ألغى النواب الفرنسيون مادة من مشروع قانون المالية لعام 2026، كانت تنص على إنهاء التخفيض الضريبي بنسبة 10% على معاشات المتقاعدين واستبداله بمبلغ ثابت قدره ألفي يورو، ما أعاد لهذه الفئة امتيازًا ضريبيًا قديمًا.
وجاء القرار خلال اجتماع لجنة المالية بالجمعية الوطنية، بعد رفض الغالبية النيابية للمقترح الحكومي الذي سعى لتحقيق وفورات في الميزانية على حساب المتقاعدين، في وقت شدد فيه نواب على ضرورة عدم سد عجز المالية العامة من جيوب الفئات الهشة، بينما تنتظر الحكومة التصويت على المادة يوم الجمعة المقبل.
ويتضمن مشروع قانون المالية الفرنسي لعام 2026 تعديلا جوهريا في طريقة احتساب الضريبة على معاشات التقاعد، عبر إلغاء الخصم النسبي الحالي البالغ 10% والخاضع لسقف محدد، واستبداله بخصم ثابت قدره 2000 يورو لكل متقاعد أو لكل أسرة خاضعة للضريبة، وفق الصيغة التي اقترحتها الحكومة، بحسب صحيفة "ويست فرانس" الفرنسية.
وتؤكد الحكومة الفرنسية أن هذا خطوة ضرورية لتحقيق وفورات إضافية ضمن مساعيها لضبط عجز الميزانية العامة، مبرّرة ذلك بأن نظام الخصم النسبي الحالي يصبّ، في بعض جوانبه، في مصلحة الفئات الأعلى دخلًا.
غير أن مقترحها واجه رفضا واسعا داخل البرلمان، حيث قال النائب كورنتان لو فور من حزب اليمين الجمهوري إن "المتقاعدين سيعانون أصلًا من تجميد معاشاتهم العام المقبل، ولا يمكن إضافة عبء ضريبي جديد عليهم"، كما أكدت النائبة كلير لو جون من حزب فرنسا الأبية أن "الإجراء سيكون ضارًا بكل من يتجاوز معاشه 1660 يورو شهريًا" في حال تطبيقه.
وفي موازاة ذلك، رفض النواب أيضا مقترحا حكوميا يقضي بإلغاء الامتيازات الضريبية على نوعين من الوقود الحيوي، هما البيوإيثانول والبيوديزيل المستخرج من بذور اللفت، مؤكدين أن رفع الضرائب على هذه المنتجات سيؤثر سلبا على المستهلكين والقطاع الزراعي.
وتتواصل مناقشات الجزء المالي من الموازنة حتى مساء الأربعاء، وسط تباينات حادة بين الحكومة والبرلمان حول كيفية تحقيق التوازن المالي دون الإضرار بالفئات الاجتماعية الهشة.
وأظهرت دراسات وتحليلات اقتصادية سابقة أن إلغاء الخصم النسبي أو استبداله بخصم ثابت قد يحدث تفاوتًا ملحوظًا في الأعباء الضريبية بين فئات المتقاعدين، إذ قد يخفف العبء عن الفئات الأقل دخلًا، لكنه في المقابل يزيد الضغط على شريحة واسعة من أصحاب الدخل المتوسط، ما قد ينعكس سلبًا على مستوى معيشة أسرهم، خاصة مع تجميد الزيادات السنوية في المعاشات.
وتشير تقارير اقتصادية واستقصائية نشرت خلال الأشهر الماضية إلى أن حزمة الإجراءات المقترحة في مشروع الموازنة قد تؤثر سلبًا على دخل غالبية الأسر التي تضم متقاعدًا، وهو ما يفسّر الحساسية السياسية الكبيرة المحيطة بهذا الملف.
ورغم أن لجنة المالية حذفت النص المتعلق بإلغاء الخصم النسبي من مشروع القانون، فإن القرار لا يزال قابلًا للتغيير أو التأكيد عند عرضه على الجلسة العامة للجمعية الوطنية.
ومن المنتظر أن تعود المسألة إلى قاعة البرلمان يوم الجمعة، خلال مناقشة الجزء المتعلق بالإيرادات في مشروع قانون المالية، حيث يمكن للأغلبية النيابية أن تثبّت موقف اللجنة أو تعيد النظر فيه.