعليًا من أغلبيته البرلمانية، وأجبره على ترك زمام الملفات اليومية للحكومة، بدا وكأن الرئيس اختار التراجع خطوة إلى الوراء، تاركًا لرئيس الحكومة إدارة الأزمات، رغم المشهد الحكومي الذي يتسم بالفوضى وغياب الانسجام.

ووفقاً للباحث السياسي الفرنسي، فقد ظهرت في الأيام الأخيرة، مؤشرات لا تخطئ تدل على أن ماكرون لم يعد مرتاحًا لدور المتفرج في المشهد السياسي الفرنسي.

ولفت إلى أن أولى هذه الإشارات كانت الصورة العائلية للحكومة الجديدة بقيادة فرانسوا بايرو، والتي التقطت بعد 7 أشهر من تعيينه، وظهر فيها ماكرون شخصيًا رغم غيابه عن صور مماثلة لحكومات سابقة، كحكومة ميشيل بارنييه التي أسقطها البرلمان في ديسمبر 2024.

تدخل مباشر في الخلافات داخل الحكومة

ويوم الخميس الماضي، تدخل ماكرون علنًا لوقف ما وصفه بـ"الفوضى الوزارية"، قائلًا للصحافة: "الوزراء يجب أن ينشغلوا بالسياسات التي يديرونها... إذا بدأ كل وزير يتدخل في كل شيء، فلن يكون لدينا حكومة".

وبدا هذا الكلام موجّهًا بشكل مباشر إلى وزير الداخلية برونو ريتايو، الذي نشر في اليوم ذاته مقالًا في صحيفة "لوفيغارو" دعا فيه إلى "إعادة بناء قطاع الطاقة النووية ووقف تمويل الطاقات المتجددة".

المقال أثار غضب وزيرة التحول البيئي، أنييس بانير-روناكيه، التي وصفته بـ"غير المسؤول والشعبوي"، مؤكدة أن هذه اللغة لا تليق بمن يدّعي أنه رجل دولة. أما ريتايو، فرد بعد ساعات عبر شاشة "بي.إف.إم" التلفزيونية الفرنسية قائلاً: "إذا تفاجأ البعض من أن اليمين يدافع عن الطاقة النووية، فقد تأخروا كثيرًا في فهم الواقع".

أخبار ذات علاقة

ماكرون وبايرو

"لوموند": ماكرون يُضعف موقع بايرو بسبب فوضى التصريحات الحكومية

ماكرون يدعو إلى الانضباط

وفي ظل هذا التوتر، دعا الرئيس إلى "ضبط الخطاب السياسي"، في تلميح إلى رئيس الوزراء فرانسوا بايرو، الذي وصف حكومته بـ"فريق من الوزن الثقيل"، مضيفًا أن "فريقا من هذا النوع لا يمكن إدارته كما تُدار صفوف الأطفال".

ولك يكتف ماكرون بالتصريحات، بل بدأ استعادة حضوره على الأرض، من خلال زيارة ميدانية إلى منطقة أفيرون الخميس الماضي لدعم قطاع جبن الروكفور، واستغل المناسبة لإحياء الجدل حول وجود الذئاب في الريف الفرنسي، وهو ملف كان خارج أولوياته سابقًا.

كما يخطط، وفق ما نقلته إذاعة "إر.تي.إل"، لعقد اجتماع مع مجموعة من الوزراء يوم الاثنين المقبل في الإليزيه، للاطلاع على تقدم العمل في موازنة 2026 – وهي مهمة كانت سابقًا من صلاحيات رئيس الحكومة.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

حل البرلمان لا يزال على الطاولة.. هل يُكرّر ماكرون "المقامرة"؟

  بدوره، قال الخبير القانوني فرانسوا بيلون، المختص بالقانون الدستوري في جامعة باريس 2، لـ"إرم نيوز": "إن الرئيس لا يملك صلاحية التدخل اليومي في سياسات الوزراء وفق روح النظام شبه الرئاسي، وأي تضارب ظاهر قد يُستخدم سياسيًا ضد الإليزيه، ويُضعف موقع ماكرون أكثر".

وأشار بيلون إلى أن تحركات ماكرون الأخيرة لا تبدو عفوية أو رمزية، بل تعبر عن محاولة مدروسة لاستعادة المبادرة في مشهد سياسي يتخبط في الفوضى والانقسام. 

وأوضح أنه مع اقتراب استحقاقات سياسية كبيرة، يبدو الرئيس عازمًا على استرجاع صورته كقائد، رغم القيود الدستورية والتوازنات السياسية الدقيقة التي تحكم عمله في المرحلة الحالية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC