logo
العالم

بعد الأزمات المتعددة.. فرنسا بين "الماكرونية" والشلل السياسي

إيمانويل ماكرونالمصدر: رويترز

بعد إعادة انتخاب إيمانويل ماكرون في ربيع 2022، بدا أن فرنسا ستشهد فترة من الاستقرار واستمرارية السياسات، ولا سيما بعد تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا وجائحة كوفيد-19. 

وجاءت الانتخابات الرئاسية قصيرة وهادئة، إذ فاز ماكرون بولاية ثانية، بينما حققت مرشحة اليمين المتطرف، مارين لوبان، أعلى نسبة أصوات لها على الإطلاق، بنسبة 45% في جولة الإعادة.

وذكرت صحيفة "أوراسيا ريفيو" أن "الأزمة المتعددة" التي تواجه فرنسا وأوروبا سرعان ما ظهرت، فصعود حزب التجمع الوطني وارتفاع الامتناع عن التصويت أدَّيا إلى فقدان حزب ماكرون الحاكم للأغلبية المطلقة للمرة الأولى منذ 25 عامًا؛ ما ترك الرئيس في موقف صعب مع برلمان مجزَّأ. 

وفي محاولة لتخفيف الجمود، دعا ماكرون إلى انتخابات تشريعية مبكرة في صيف 2024، لكنها فشلت مرة أخرى في تأمين أغلبية واضحة أو رئيس وزراء مستقر.

أخبار ذات علاقة

مسلح تابع لحماس في غزة

مناقشات ما بعد الحرب.. فرنسا وبريطانيا تتحركان لإنشاء قوة دولية في غزة

يضع النظام الفرنسي، القريب من الهيكل البرلماني الهجين، الرئيس كحاكم عام بينما يحدد رئيس الوزراء، المدعوم من البرلمان، السياسات الوطنية. 

وعندما لا يتوافق الرئيس مع توجهات رئيس الوزراء، كما يحدث في حالة "التعايش"، يتركز دور الرئيس على الشؤون الإستراتيجية والدفاعية والخارجية، بينما يتولى رئيس الوزراء قيادة السياسة الداخلية.

صعود على الساحة العالمية

ركّز الرئيس ماكرون منذ 2022، جهوده على السياسة الخارجية، ممثلًا فرنسا في القمم الدولية ومحافل التعاون متعدد الأطراف.

وأبرزت مبادراته في منطقة المحيطين الهندي والهادئ التزام فرنسا بالإستراتيجية الدفاعية المنشورة عام 2019 والمحدثة في 2025، بما في ذلك شراكات إستراتيجية مع الهند وزيارات لدول لم تطأها قدم أي رئيس فرنسي من قبل، مثل فانواتو وبابوا غينيا الجديدة وسريلانكا ومنغوليا.

كما شارك ماكرون في اجتماعات مجموعة العشرين في إندونيسيا والهند، وAPEC في تايلاند، وترأس منتدى حوار شانغريلا 2025؛ ما عزز نفوذ فرنسا الأمني والدبلوماسي في المنطقة. 

أخبار ذات علاقة

الرئيس الفرنسي ايمانيول ماكرون

فرنسا.. مرشح للرئاسة يدعو لرحيل ماكرون وأوليفييه فور يُحذّر لوكورنو

تضمنت المبادرات العسكرية انتشار قوات فرنسية وتمارين مشتركة مع شركاء، مثل: الهند وألمانيا، وإسبانيا، وبريطانيا، أبرزها تمرين "تارانج شاكتي" في قاعدة سولور الجوية.

إلى جانب ذلك، أظهر ماكرون دورًا قياديًّا في قضايا الشرق الأوسط، بما في ذلك مبادرة الاعتراف بدولة فلسطينية مع ولي العهد السعودي، والوساطة في لبنان، فضلًا عن تنسيق المواقف الأوروبية بشأن أوكرانيا مع وصول ترامب إلى الرئاسة، مؤكدًا رؤية "الطريق الثالث" أو "الاستقلال الإستراتيجي" الفرنسي متعدد التوجهات.

التحديات المستقبلية

ورغم حماية نشاط ماكرون الخارجي من تداعيات الأزمة الداخلية، تبقى المخاطر قائمة على الصعيد الوطني؛ إذ يحتاج الرئيس إلى التعامل مع السياسة الفرنسية المعقدة لتجنب انهيار الإدارة والاقتصاد، مثل: ضرورة إقرار الميزانية قبل نهاية العام لتجنب أزمة مالية أو حكومية.

وفي غياب انتخابات تشريعية جديدة، سيظل الرئيس محدودًا في ترشيح رئيس وزراء قادر على تمرير إصلاحات كبرى دون أغلبية واضحة؛ ما يجعل تشكيل ائتلاف برلماني لكل مشروع قانون أمرًا بالغ الأهمية.

ومع عدم جدوى خيار الاستقالة قبل نهاية الولاية عام 2027، قد يجد ماكرون الإلهام من الديمقراطيات البرلمانية الأخرى، مثل: برلين ونيودلهي، لتطبيق فن الحكم ضمن ائتلافات برلمانية ناجحة، موازيًا بين التحديات الداخلية والطموحات الإستراتيجية العالمية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC