في خضم الأزمة السياسية الحادة التي تعصف بفرنسا، تصاعدت التحذيرات والضغوط على حكومة سيباستيان لوكورنو، فيما دعا أبرز المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية إلى رحيل الرئيس إيمانويل ماكرون بشكل عاجل لتفادي فترة طويلة من عدم الاستقرار.
أوليفييه فور، الأمين الأول للحزب الاشتراكي وعضو الجمعية الوطنية، كان ضيفاً على قناة "فرانس 2 "، بعد ساعات من فشل محاولة حجب الثقة عن حكومة لوكورنو، حيث حذر فور رئيس الحكومة قائلاً: "إذا لم يلتزم بتعليق إصلاح التقاعد، فإن الحكومة ستواجه الحجب".
وقال فور: "إذا لم يتم الوفاء بالالتزامات، فإننا سنغادر"، مؤكداً أن رئيس الوزراء ملزم بالوفاء بتعهده أمام البرلمان، وإن لم يفعل، فسيتم حجب ثقته، مضيفا: "إنه يعلم ذلك جيداً ليس لديه خيار آخر".
وكان لوكورنو قد أعلن خلال عرضه للسياسة العامة أمام النواب في 14 أكتوبر تعليق الإصلاح، سواء فيما يتعلق بالعمر القانوني للتقاعد أو مدة الاشتراكات، مؤكداً أن التعليق "دون هدف" لا معنى له، مشدداً على ضرورة ضمان توازن النظام المالي وتمويله للأجيال القادمة.
من جانبه، اعتبر الرئيس إيمانويل ماكرون أن التضحية بهذا الإصلاح الهام في سبيل استقرار البلاد، كانت خطوة "مؤلمة للجميع"، لكنه أكد أن القرار كان ضرورياً للحفاظ على الاستقرار السياسي.
في المقابل، جاء موقف إدوار فيليب، رئيس حزب "هورايزون"، يمين وسط، وعمدة لوهافر، ليضيف بعداً جديداً للأزمة، إذ صرح على قناة "فرانس 2" أن استقالة ماكرون المبكرة بعد اعتماد الميزانية ستكون "القرار الوحيد الشريف" لتجنب 18 شهراً من عدم اليقين والأزمة السياسية.
كما اعتبر فيليب أن الأزمة الحالية ليست مجرد أزمة برلمانية، بل تعكس تراجعاً في سلطة الدولة وشرعية المؤسسات، داعياً إلى تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة قبل انتهاء ولاية ماكرون عام 2027.
ورداً على الانتقادات حول علاقته بماكرون، نفى فيليب وجود أي "خلاف شخصي"، مشيراً إلى أنه لم يسعَ للحصول على مناصب، ولا يسعى للبقاء في الحكومة بعد خروجه منها عام 2020.
وأوضح أن تعليق إصلاح التقاعد يُعد "تنازلاً مبالغاً فيه"، كما أعرب عن شكوكه حيال استخدام لوكورنو للمواد الدستورية مثل المادة 49.3، واصفاً إياها بـ"رهان محفوف بالمخاطر".
يذكر أن هذه التطورات تأتي بعد فشل مارين لو بان في تحقيق هدفها السياسي للإطاحة بحكومة لوكورنو عبر حجب الثقة، ضمن استراتيجيتها التصعيدية التي تهدف إلى حل البرلمان أو دفع ماكرون للاستقالة.
وقد أثبتت نتائج التصويت أن القوميين معزولون داخل البرلمان، إذ لم يحصل اقتراح لو بان على سوى 144 صوتاً بعيداً عن الأغلبية المطلوبة.
لكن مزيج هذه التحذيرات من أوليفييه فور، ودعوات إدوار فيليب لرحيل ماكرون، يعكس حجم الأزمة السياسية العميقة في فرنسا، ويضع الحكومة الحالية أمام اختبار حقيقي لاستقرارها وقدرتها على تنفيذ الإصلاحات الكبرى مثل إصلاح التقاعد، وسط مخاطر تصعيد الأزمة البرلمانية والقضائية والسياسية قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة.