الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"

logo
العالم

فرنسا.. حسابات سياسية معقدة تعلق مناقشات ميزانية 2026

البرلمان الفرنسيالمصدر: رويترز

في لحظة سياسية شديدة الحساسية داخل المشهد الفرنسي، تجد حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون نفسها أمام معركة برلمانية معقّدة حول مشروع قانون مالية 2026، حيث يتداخل ضغط المُهل الدستورية مع الانقسامات السياسية الحادّة في الجمعية الوطنية (البرلمان). 

أخبار ذات علاقة

البرلمان الفرنسي يناقش ميزانية الضمان الاجتماعي لعام 2026

فرنسا.. "إرهاق النواب" يعطل إقرار ميزانية 2026

وبينما ترجع الحكومة قرارها المفاجئ تعليق جلسات التصويت إلى "الإرهاق" و"الإيقاع غير المحتمل" لمناقشة آلاف التعديلات، يرى خبراء أن ما يجري يتجاوز مسألة التنظيم البرلماني إلى حسابات تكتيكية دقيقة لتجنب هزيمة محتملة.

يوم الأربعاء، أعلنت الحكومة أن لجان الجمعية الوطنية لن تجتمع نهاية هذا الأسبوع، كما كان مقررًا، للتصويت على مشروع قانون مالية 2026، في قرار أحدث استياءً واسعاً لدى اليسار وأعاد فتح التساؤلات حول خطة الحكومة ومداها السياسي والبرلماني.

الحكومة أرجعت تعليق الجلسات إلى عبارة "الإيقاع" و"الإرهاق" داخل القاعة، فالوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان لوران بانيفوس قال إن وتيرة العمل الحالية لا تسمح بإنهاء فحص الألف وتسعمئة تعديل المتبقية، فيما دفع بعض النواب أنفسهم بطلب تعليق مؤقت، مستشهدين بسوء ظروف العمل والإرهاق.

مواقف متباينة

القرار أثار اتهامات فورية من قوى اليسار التي اعتبرت أن الإجراء يندرج في إطار مناورة تهدف إلى إجهاض إمكانية التصويت على ميزانية يرفضونها. 

ووصفت زعيمة نواب حزب الخُضر، سيريل شاتيلان، قرار التعليق بأنه "غير مقبول" وهددت بأنّ لدى المعارضة أدوات للضغط، فيما أعلن نواب من أحزاب اليسار أنهم سيسحبون عدداً من تعديلاتهم لتسهيل إمكانية التصويت إذا تطلّب الأمر ذلك.

وحتى داخل صفوف المعارضة الأوسع، سواء من اليسار أو من يمين الوسط، ظهر تباين واضح، إذ ساندت بعض الكتل التوقف مؤقتاً بدعوى "تعذر العمل في ظروف سليمة"، فيما اعتبر آخرون أن التعليق لا يعدو كونه غطاءً لمناورة حكومية.

مسار الميزانية

وعلى الخط الرسمي، تتقدم المواعيد الدستورية كعامل ضغط متزايد، فالجمعية الوطنية مطالبة بإحالة النص إلى مجلس الشيوخ قبل منتصف ليلة 23 نوفمبر الحالي، وإلا ستعرقل الإجراءات التشريعية المعتادة.

وبينما يتراجع الوقت، يتعاظم النقاش حول خيارات بديلة قد تضطر الحكومة للجوء إليها، ومن بينها استخدام أدوات دستورية لتسريع المسار، مثل "اللوائح الخاصة" أو إصدار أوامر تشريعية، وهي آلية قد تُخفف الضغط الزمني لكنها قد تشعل الخلافات السياسية.

الضرائب والمعاشات

وفي خضم هذه التجاذبات، برزت معركة الضرائب والاقتطاعات على المعاشات بوصفها محوراً أساسياً في المشهد. 

وقد شهد النقاش البرلماني انتصاراً جزئياً للنواب الرافضين لحذف خصم 10٪ على المعاشات، بعدما حاولت الحكومة في النسخة الأولى استبداله بمنح قسطي بقيمة 2000 يورو لتحقيق وفورات تُقدر بـ1.2 مليار يورو، غير أن رفض اليسار واليمين التقليدي أطاح بالمقترح، ما أفقد الحكومة أحد مصادر الإيرادات المتوقعة. 

إلى ذلك، تصاعدت النقاشات حول فرض ضرائب جديدة على الشركات متعددة الجنسيات وعلى "الزيادات الكبيرة في الأرباح"، وهي مقترحات وصفها بعض نواب الحكومة بأنها "جنون ضريبي".

"حالة من اللايقين "

وفي قراءة تحليلية خاصة لـ"إرم نيوز"، قال برونو كورتييه، أستاذ العلوم السياسية والباحث في معهد الدراسات السياسية بباريس: إن تعليق الجلسات "يعكس حالة من اللا يقين حول آلية إقرار الميزانية". 

واعتبر أن سيناريو اللجوء إلى قانون خاص أو إلى الأوامر التشريعية يبقى مطروحاً. 

أخبار ذات علاقة

مبنى الجمعية الوطنية الفرنسية

البرلمان الفرنسي يرفض تعديلا حكوميا يمس معاشات المتقاعدين

وأضاف: "الحكومة ستستطيع لاحقاً القول إنها منحت البرلمان كامل الوقت للنقاش، فيما قد تكون المعارضة قد أنهكت نفسها عبر مئات التعديلات، ما يجنب الحزب الاشتراكي اتخاذ موقف واضح من التصويت على مشروع رئيس الحكومة سيباستيان ليكورنو.. بشرط أن يكون تعليق إصلاح التقاعد مثبتاً بمرسوم". 

ويشير كورتييه أيضاً إلى أن هناك "إرهاقاً كبيراً داخل معسكر ماكرون واليمين من الكم الهائل من الإبداعات الضريبية التي يطرحها اليسار".

إرهاق أم تكتيك

ومع استمرار هذا المناخ المضطرب، يبقى السؤال: هل تواجه المؤسسات فعلاً حالة إرهاق برلماني حقيقي تبرّر التوقف، أم أن الأمر لا يعدو كونه خطوة تكتيكية مدروسة لإعداد الأرضية لخيارات حكومية أكثر حسماً؟ 

الإجابة ستتضح في الأيام المقبلة، بالتزامن مع الحسم في ملفات أخرى حساسة داخل مشروع قانون المالية، من رسوم الطرود الصغيرة إلى زيادات محتملة على رسوم الطوابع الخاصة بتصاريح الإقامة، مروراً بمراجعات ضريبية تستهدف الشركات الكبرى، وهي ملفات تبقى معلقَة أمام ضغوط سياسية متباينة وسط ساعة دستورية تضيق يوماً بعد يوم.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC