رأى خبيران، أن الموقف الروسي الرافض للهجمات الإسرائيلية على إيران، هو موقف مبدئي ومتسق مع القانون الدولي، لكنه لا يعني استعدادًا فوريًا للتدخل العسكري.
وفي تطور دراماتيكي على خريطة التوترات الشرق أوسطية، وجهت موسكو إنذارًا سياسيًا صريحًا ضد الهجمات الإسرائيلية المتكررة على إيران، محذَّرة من أن الاستمرار في استهداف المنشآت النووية قد يفتح أبواب "كارثة نووية" تهدد الأمن الدولي بأكمله.
وبيّن الخبيران لـ"إرم نيوز"، أن الدعم الروسي لإيران لا يزال في إطار التصريحات السياسية، والمواقف الدبلوماسية، لافتاً إلى أن اتفاقية الشراكة بين موسكو وطهران لا تنص على التزامات عسكرية مباشرة، بخلاف الاتفاق الدفاعي مع كوريا الشمالية، ما يجعل احتمالات تدخل روسيا عسكريًا في الوقت الراهن مستبعدة.
وذكر الخبيران أن تحول النزاع إلى حرب شاملة بين إيران والولايات المتحدة قد يدفع موسكو إلى تفعيل بنود الدعم العسكري، بما يشمل تزويد طهران بمنظومات دفاع جوي، وأسلحة متقدمة، رغم أنه سيناريو لا يزال بعيدًا في ظل طبيعة المواجهة غير المباشرة حاليًا.
وقال رامي القليوبي، الأستاذ الزائر بكلية الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد في العاصمة موسكو، إن روسيا لن تقدم دعماً عسكرياً مباشراً لإيران، مشيراً إلى أن اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة، التي وُقعت، مطلع العام الحالي، لا تُلزم موسكو بأي التزامات عسكرية.
وأوضح لـ"إرم نيوز"، أن هذه الاتفاقية تختلف جوهريًا عن الاتفاق الموقع، مؤخرًا، بين روسيا وكوريا الشمالية، الذي يشمل تعاوناً دفاعياً مباشراً، حيث أُرسل بموجبه جنود كوريا الشمالية إلى مقاطعة كورسك الروسية، في خطوة تعكس طبيعة الالتزامات العسكرية المتبادلة.
وأضاف القليوبي أن الدعم الروسي لطهران سيبقى محصورًا في الإطارين السياسي والدبلوماسي داخل المحافل الدولية، ولن يتطور إلى تدخل عسكري مباشر، مشيرًا إلى أنه في أقصى الاحتمالات، قد تقدّم روسيا دعماً تقنياً محدوداً مثل تزويد إيران بأسلحة دفاعية، لكن هذا الخيار لا يضمن نتائج فعّالة.
وأشار إلى أن تزويد روسيا لإيران بمنظومة صواريخ "S-300" لم يمنع إسرائيل من تنفيذ سلسلة هجمات جوية عنيفة العام الماضي، أدت إلى تدمير معظم تلك المنظومات.
وأضاف القليوبي، أن روسيا تستفيد من التصعيد الراهن على عدة مستويات، أبرزها: ارتفاع أسعار النفط، وانشغال الغرب بالتوتر في الشرق الأوسط، مما يخفف الضغط على الجبهة الأوكرانية، ويخدم المصالح الروسية، لذلك فإن التدخل المباشر لوقف الحرب لا يمثل أولوية لموسكو في الوقت الحالي.
بدوره اعتبر المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، الدكتور محمود الأفندي، أن تصريحات وزارة الخارجية الروسية بشأن الهجمات الإسرائيلية تُعد "روتينية ومتوقعة" في ضوء ما تمثله تلك الهجمات من انتهاك واضح للقانون الدولي، خاصة مع تكرار اختراق الأجواء الإقليمية دون تفويض من مجلس الأمن.
وأشار لـ"إرم نيوز" إلى أن الموقف الروسي ينبع من تحذير استباقي إزاء تهديد حقيقي للأمن الدولي، إذ إن استهداف منشآت حيوية أو نووية قد يؤدي إلى تصعيد إقليمي واسع، ويجر أطرافاً أخرى إلى النزاع، بما يهدد الأمن السياسي والاقتصادي العالمي، ويؤثر، بشكل مباشر، على أمن الطاقة.
وأضاف الأفندي أن تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز ينذر بكارثة اقتصادية عالمية، حيث قد تقفز أسعار النفط إلى مستويات قياسية، ربما تصل إلى 250 دولارًا للبرميل، ما يعني دخول العالم في أزمة اقتصادية حادة وغير مسبوقة.
وأشار إلى وجود اتفاقية إستراتيجية بين موسكو وطهران تنص على تقديم دعم عسكري في حال اندلاع حرب مباشرة، لكنه شدد على أن الوضع الحالي لا يصنف كحرب شاملة، بل يندرج ضمن عمليات عسكرية غير مباشرة، ولا تشمل مواجهات ميدانية مفتوحة.
وذكر الأفندي أنه في حالة تطور النزاع إلى مواجهة مباشرة بين إيران والولايات المتحدة، واستخدام واشنطن لقواعدها العسكرية وأسطولها البحري، فإن روسيا قد تتدخل عسكريًا، من خلال تزويد إيران بمنظومات دفاع جوي وأسلحة متقدمة، وربما دعم جوي أيضاً، خاصة إذا تطورت المواجهة إلى اجتياح بري.
ونوه إلى أن "إسرائيل ليست في وضع يؤهلها لخوض حرب شاملة ضد إيران، نظرًا لعدم امتلاكها أسطولاً بحرياً ضخماً، فضلًا عن صعوبة تنفيذ اجتياح بري يمر عبر 3 دول للوصول إلى الأراضي الإيرانية، ما يجعل توجيه ضربة مباشرة ناجحة أمراً مستبعداً".
وأكد الأفندي أن الدعم الروسي لإيران يبقى في الأساس سياسيًا، مع استعداد موسكو للعب دور الوسيط في النزاع، كونها الجهة الوحيدة التي تحتفظ بقنوات اتصال مفتوحة مع جميع الأطراف (الولايات المتحدة، إسرائيل، وإيران)، وهو ما يمنحها فرصة حقيقية لقيادة مسار سياسي نحو التهدئة إذا رغبت طهران في الخروج من دوامة التصعيد.