قال خبراء فرنسيون إن نجاة رئيس الوزراء سيباستيان لوكورنو من تصويتين لحجب الثقة في البرلمان، اليوم الخميس، تفتح الباب أمام معركة برلمانية محتدمة حول موازنة فرنسا لعام 2026 والإصلاحات المستقبلية.
وفي مواجهة سياسية محتدمة، تم رفض مقترحي حزب فرنسا الأبية والكتلة اليمينية المتطرفة (التجمع الوطني) بسحب الثقة من الحكومة، ما منح لوكورنو مهلة للبقاء في السلطة والعمل، فيما اعتبر الخبراء هذا الانتصار بأنه "مؤقت".
وفشل مقترح السحب الذي تقدّمت به LFI بحصوله على 271 صوتًا، أي أقل بـ 18 صوتًا من العدد المطلوب (289) لإسقاط الحكومة. أما مقترح التجمع الوطني، فقد حصد 144 صوتًا فقط، وهو ما جعله بعيدًا عن القدرة على تغيير المعادلة السياسية.
ومع رفض السحبين، قال لوكورنو أمام الصحفيين عند خروجه من الجمعية الوطنية: "لنبدأ العمل"، وأضاف أن "النقاشات لا بد أن تبدأ، وقد انطلقت بالفعل".
في الأسابيع الأخيرة، سبقت محاولات سحب الثقة تصريحات قوية من قوى اليسار واليمين، حيث تحدثت رئيسة الكتلة النيابية لحزب "فرنسا الأبية" ماثيلد بانو، عن مقاومة شعبية وبرلمانية.
وهددت بإعادة تقديم اقتراح عزل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وقالت بانو إن لوكورنو وماكرون "في وضع مؤقت"، ويواجهان حسابًا أمام الرأي العام.
من جانبه، شن رئيس التجمع الوطني، جوردان بارديلا، هجومًا لاذعًا على النواب الذين رفضوا سحب الثقة، واصفًا إياهم بأنهم "سيكونون مسؤولين عن المعاناة التي ستلي".
وبهذا الصدد، قال أستاذ العلوم السياسية في معهد باريس للعلوم السياسية، تيري شوبان، إن نجاة لوكورنو من سحب الثقة، اليوم الخميس، ليست سوى استراحة مؤقتة، معتبرًا أن ما حدث يشير إلى هشاشة التحالفات داخل البرلمان الفرنسي.
ورأى شوبان، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "الحكومة التي تعمل بأغلبية مشروطة تُخاطر بأن تواجه إعادة احتساب كل قرار بدلًا من دعم شامل".
واعتبر أن الخطوة التي قام بها لوكورنو بتعليق إصلاح التقاعد مؤقتًا، غالبًا ما تكون شرطًا مقبولًا مؤقتًا للكتل البرلمانية، محذرًا "ستختبر الحكومة قُدرتها على التحمل الاجتماعي والاقتصادي، ليس فقط بقاءها السياسي".
بدورها، قالت أستاذة التسويق السياسي والعلاقات العامة المتخصصة في الحملات الانتخابية والتأثير الإعلامي في السياسة الفرنسية، إيميلي دريون، إنه بينما نجت الحكومة من السحب، فإن التمويل الإعلامي والمواقع الرقمية ستصبح ساحة المعركة المقبلة.
وقالت دريون، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن "لوكورنو الآن مدين ليس فقط لقدرته البرلمانية، بل لكيفية تواصله مع الجمهور الفرنسي. لم يعد كافيًا أن تبقى الحكومة قائمة؛ بل يجب أن تُظهر حضورًا فعّالًا عبر الإعلام لتثبيت ثقة المواطنين".
ومع إعلان النجاة من سحب الثقة، تبدأ الآن بطولة موازنة العام 2026، التي تُعد بمثابة الامتحان الأكبر للحكومة الضيقة الغالبية.
وحذر عدد من المصادر السياسية الفرنسية من أن دعم الاشتراكيين، لم يكن وقفًا مطلقًا، وأن ولاءهم سيكون مشروطًا بمكتسبات ملموسة، خاصة في قضايا الضرائب الكبرى والعدالة الاجتماعية، بحسب صحيفة "لوموند".
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن رفض استخدام المادة 49.3 من الدستور (التي تسمح بتمرير القوانين دون تصويت برلماني) يمهد ساحة معركة برلمانية عميقة، حيث ستكون كل مادة في مشروع الميزانية محلّ نقاش وتصويت.